تواجهنا يوميا" مواقف متعددة تتطلب منا الاختيار بين أمرين او أكثر ، بل أحياناً" تكون مصيرية مثل اختيار الكلية التي تدرسها او المهنة التي ستعمل بها او اختيار الزوج المناسب ، اختيار مكان العمل ، اختيار الاصدقاء او الحلفاء ...
والسؤال الاهم كيف تختار؟ ما هي المعايير التي اعتمدتها لذلك ؟ هل تقوم اختياراتك ؟ هل انت تجيد ممارسة الاختيار ؟
كيف تتخذ قراراتك ؟ هل تختار المناسب ؟ هل هي عملية حظ أم هي عملية مكتسبة ؟
هل أنت مرن أم جامد ؟ هل أنت صديق نفسك المفضل أم تعتمد على الآخرين لتشعر بقيمتك ؟
لا شك أن القرارات التي نتخذها قد تحمل لنا المستقبل والخير وأحيانا" التعاسة والشر ، هنا يتوجب أن نتوقف عند اتخاذ قراراتنا
ندرسها جيدا" وندرس المتغيرات من حولها ومتطلبات كل مرحلة وقراءة لواقع وتطلعات المستقبل القريب لنختار الافضل لنا .
كنت مع صديق لي اعتز بمكانته وخبرته الحياتية والادارية وشغل مواقع مختلفة من الادارة قال لي لو عدت الى موقعي لغيرت عدد كبير من القرارات التي اتخذتها بتلك الفترة , فأدركت أهمية الوقت والزمن المناسبين باتخاذ القرارات ، وموثوقية ودقة المعلومات التي تتخذ عليها القرارات ، وتبدلات السياسات مع الزمن فما يباح اليوم قد يكون محرما" بالماضي .
وتقسم القرارات الى قرارات متسرعة أو متأخرة أو متصلبة أو عقلانية .
بل اعتبر بعض العلماء والباحثين أن حياتك عبارة عن مجموعة من الخيارات التي تتخذها .
اعتقد أن عملية الاختيار هي ممارسة واكتساب ، ويجب أن نخلقها بأجيالنا منذ الطفولة بل ويجب أن نعززها أسريا" ومجتمعيا"
ولا بئس أن أدخلناها جزءا" من برامجنا التعليمية بدلا" من أن تكون فقط في اختباراتنا الفحصية في الجامعات ، الاسئلة متعددة الخيارات.
وعندما يستشيرني طلابي بعد التخرج عن بعض المهارات والسلوكيات الواجب اكتسابها للنجاح المهني والاجتماعي ادفعهم باتجاه
تطوير وتعميق الفكر المتعلق بالادارة وفنها وممارستها واللغات ومهارات التواصل الانساني .
ولعل من الامور التي ساهمت في نجاحاتي الحياتية هو تخصصي بالادارة بداية حياتي المهنية في معهد التنمية الادارية بجامعة دمشق لما له الدور الاكبر في إكسابي مهارات التنظيم والتخطيط والتقويم والاختيار وكلها متطلبات نمارسها يوميا"ولعل سورية غنية بهذه المراكز والمؤسسات التعليمية .
كلما علمنا أجيالنا الشابة الاختيار المناسب المبني على النهج العلمي والتحليل والعقلانية وقراءة الواقع ومتطلبات المستقبل كلما خلقنا جيل يؤمن بثقافة الاختيار بل ويمارسها ويحسن الاختيار ، هذا ينعكس بدوره على مجتمعنا ومستقبلنا لأننا نضمن اختيار الأفضل للفرد والأفضل للمجتمع والأفضل القادر على تحمل المسؤولية والافضل عندما نمارس الانتخاب .
لنعمل معا" جميعا" على خلق وتكريس هذه الثقافة في مجتمعاتنا ( ثقافة الاختيار ) .
* الدكتور رشاد مراد نقيب اطباء الاسنان في دمشق