إن حق الإنسان في الحرية من أهم وأقدس الحقوق وأقدمها، فهي تعني بإطلاقها عدم وجود أي نوع من القيود
إلا أن هذا المعنى لا ينسجم مع واقع الحال. فالإنسان لا يعيش وحيداً بل في جماعات مع أقرانه، و ترسم حدود حريته بما ينسجم مع معنى الحرية المقننة التي لا تتحقق إلا بوجود قيود وحدود قد رضي هو نفسه بها وفق ما يسمى تجرداً بالعقد الاجتماعي الذي ينبع من فلسفة الجماعة، بما تعنيه كلمة الفلسفة من عقيدة وشرائع اجتماعية واقتصادية وسياسية، لذلك جاءت الشرائع السماوية والوضعية لتؤكد حرية الفرد وتؤطرها وفق أطرٍ وحدود، ولتضمن هذه الحرية وتحميها وفق مفهومها الذي حددته مسبقاً.
وقد جاء في معظم القوانين والدساتير مواد متعددة تنص على حق الإنسان في الحرية، وتعاقب من يعتدي على هذا الحق. كما جاء في المادة 25 من دستور الجمهورية العربية السورية:
1- الحرية حق مقدس، وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة.
3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.
4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
وتقول المادة 26 منه أن: لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وينظم القانون ذلك. وتنص المادة 27 منه على ممارسة المواطنين حقوقهم وتمتعهم بحرياتهم وفقاً للقانون، وتحدد المادة 28 أنّ كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم،ولا يجوز تحرّي أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون، ولا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. أما حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء فهو مصون بالقانون.وتنص المادة 32 على سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية مكفولة وفق الأحكام المبينة في القانون. كما نص الدستور على حماية الحرية في إطارها النوعي كحرية التنقل مثلاً.
و قد نص قانون العقوبات السوري على عقاب من يعتدي على حرية الآخرين في المادة 555كما يلي:
1- من حرم آخر حريته الشخصية بأية وسيلة كانت عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين..
كما نصت القوانين الدوليّة على حماية حرية الأشخاص، كما جاء في شرعة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.لنلمس هنا العديد من التجاوزات لنصوص الدستور والقانون ما يدلّ على ضعف في تنفيذ هذه القوانين والمواد الدستورية والتعدي الواضح عليها. فالتشريع أتى بمواد تكفل الحريات، لكن هل نفذت تنفيذاً صحيحاً؟ ما يعني وجود خلل في مكان ما له علاقة بتكامل القوانين وتناغمها بعضها مع بعض.