تحيَّةً طيِّبةً .. و بعد ..
أكتب هذه الرِّسالة وأنا في منفاي .. أجلس في سريري الَّذي اعتدت الجلوس عليه لأقرأ أو أتفرَّج إلى التِّلفاز أو أكتب .. أو آكل ! .. و حتَّى و أنا أتحدَّث إلى زوَّاري ..
هنا .. في منفاي الَّذي بتُّ أشعر فيه .. بأنَّه ملاذي الأوَّل و الأخير .. كم بكيت و كم ضحكت .. و كم فكَّرت و كم يئست .. و كم صلَّيت ....
كم شعرت .. و كم حكيت ! ...
الجميع حولي يشعرون بأنِّي غريب .. و أحياناً كثيرة .. يعبِّرون عن حبِّهم و نصحهم ....
كم حاولت بعدها أن أتغيَّر .. أن أعود إلى دنياي الَّتي أحببتها في السَّابق لكن .... ظلَّت تلك أمنية ً غير معروفة الزَّمن ؛ متى تتحقَّق ...
أنظر في كلِّ يومٍ إلى من حولي .. أجدهم متعاطفين معي من حينٍ لآخر ؛ لكن .. ما يفيد العطف و نحن في منفىً .. بعيداً .. عمَّن يجب أن نكون معهم ...
و كلَّما مرَّ زمنٌ .. بَعَُدَ الأمل .. و كأنَّ الأمل جامدٌ في أوَّل الزَّمان .. و نحن نوشك أن ننتهي ....
حقيقةً .. أودُّ لو أنَّ أحداً ممَّن يقرأ رسالتي هذه .. يردُّ عليَّ و لو بجوابٍ صغير .. كيف الوطن ؟؟؟؟؟!
و أخشى أن أكون فظَاً لو أنِّي طلبت الإجابة عن شيءٍ صغيرٍ آخر ... كيف الحبّ ؟ .. والصَّبر ؟ و ال .... آسف .. حقّاً أنا آسف .. !!
أظنُّ أنَّ هنالك أشياء كثيرةً أودُّ السُّؤال عنها و أنا في المنفى ..
هل أعود ؟ ........
باختصار.
أظنُّه سؤالاً يفي بالغرض ..
فليجبني أحدٌ ممَّن يقرأ أو يسمع نصِّي هذا عن سؤالي الأخير فقط .. فأظنُّه يشمل كلَّ ما يمكن السُّؤال عنه ..
لقد اشتقت لكم و أنا في المنفى .. اشتقت إلى وجوهكم .. إلى أصواتكم .. إلى كلماتكم .. نصحكم .. ضحكاتكم و صراخكم .. صدقكم .. هزلكم و جدِّكم .. محبَّتكم ؛ الَّتي هي من قلوبكم .. // كلُّها // ..
و على ذكر قلوبكم .. كيف حالها ؟ .. أما زالت تنبض ؟؟؟ ..
أما زالت تحتفظ بتلك الدقَّات الخاصَّة كلَّما رأت هذا الجسد النَّحيل ؟ .. و تلك العينين الصَّغيرتين ؟ .. أم أنَّها أصبحت صورةً مغبرَّةً غير واضحة .. لشيءٍ يبدو أنَّه كان لطيفاً .... لا أكثر ؟ ..
لا يهمّ .. فلا أريد أن أطيل عليكم كي لا تملُّوا من قراءة سطوري و كلماتي الَّتي ربَّما لا تنتهي بسهولةٍ و سرعة ..
أرجو .. عندما تصلكم رسالتي هذه .. و عند قراءة اسم المرسل .. أن لا تنظروا بتعجُّبٍ إلى بعضكم .. مستنكرين اسمه .. محاولين التَّذكُّر ؛ دون جدوى ..
أرجوكم بدل ذلك .. و مباشرةً قبل الاستنكار و محاولة التَّذكُّر .. ارموها في سلَّة المهملات .. فذلك أهون ..... و صدِّقوني .. لن أتوقَّف عن إرسال رسائل تذكِّركم بكلِّ ما فات من الماضي الجميل ..
//// و ارموها .... أينما شئتم ...
ففي المنفى .. يظلُّ الحنين .. يجعلنا نكذب على أنفسنا بأنَّ الجميع هناك .. ينتظروننا ..............
المرسل :
إنسان .. مع حبِّي