news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الليرة السورية في ذمة المصرف المركزي ... بقلم : د. محمد فادي القرعان

هل فشلت السياسات النقدية في كبح ارتفاع الدولار  ؟؟؟ !!!!


يمكن إرجاع أسباب انهيار سعر صرف الليرة السورية إلى موجة الهروب من النقد السوري وقد اتخذ هذا الهروب شكل استبدال للعملة السورية بعملات صعبة. حيث أن الطلب على الدولار بدأ يزداد مع بدء الأزمة السياسية مع العلم أن أسعار السوق السوداء والرسمية في بداية الأزمة السياسية كانت حوالي 47.5 ليرة سورية مقابل الدولار.

كما يؤدي نظام الصرف العائم إلى تهافت الناس على شراء الدولار نتيجة اعتماد نظام التحرير المالي الذي يسمح للأفراد والشركات بفتح حسابات بنكية داخل وخارج سورية وتحويل العملات الصعبة في أي وقت كما يسمح النظام التجاري باستيراد جميع أنواع السلع من الخارج

 

كل ذلك في ظل فشل ما يسمى بسياسات التصحيح الهيكلي بواسطة سعر الصرف, وهي كناية عن مجموعة من الإجراءات تطبقها الدول التي تعاني من عجز المالية العامة وعجز ميزان المدفوعات لديها. إن حجر الزاوية في سياسات التصحيح هذه, يتمثّل بخفض سعر صرف العملة الوطنية. ويعوّل على هذا الخفض, لإضعاف قدرة البلد المعني على الاستيراد, ولتحفيز صادراته, التي يجعلها هذا الخفض بالذات, ذات مقدرة تنافسية اكبر في الأسواق العالمية.

 

سعر صرف العملة يمكن أن يكون ثابتًا أو متحركًا أو مرنًا. ويكون ثابتًا, إذا تم تحديد سعر صرف رسمي للعملة, وأوكل للإدارة الحكومية المختصّة الحفاظ على هذا السعر. ويكون متحركًا أو مرنًا, إذا سمحت الدولة لقوى السوق, أي لعناصر العرض والطلب على العملات الأجنبية فيه, أن تحدد هذا السعر. وفي هذه الحالة, يكون سعر الصرف معوّمًا بالكامل. أما إذا كلف البلد المعني, المصرف المركزي مهمة الحد من حركة سعر الصرف صعودًا وهبوطاً, فيكون نظام الصرف المعتمد, هو نظام التعويم الجزئي. وإذا تمكن المصرف المركزي من تثبيت سعر الصرف الاسمي, بحيث لا تطرأ عليه إلا تغييرات طفيفة, يكون نظام الصرف المعتمد, هو نظام الصرف المعوّم الزاحف.

 

لجأت الدولة إلى خفض سعر صرف العملة كحافز للإستثمار. ويفترض أن يتيح خفض سعر صرف الليرة السورية أضعاف القدرة على الاستيراد وتطوير القدرة على التصدير, إلا أن سياسة التصحيح الهيكلي تنعكس انحسارًا اقتصاديًا حين تقلص القدرة على الاستيراد, من دون أن يترتب عليها تطوير لقدرته على الإنتاج والتصدير.

 

و يبدو أن الحكومة السورية تناست أنه من الصعب في ظل الهياكل الإنتاجية المشوهة الاستفادة من خفض سعر صرف الليرة السورية, لزيادة حصص البضائع السورية في الأسواق الخارجية. وتتحمل الحكومة الحالية والحكومات السابقة المسؤولية المباشرة في حصول هذه التطورات الحزينة عاما بعد آخر.

متطلبات الخروج من الأزمة :

- إن شرط اعتماد سعر صرف مرن (التعويم ) هو وجود سياسة تحوّل اقتصادي, يصار لتطبيقها, ويعوّل عليها لتحقيق مشروع التنمية الذي لم تنجح سورية في تحقيقه حتى هذا التاريخ. وإذا استطاعت الحكومة توفير متطلبات التحول الاقتصادي, يمكن اعتماد سعر صرف مرن للعملة الوطنية. ويكتسب هذا الأخير تبريره عندئذً, من كونه مرتبطاً باعتماد سياسة صناعية بنيوية الطابع. إضافة إلى توفر إدارة حكومية كفوءة وفعالة, يجري تنسيب أفرادها على قاعدة الكفاية والاستحقاق فقط,

 

- بناء صناعة وطنية تمتلك ميزات تنافسية تجعلها قادرة على التصدير إلى الأسواق الدولية. ويتطلب تحقيق هذا الأمر, تدخلاً فعالاً وانتقائيًا من قبل الإدارة الحكومية على هذا المستوى. ويقوم هذا التدخل على تقديم حوافز وأشكال حماية ودعم متعددة ومتنوعة للمؤسسات التي ستنشأ, على أن تلتزم هذه المؤسسات بتنفيذ الخطط الحكومية الموضوعة, التي تهدف لبناء قدرة تنافسية دولية للاقتصاد الوطني.

- استقلالية المصرف المركزي، وتحريره من الإقراض المباشر وغير المباشر للقطاع العام ( ديون الدولة للمصرف المركزي بلغت 318 مليار ليرة سوريا في نهاية العام 2009، أي ما يعادل 6,8 مليارات دولار) وهذا شرط أساسي لتعزيز قدرة المصرف على التحكم بالكتلة النقدية وحماية المجتمع السوري من التضخم.

 

- اللجوء إلى سياسة تجميد الأجور والأسعار. وقد شكلت فرنسا, طوال خمسين عامًا (1936- ¬1986), نموذجًا ناجحًا لضبط التضخم, بواسطة سياسة المداخيل والأسعار, أي بإقامة رقابة دائمة على تطورهما, وتجميدهما من وقت لآخر لفترة محدّدة, وليس بواسطة أدوات السياسة النقدية التقليدية. هذه السياسة تبقى مهددة بالفشل إذا لم تعمد الحكومة إلى إيجاد حلول للضغط الخارجي الكبير (استنزاف الدين الخارجي للمداخيل الوطنية بالعملات الصعبة وبغيرها). وتبني إستراتيجية تنمية جديدة, تهدف لتطوير القدرة الإنتاجية الوطنية السورية

 

 

* الدكتور محمد فادي القرعان

دكتوراه في المحاسبة والمالية (المملكة المتحدة البريطانية) ، عضو هيئة تدريسية في قسم العلوم المالية والمصرفية- كلية الاقتصاد (جامعة حلب) ، محاضر الدراسات العليا (كلية الحقوق) ، استاذ محامي ومحاسب قانوني. مستشار في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP)، خبير (قضاء مجلس الدولة). شغل عدة وظائف أكاديمية في جامعات الامارات العربية المتحدة وبريطانيا، شارك في العديد من المؤتمرات الدولية و له عدة أبحاث منشورة ومساهمات في كتب مطبوعة عالميا باللغة الانكليزية.

2012-01-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)