سوريا بين التسويف والعناد
ليس ما وقع في مجلس الأمن الدولي ليل السبت ـ الأحد انتصاراً لموقف النظام السوري في مواجهة مطالب شعبه المحقة التي تأخر في تلبيتها ـ وهي حقوقه بالمطلق ـ بأكثر ممّا يجوز.
لم يذهب الشعب السوري بقضيته إلى مجلس الأمن، أولاً لأنه لا يرى في هذا المجلس مرجعاً للعدالة، بل هو يعرف عنه عبر تاريخه المباشر كما عبر مختلف قضايا الحق العربية التي طرحت عليه مراراً، تحت عنوان فلسطين الأرض، وتحت عنوان حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، أنه كان وباستمرار ينصر المعتدي الإسرائيلي على صاحب الحق، ويساند الغرب المهيمن ضد أصحاب الحقوق من شعوب الأرض المستضعفين.
لقد صادر التدخل الدولي، بتواطؤ عربي رسمي موثق بالصوت والصورة، «المسألة السورية» نتيجة تباطؤ النظام غير المبرّر في مباشرة تنفيذ وعوده الغامضة حول المباشرة في تنفيذ الإصلاح الموعود، وهو تباطؤ كانت له تداعيات موجعة ليس فقط على المستوى الأمني بل وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي، مما بات يهدد فعلاً موقع القلب في الوحدة الوطنية التي ظلت على امتداد دهر التقلبات والانقلابات السياسية صامدة تحمي الوطن بأهله وتحمي الأهل بهويتهم العربية الجامعة.
نعم كان هنالك كم كبير من المراسيم الإصلاحية والقرارات التي كنا نسمعها من خلال الاعلام ولكن كانت تسوف إلى اجل غير محدود أحياناً وإلى فترات زمنية قد تطول .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لو ان هذه المراسيم والقرارات صدرت قبل الإحداث وبدأ التطبيق ؟؟
الجواب هنا يفرض نفسه إلا وهو استماتة الشعب في المضي قدماً مع الإصلاحات والوقوف سداً منيعاً لعدم
حدوث ما يجري على الأرض الآن ,لان كل قرار إصلاحي بل كل خطوة إصلاحية بات الشعب يعتبرها مجرد تهدئة نفوس وتطيب خواطر وابر تخدير وفقدت كل مصداقيتها .
في بداية الإحداث كان الحوار مع المعارضة الداخلية ممكن وكان يمكن ان يجدي نفعا وعدم وصول الأزمة إلى ما هي عليها الآن لكن هذا الطرح كان مستبعدا من قبل ساسات النظام وأركانه لثقتهم بأن ما حدث هو عبارة عن أزمة مرحلية وسيتم التغلب عليها بفترة وجيزة لكن حساباتهم غيرت الأمر الذي جعل الحل الأمني يسيطر على ارض الواقع ولم تعد هناك اي خيارات بديلة واختلط الحابل بالنابل لتلعب أيادي خارجية من خلال ضعاف النفوس من أصحاب السلطة والعموم على حد سواء.
واليوم لقد وصلت الأزمة إلى شهرها الحادي عشر وما تزال دماء السوريون من مدنيين وعسكريين تنزف على ارض الوطن الغالي دون أية بوادر لحل الأزمة الأمر الذي أدى إلى استفحال المعارضة الخارجية وباتت تتحرك كما تريد وهدفها الوحيد إسقاط النظام ورفض الحوار مع النظام بعد ان طرح تكليف نائب رئيس الجمهورية لمحاورتهم على أساس الإصلاحات والتعديدية السياسية التي كانت حلم الشعب.
ونهاية المطاف الشارع السوري هو المتضرر الاول والأخير نتيجة لمطرقة التسويف وسندان العناد.
فيا ساسة النظام والمعارضة فلتكن مصلحة الوطن والمواطن هي الهدف الرئيس والخير لكم حل مشاكلكم بالحوار بمصداقية وشفافية فلا روسيا و الصين وايران وامريكا وفرنسا وبريطانيا ودول العالم قاطبة تخاف على الشعب السوري وعلى سوريا -فهي تدافع عن مصالحها وأسواقها التجارية -أكثر من السوريون أنفسهم.
فلقد بلغ السيل الزبى وبات المواطن السوري يتحمل أعباء الحياة وهو يعيش بخوف وقلق من المجهول.