من أروع ما أكرم الله به الإنسان العقل القادر من خلاله أن يتفكر فيما يجري من حوله فإذا ما تجرد الإنسان عن عواطفه وميوله و وئد نزواته ومصالحه الضيقة تبين له الغي من الرشد
و إذا ما أضفنا إلى ذلك الجرأة والشجاعة بادر ذاك الإنسان إلى البوح عن قناعاته و النتائج التي ترتبت على اعتماده العقل والمنطق في بحثه وتحليله للأحداث التي دأب على متابعتها لحظة بلحظة مطلعاً على الحجج والبراهين التي يعتمدها كل طرف في الذود عن قناعاته.
كان لابد لي من تلك المقدمة قبل أن ابدأ بإثارة الكثير من التساؤلات والاستفسارات التي تجول في خاطري ولا تفارقني عندما يتبادر إلى مسامعي كلمات ومفردات تصنّف ما يجري في سورية ضمن خانة المؤامرة.
تلك الاستفسارات والتساؤلات أضعها في عهدة أنصار نظرية المؤامرة, ليبادروا سريعاً إن أمكن للإجابة عليها وتوضيحها وتفنيدها على أن يعتمدوا العقل وسيلة والمنطق منهاجا بعيدا عن العواطف والنزوات والشتائم والتخوين والمزايدات.
فمن يفكر بالتآمر على أمر ما لابد أن يجد في ذاك الأمر شيئا مميزا ليتآمر عليه دون غيره من الأمور فبالله عليكم ما الذي نتميز به عن سوانا حتى يتم التآمر علينا.
1-هل المؤامرة تستهدف الرخاء الاقتصادي الذي يتنعم به الشعب السوري والذي تحسدنا عليه الدول المتآمرة, فسوريا هي قبلة للعمالة العربية والأجنبية حيث نستقبل سنويا مئات الآلاف من العمال العرب والأجانب الذين يقصدون سوريا للعمل هربا من الفقر والعوز الذي تعانيه دولهم في حين لا يغادر المواطن السوري وطنه شرقا وغربا إلا بقصد السياحة.
2-هل المؤامرة تستهدف الحياة السياسية في سورية و التي تتصف بالتعددية الحزبية والانتخابات النزيهة بشقيها البرلماني والرئاسي فلا حزب يتفرد في حكم الشعب دون غيره من الأحزاب بل أحزاب كثيرة تتنافس في خدمة الوطن والمواطن والذي يتمتع بكامل الحرية في الانتساب لأي حزب شاء و في اختيار ممثليه في البرلمان ومقعد الرئاسة من خلال صندوق الاقتراع والغرفة السرية التي تتواجد في كافة مراكز الاقتراع السورية أمام مرأى ومسمع وكلاء المرشحين وبحضور المراقبين محليين ودوليين وعدسات التلفزة المستقلة, وتلك الحياة السياسية الراقية تفتقدها بالطبع الدول الأوربية فكان لابد لفرنسا و بريطانيا وايطاليا تلك الدكتاتوريات و أنظمة الحزب الواحد أن تتآمر على الحياة السياسية البرلمانية الراقية في سورية .
3-هل المؤامرة تستهدف المساواة و العدالة الاجتماعية التي يتفيئ بظلالها جميع أبناء الوطن فلا فضل لأحد على أحد ولا حصانة لأحد والجميع متساوون أمام القضاء السوري النزيه المستقل عن أي حزب أو تيار فالقوي عند قضائنا ضعيف حتى يؤخذ الحق منه والضعيف قوي حتى يؤخذ الحق له فسوريا غدت من العدل الذي يسودها الجمهورية الفاضلة, و بين الحين والأخر نسمع عن توقيف القضاء السوري لمدير هنا ووزير هناك بقضية فساد أو اختلاس لأموال الشعب أو سوء استخدام للسلطة وكثيرا منهم تم استضافتهم ببرنامج الشرطة في خدمة الشعب.
وبالطبع الدول الأوربية المتآمرة دول شمولية تعتمد حكم الأسرة والعشيرة تستهدف النيل من هذا النموذج الراقي في العدالة الاجتماعية وتكافئ الفرص والقضاء النزيه خشية أن تتطلع شعوبهم التي ترزح تحت حكم الاستبداد إلى ما نعيشه فتثور على ظالميها مطالبة باستيراد المنهج السوري وتطبيقه لما فيه من مبادئ سامية تحترم حقوق الإنسان وتدافع عنه؟
4-هل المؤامرة تستهدف الأعمال البطولية التي تنفذها المقاومة السورية العقائدية المسلحة على جبهة الجولان والتي أجبرت العدو الصهيوني تحت ضرباتها على الانسحاب المذل للصهاينة من هضبة الجولان االمحررة بعدما كبدت العدو الصهيوني على مدى سنوات الاحتلال الماضية خسائر مادية وبشرية كبيرة,و كذلك تستهدف المؤامرة الانجازات على المستوى الأمني والتي نحققها بين الحين والأخر داخل كيان العدو من اغتيالات لجنرالات صهاينة وأعمال بطولية نوعية في قلب الكيان الصهيوني وكان أخرها اغتيال مسئول إسرائيلي كبير على صلة بمفاعل ديمونة,في الوقت الذي ينشغل فيه الموساد و الشاباك وغيره من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بملاحقة الناشطين السياسيين الإسرائيليين المطالبين بالحرية والديمقراطية.