عندما يصغر حجم الكون وتنفتح أبوابه مشرعة أمام صرخة الثائرين المولودة من رحم القهر والظلم والذل والمهانة .
وعندما ينطلق الصوت الذي لا يموت , باحثاً عن أصوات الذين سلفوا ليأخذوا منه جرعة كبرياء بعد أن سقيناهم نحن الآباء حليب الاستكانة منذ أربعة عقود من الزمن .
وعندما يتمرد الأبناء على آبائهم , ليس من عقوق الوالدين ولكن , كي يكون يوم بعث جديد لنفوسنا التي أصبحت مقابر للهزيمة , وشواهد للانكسار والخضوع .
وعندما يمزق الخوف ويصبح أشلاءً تحرق رايات الاستبداد والقمع .
وعندما تنتفض الأم على صمتها الدامي لتكون درساً من دروس الصبر والإيمان لماض سلف عنوانه ( الخنساء ) .
وعندما الشمس تنسج من ضفائر حرائرنا المصانة لتوفي ديناً ثقيلاً على كاهلنا لعهد خولة بنت الأزور .
وعندما الطفل ينبت حبة قمح على بيدر هذا الوطن , عوضاً من أن يكون برعماً لزهرة أو لورده .
وعندما تقسم الأرض أن لا مكان عندها لطاغية أو ظالم حياً كان أم ميتاً ,
وعندما يهدر الرعد أنشودة الكرامة , ويخطف البرق خوفاً يتجلى دائماً بين ثنايا السحاب ويمطر رعباً ولنتجرع الخنوع شراباً ومأكلاً .
وعندما الناعورة تعيد دورانها إلى زمن سلب منها أبناءها وتسأل العاصي عن أخبارهم وهم في عالم البرزخ ينتظرون ماذا سنفعل .
وعندما يستجيب القدر لجيل أراد أن يجعل من أسطورة المستحيل حقيقة ……
عند كل هذا وقفنا صاغرين أمام أبنائنا الذين أصبحوا معلمين لنا دروس العزة والكبرياء والكرامة .
إننا نؤمن بأن من العلائم الصغرى ليوم القيامة ( أن تلد الأمة ربتها ) , ذلك بأمر الله ولأمره جل شأنه , لكننا اليوم وبما يصنعه أبناؤنا نعيش حقيقة العلائم الكبرى ليوم القيامة …. قيامة الحرية والعدالة والكرامة …قيامة على الظلم والاستبداد … قيامة على القهر والذل والمهانة …قيامة جيل شاء أن يصنع مجداً وفجراً مشرقاً لحرية وطن سجين .
أيها الأبناء : كنا ننتقدكم بقدر حبات المطر ..فكنتم المطر
ونستهزئ ونشكك بوطنيتكم فكنتم الوطن .. أيقظتم فينا عزيمة كادت أن تموت , سامحونا فقد قسونا عليكم .
نحاول الآن أن نلحق بكم , لكننا في الثرى وأنتم فتحتم باب الثريا , فلم نصل إلى طيف ركبكم , ولم نستطع أن نحدق ببريق عيونكم .
لكم المجد يا قادة الآباء , وللوطن العزة والإباء