عجيبٌ وهو يطلٌّ بلونه الأسود الأنيق
فيبدو كسيد مجتمع راقٍ بنجماته الزَهر المرصوفة على جيبه العلوية وهو يقتني خاتماً
فضيّا قلبه كدرّة بيضاء بهيٌّ هو في إقباله الرائق كإقبال الملوك الطيبين على
الرعيّة،خفيٌّ هو في إدبارٍ كأفول الشمس الغاربة الهاجعة تحت خط الأفق
شاعرٌ هو بكل قلوب الشعراء والكتّاب الهواة والمحنّكين القابعين والحالمين على
ضفافه، ينثر شذا نسائمه المعطرة على كلماتهم الموشاة بالأحاسيس
إنه يسحرني مع كل نَفسٍ من أنفاسه ، يحييني من بعد موتي النهاريّ ، يرتّب نفسيتي المرهقة باحترافٍ وخبرة، يعلّمني وهو المعلم القديم لتلميذٍ مسجّل كجديد في مدرسة شاعريته العتيقة ، يعلَمني علم الأزمان والأمكنة يسافر بي في رحلاتٍ خرافية مع أشهر الرحالة على شهبه الوامضة الخاطفة، يبحر بي في بحار أحلامه السرية التي أخفاها الله لتكون من أسراره لكَم أجرحه فيعاتبني، أقسو عليه فيمازحني ، أبكيه فيضحكني، أحبه فيعشقني، يعيد لي تصميم أوراقي وينشر لي كلماتي في جوّه الطلق لتصل إلى كل متأمّل مسائي
ففيه أكتب عن وطني عن حبي ولغتي وأصدقائي أكتب عن كل شيء، فأجده يجمعهم بصمت في
قلبه القمري يراقصهم على أوتار قانونه الشرقي،وعلى ترانيم حناجر أهله الخواص
التقاة،يجددهم في خطوط أقلامي ويبعث فيهم الحياة من خلف السطور
هنا..أجلس على شرفتي أدوّن وصوت الأذان النقي يعمر الكون من حولي،فتخشع أذن المساء
في هيبة وجلال،يسكن كطفلٍ غطّ بهدوء في نوم السهاد، باعثاً أمانه من عمق السماء إلى
أديم الأرض.
لكم يأسرني في جماله الصيفي ، لكم يحررني من قيود العالم بخياله وخواطره،بأحلامه
وطربه، برقّته وسجود جباه التائبين فيه.
ماذا أصنع بدونه وكيف أستطيع أن أغفو إلا على راحتيه السماويتين، وأين ألقي ببصري
إلا في سحر عينيه
سأكتب عهد محبتي بكل المشاعر وأهديه لكل قارئ ومحب للمساء