المقاومة ... الصمود والتصدي...
المعركة المصيرية ... دحر العدو الغاشم....
وكلمات أخرى لطالما أصمت آذاننا منذ الصغر ، سمعناها في المدرسة وقرأناها على
الجدران وفي كتب التربية القومية ، ثم رددناها دون أن نعي معناها حتى اهترأت تلك
العبارات الرنانة على شفاهنا وفقدت بريقها وما كانت لتحرك فينا ساكناً!
وكيف لها أن تحرك مشاعرنا ونحن نعلم علم اليقين أنها مجرد عبارات جوفاء يرددها المسؤولون ليلفّوا بستارها عورات فسادهم ويجعلونها علّاقة تحمل جرائر فشلهم.
ثم يدور الزمان دورته وتشتعل نار الثورة فتحرق بلهيبها أقنعة كثيرة وستائر أكثر كانت تغطي وجوهاً قبيحة لطالما اعتاشت على مص دماء الشعب في وقت كانت تدعي فيه تفانيها في خدمته لا بل إنها قدمته فريسة للقاصي والداني وبأبخس الأثمان دون مانع من رقابه أو وازع من ضمير
شاء القدر أن تصمد الثورة وتمتد إلى كافة أرجاء الوطن ليحتضنها هؤلاء المظلومون
فتقوى بهم ويقوون بها، فإذا بتلك الأصوات تعود من جديد لتصمّ آذاننا من جديد بحديث
المقاومة والصمود والتصدي ودحر العدو الغاشم وما شابه ذلك من كلمات كبيرة !!
لست هنا لأنسف إيديولوجية نشأنا في كنفها جميعاًـ
وأؤمن بها أكثر من كثير من المزاودين ـ ألا وهي إيديولوجية المقاومة ، لكن مقاومة
من ؟ مقاومة ماذا ؟
نعم إن عدونا الأول كان ولا يز ل ذلك الكيان الجاثم على صدورنا في فلسطين والجولان
، نعم إنهم هؤلاء الأوغاد الذين عبثوا بمصيرنا منذ احتلالهم أرضنا ومقدساتنا
,ولكن ماذا فعلنا لردهم منذ تكوينهم دولتهم ؟؟ لا شي !!
وما الذي جعل سرطانهم يستشري في جسد أمتنا ؟؟ أليسوا أولئك الفاسدين الذين أشبعونا
بالعبارات الرنانة ؟!
من يقرأ التاريخ يجد أن تحرير القدس على يد صلاح
الدين لم يتم بين عشية وضحاها فقد استمر عقوداً بدأها عماد زنكي خلفه فيها ابنه نور
الدين ، ليجيء صلاح الدين بالفتح
ما بناه أولئك القادة العظام على مر تلك العقود لم يكن الجيش فحسب بل الإنسان !
الانسان المخلص لقضيته الصادق في طلبه نصرتها
اليوم علينا أن نعي أن طريقنا إلى القدس يبدأ بمحاكمة الفاسدين وإقامة نظام
ديمقراطي عادل يتساوى فيه جميع المواطنين أمام القانون ، نظام يتحرر فيه المواطن من
العبودية للمسؤول إلى التفاني في حب الوطن ، حينها ـ وحينها فقط ـ نستطيع الكلام عن
المقاومة ودحر العدو الغاشم
فالعبيد لا يحررون أوطانا