news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
جمهورية "النأي بالنفس"... و"الربيع العربي"... بقلم : محمد العبد الله

 لفتني خلال السبعة عشر شهراً الماضية إعلان جمهوريةٍ للنأي بالنفس؛ انضم إليها الرعايا اللبنانيون من شتى دولهم "المُمانعة" و"المُعتدلة" على السواء. وأكثر ما لفتني في هذا الأمر هو اختلافهم حدَّ الصراخ والعراك على خط سير قطار "الربيع العربي". المُمانعون أمسكوا قابض السكة الإلهية ليحرفوه إلى البحرين، والمُعتدلون أمسكوا القابض ليحولوه إلى سورية، وهم كذلك مختلفون ومّا يزالون. والقطار لمّا يزلْ في انتظار...


"الربيع العربي" و"ثورة الأرْز"

الخلاف في لبنان عادة وأملهم من الله استقلال وسيادة؛ إلا أن المُتمعن بما ورائيات جمهورية "النأي بالنفس" يستطيع الجزم بأنه ما من خلاف ولا اختلاف. فالكل هناك يخشى قطار "شؤم" يجلب معه تغييراً يقلب موازيين الحب والحرب، وما بعد الحرب وما بعد بعد الحرب. والحرب


هنا- مجازاً- ستحطم السادة والقادة والباكاوات والأمراء والمشيخات ودول الرؤساء وغيرها من ألقاب أفتنّها اللبنانيون على مر عقود منذ حكم الرومان وانتهاءً بحكم ال"
Syrian"، فالكل يتمنى على القدرة الإلهية العلية أن تتدخل لتبعد شبح هذا القطار إلى البحرين أو سوريا أو فليكن إلى "إسرائيل" أو "الكيان الصهيوني" (كي أكون على مسافة واحدة في استخدام مصطلحات كلتا الرعيتين؛ إذْ أنَّ الوضع الاجتماعي الاقتصادي هناك بات لا يُطاق وبات الإسرائيليون بوعزيزيون أكثر من البوعزيزي نفسه). فلدى رعايا دول "الاعتدال" نظرية شقَّت الآفاق شهرةً بأنهم أول من أوقد حطباً في مرجل قطار الربيع العربي، فهم أبناء ثورة "الأرْز" وصنّاعها، ودليلهم على ذلك مباركة طيبة من مُنظِّر ثورتهم المُباركة "جون بولتون" حينما أهدوه أرزة مُرصعة ب"الحريية والسيادي والاستئلال". لعل ذاك كان تحت قبة "الكابتول هوول" واعداً إياهم ب"الحئيئة" التي يريدها. أمّا رعايا دول "المُمانعة" فلا يرون في تلك "الثورة" إلا "فورة" أو أنها ثورة "قرنبيط" في أحسن أحوالها، دليلهم في ذلك أنهم هم هم من دشنوا أول محطة اجتازها قطار الربيع العربي منذ عام "التحرير" وصولاً ب"وعدٍ صادق" وانتهاءً ب"صحوة إسلامية" شاؤوا لها أن تحيد عن أبواب دمشق دون الولوج!

 

"آذار": قرُّ في ليل وحرُّ في نهار

في مأثور القول: "خبئ فحماتك الكبار لعمك آذار"، والسوريّ قد خبر آذار جيداً منذ "ثورته المجيدة" وحتى أدمى قذاها مقلتيه في الثامن منه والرابع عشر. السوريّ أكثر من خبر مبادئ "ثورة الأرْز" وهو يُرمى من علٍ ليتشظى جسده فتاتاً على أرض "لبنان الأخضر" بلا ذنب، وقتئذٍ بكاه ورثاه رعايا دول "المُمانعة" مناشدين منظمات حقوق الانسان بالتدخل العاجل لانقاذ جسده المصلوب وتعبه المنهوب. والسوريّ أكثر من خبر، ويخبر ثمرات "المُقاومة" وهو يُطرد من مشفىً وجراحه نازفة على ثرى "لبنان الأخضر" في مشهد قد تكرّر؛ وقتما سيق إلى لبنان ليُنحر على مذبح النضال "والمُمانعة" فيقتات على لحمه الثرّ هنا وهناك من يجلس في قصرٍ منيف. وقتئذٍ بكاه ورثاه رعايا دول "الاعتدال" مناشدين منظمات حقوق الانسان بالتدخل مجدداً.

 

 

جمهورية النأي بالنفس... عن النفس

السوريّ ذاك الخبير برعايا دول "المُمانعة" و"الاعتدال" في جمهورية "النأي بالنفس" قد بات- هو- ممسكاً بقابض السكة، وقد أوجد لقطار "الربيع العربي" مسرباً تالٍ إلى جمهورية النأي بالسيادة عن السيادة، النأي بالاستقلال عن الاستقلال، النأي بالحرية عن الحرية، النأي بالأخلاق عن الأخلاق، النأي بالحقيقة عن الحقيقة، النأي بلبنان عن الإنسان. صارخاً بملء فيه:

"يا ألله مالي غيرك يا ألله، فلأحيا إنساناً أو فليسقط العالم".

 

ملاحظة مهمة: اليد الإلهية العلية قد أدارت قابض السكة لتشمل رحلة القطار اثنتان وعشرين دولة، قضي الأمر الذي فيه تمترون، وللمغادرة فليستعد المغامرون.

2012-08-09
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)