انظر إلى هذا الوجه جيداً، فأنت لن تراه بعد اليوم.
تمعَن في هاتين العينين المغلقتين لأن فتحهما بعد الآن صعب.
حاول أن تصغي السمع فربما تسمع صوت هذا الإنسان المكتوم.
اسأل هذا الفم المغلق عما تحدث به فقد تحصل على جواب.
أطلق روحك الروحانية إلى السماء فلعلها تلتقي بروح صاحبك السابحة.
حرر نسر خيالك السجين من قيود التقاليد الزائفة واسمح له أن يطير محلِقاً إلى عالم الحياة الغائبة فربما يستطيع نسج حكاية الموت المخفية.
تخلَ عن حقدك وكرهك عن أنانيتك لساعة واحدة فقط وعانق روح الإيمان والطهر الصادقة.
اكتب رسالة استدعاء لذاتك الإلهية فلعلَها تستجيب لك وتقف إلى جانبك في هذه الساعة ثم ترحل بعدها ليعود لك ضميرك الميت.
اسمح لدمعك أن يبلل عينيك فقد يكون بإمكانه أن يغسل بعضاً مما علق في نفسك.
كن متأكداً أن دمعك وحده لا يكفي لأنك كتلة من الشوائب لا يمكن غسلها بل يجب رميها قبل أن تتعفن.
تذكر أنك ستغيب كهذا الوجه وأن دفترك سيغلق كهاتين العينين.
تذكر أن بابك سيفتح لهذا الزائر سواء أرغبت بذلك أم لا.
أتساءل دائماً :
أيمكن أن تغيب الشمس للأبد كقطعة سكر في عتمة القهوة؟
وأن يصبح البدر كقنديلٍ غلبته العتمة؟
وأن يختفي عطر الورد كشهاب السهرة؟ لا أدري! فربما يكون هذا مستحيلاً أو صعب التصديق.
فمن هو هذا السارق الذي لم توقفه قضبان سجن ولم تكبِله قيود شرطي ولم تقاضيه محكمة الحياة. سارقٌ للعبة الطفل وحلم الشاب، لأمل الأم وعكاز العجوز، لقلب المحب ودفتر الطالب. فمن هو هذا الجريء؟
مطلبه الدموع فهو حقه المشروع , شعاره السواد ، هدفه حزن العباد.
عنوانه البعاد ، له عربة تجرها الجياد يكللها الغار والياسمين فيها مقاعد بالملايين . لاحقَ فيها إلا للمالكين، لا شعر إلا للشعراء المحترفين ولا أمل إلاَ للبائسين.
هكذا تخيلته، فهل هو حقاً كذلك؟