يا دمشق .. هذا الصباح ، أحنّ إلى دمشقَ (انقلها بمحبة الى امي سوريا كلها)
في الصباحات الميلادية، ليس هناك، في الدنيا، أجملُ من دمشقَ، ولا من عيون النساء في باب توما، أراني أسير في دروبها الضيقة العتيقة
أتلمّسُ دبيبَ العصور في جدرانها المتشابكة الحنون ( هنا بيوتٌ مسكونةٌ منذ ألفيّ عام أو يزيد.. ما تزال تنبض بفوران الماء والياسمين)، أتنفّسُ الهواءَ البارد وقلبي مشتعلٌ بالتاريخ، قاصدا كنيسة حنانيا في زقاق جعفر، أظنّها ـ في ما يلي الكاتدرائية المريمية ـ الأقدم في العالم؛ هنا، ربما أعيش لحظة الاتصال الكوني الموعودة …أم أنها مخبّأة لي في أروقة المسجد الأمويّ؟
“حدَد”، إله الرعد والمطر والخصب، جوبيتر، يوحنا
المعمدان، دولة الوليد بن عبدالملك وروح الحسين ..
لا يستطيع الماركسيُّ ـ مثلي ـ في دمشقَ القديمة، ألاّ يرى الله …
هذا الصباح، أحنّ إلى دمشقَ…
أوّل بستان للعروبة ـ آخر بستان لحضارة الضاد ـ آخر الحب وآخر الأغاني وآخر
الرايات…
هذا الصباح، أبكي الدماءَ والخرابَ .. ولا يهتزّ،
لحظةً، يقيني:
في دمشق ـ لو جاءها المجرمون من كل صحارى العالم ـ لا مكان للصحراء!