تعالوا نجلس إلى طاولة الحوار .. هذا
لفظ سمعناه كثيراً . و لست أدري أول من قاله . ولنقل سين من الناس . بعده أذى سمعنا
و صم أذاننا كثرة ترديد هذا اللفظ واجتراره من قبل نصابي الحلول على الساحة السورية
.
وقد فعل بغيره من الألفاظ والشعارات ما فعل به . إن الحزن والألم يعتصر قلبي حين
أرى النصابين ومدعي العلم والمعرفة هم أرباب الحلول للأزمة في سوريا وأنا أعرف من
يعرف بعضهم شخصياً . عندما أراهم أعلم علم اليقين أن أوان الحل لم يأتي بعد .
من الناحية المجازية . كم يجب أن يكون حجم طاولة
تتسع لثلاث وعشرون مليون إنسان سوري .
من الناحية العقلية . هناك حل لما يجري وهناك مائدة تتسع لهم جميعا .. ( نعم ) يجب
أن يبدأ الحل أولا من حساب المقدرات الموجودة حالياً . وحساب التوازنات الداخلية
والخارجية . والنظر إلى حل لا يعتمد على صديق أو حليف أو عدو .. بغض النظر عن مقدار
إخلاص هذا الصديق .. أو حجم ضغينة ذاك العدو .
ثم أن تقدم الدولة وعلى رأسها الرئيس . على أعمال ميدانية يشهدها الناس . وتمس
حياتهم بشكل مباشر ولصيق بهم . فتعيد بناء الثقة بين الحكومة وبين الشعب . الذي خدع
معظمه بما يجري . وألقى اللوم كله على تقصير الحكومة . ونسي من وراء أزماته جميعها
.
الآن أقدم أمثلة على تماس الدولة مع الناس .
مثال . أن يخاطب الرئيس الناس وباللهجة العامية وبكلام مباشر ويقول لهم بالحرف ...
تعالوا اليوم لنبدأ من جديد . أنتم ثلاث وعشرون مليون . ما بين مؤيد ومعارض . سلمي
ومسلح . ولكنكم كلكم سوريون . ليكتب كل واحد منكم ما يريده من الرئيس ومن الدولة .
وسأضع صناديق في كافة الشوارع ( نسميها صناديق الحل ) تحمونها أنتم وتضعون فيها
طلباتكم . على أن تكون طلبات عامة تفيد النفع العام ( يعني بدل أن تطرح أخي المواطن
مشكلتك الخاصة والتي تراها هي أم المعضلات في حياتك .. ضع مشكلة حيكم بأكمله .
ووجهة نظركم للحل ) ولا بأس ببعض المطالب الخاصة الملحة .
ومن ثم يدرج جدول زمني للنظر في كل الرسائل ويطرحها على التلفاز . ويسرد جدول
أولويات الحلول بحسب أهمية كل مسألة . ثم يضع جدول زمني للحول التشاركية بين الجميع
ويلتزم به . بغض النظر عن التزام الأطراف الأخرى .
مثال أخر .هناك فرصة ذهبية لتفويت الفرصة على من يدعي أنه يريد حرية الشعب وأنه
ناطق باسمه . كيف ؟ .
إن خير دليل على هذا الأمر وخير مثال عليه . هو ما حصل حين وعد العرعور (( خريج
سجون ( المملكة ) العربية ( السعودية ) . )) .وعد الدولة السورية بالتراجع عن ضلاله
. والتنحي لصالح إرادة الشعب . إذا أستطاع أن يخطب الدكتور بشار في حمص لدقيقة
واحدة . فدخلها الدكتور وتجول في شوارعها تحت المطر وتابع شؤون الناس فيها بكل
راحته وخطب في أسخن مناطقها . وكانت الضربة القاضية لهذا الضال العرعور ليدخل في
مكب قمامة التاريخ عند أنصاره . وبشكل مزري لحنثه بيمينه وكذبه على أنصاره .
هذا المثال . يعطي لمعة ضوء على أن المبادرة من القوي تزيده قوة . وأن الكرم
ابتداءً هو أجود الجود . وما أعطي بعد طلب ليس كرما . فمن موقع القوة ليعلن الرئيس
وأيضاً على التلفاز . أنه سيأمر الجيش بالتراجع عن كافة المحاور .. هكذا وبدون طلب
من أي دولة أو جهة ومن دون أي سبب . شرط أن يحمي الناس مصالحهم بأنفسهم . وبحضور
الآلاف من المراقبين الدوليين . إن خطورة هذا الأمر كبيرة جداً وفاتورته ستكون دماء
أبرياء ستهرق بغزارة وبشكل مخيف . لكن لن يتم الحسم ضد الإرهاب إلا بهذا . وهو
تفويت الفرصة على محركي الأدوات خارجيا . وعلى الأدوات داخليا بعزلهم دوليا وشعبيا
. يعني ( أن تعطي الدولة وعلى رأسها الرئيس . الدليل للعالم الخارجي والرأي العام
الداخلي الذي يتعاطف مع المسلحين . وبحضور عدد كبير من المراقبين الدوليين . تعطيه
الدليل والحجة والبرهان على أن الطرف الأخر لن يلتزم بالسلم أبداً . وأنه ليس له
مطالب إصلاحية . بل هو صاحب فكر منحرف . يريد تطويع المجتمع بتنوعه على فكر واحد .
وهذا محال ولو أبيد السوريين عن أخرهم ) .
إن الزلازل خطرة جداً وتزهق أرواح الناس وبشكل جماعي ومخيف . ولكنها تقلب الأرض
لتخرج كنوزها . وليعيش من بقي بخير من رحلوا . وكم نحن بحاجة لزلزال من هذا النوع
الذي ذكرناه . لينهي استنزاف المقدرات والدماء السورية بمبضع جراح ماهر . ويسقط
الأرض من تحت أقدام من يسرهم أن تتماهى سورية في أتباع خطوات مخططهم الجهنمي لسورية
ولنا جميعاً .
رأسك ورأس كل من يقول أنا سوري أنا عربي . مطلوب للقطع . لماذا ؟ لكي ترتاح إسرائيل
فأنت أخر خطر يتهدد وجودها . بعد أن خلعت العرب أعنتها . وأسلمت حبل لجامها ليد
الصهيونية تسير بها كيف تشاء كالأنعام بل أضل سبيلا .
عزيزي السوري : وشقيقي وأخي وأبن جلدتي . من القلب أخاطبك . لن ترى الحل وأنت تنتظر
اصطفاف الخارج ومناوراته ومجالسه واجتماعاته . وتقاسمه المكاسب والتفاوض بهدوء
وببطء شديد على حساب دماؤك .
أن الأوان لتنتقل إلى مستوى أكثر وعيا لما يجري حولك . تدارك ما بقي من مقدرات بين
يديك . لكي لا تخسر ما فات من تضحيات . وما سيبقى من مقدرات .
قد تستسخف رأيي بالحل على صغره واختزاله . ولكن كن على ثقة أني ما طرحته إلا لأني
أحبك . نحن في مملكة الضلال غارقين بتما هي ملكنا مع الغرب وانبطاحه أمامه ونعلم كم
هو صعب تغيير ذلك . ولكننا نعلم أن ما يفعله من جور بحقكم هو أعظم وأكبر مسمار يدقه
في نعشه .
دمتم ودام عز سوريا بكل مكوناتها .