يبدو أن المجتمع العربي قد عبر عن انقسامه مرة أخرى ، مجدداً نظرية الانقسام العربي و الاتحاد مع الغرب ، حيث أن الملف السوري الذي يشغل الساحة العربية و الأجنبية و المطروح على طاولة الاجتماعات العربية و الدولية و خاصة وزراء الخارجية العرب بات الهم الأعظم و البلاء الأكبر و ذلك لتسببه بالتفرقة بين القرارات العربية و التي لم تجتمع يوماً على قرار موحد طيلة فترة إنشاء جامعة الدول العربية و بين المصالح العربية الدولية .
لو عدنا للخلف قليلاً ووصولاً لأخر التطورات على الساحة السورية ، لوجدنا أن كل ما تم إقراره وتم إعلانه لم يستطع وقف حمام الدماء الذي يسيل في الأراضي السورية و ضحيته طبعاً الشعب السوري فقط ، و لم تنجح تلك اللجان الوزارية أو البعثات الدبلوماسية من تعويض النقص في الاحتياجات اليومية للشعب السوري الذي يدفع ثمن عناد النظام و انشقاقات المعارضة .
نحن هنا لا نقف على سطور الانحياز لأحد الأطراف المعنية ، ليس لطرف النظام و ليس
لطرف المعارضة ، بل للطرف الأهم و هو الشعب ، الشعب الذي يدفع ثمن ما ترتكبه أيدي
المخربين و رصاصات المترصدين ، الشعب الذي يجوع باليوم ألف مرة معانياً من
انقطاع التيار الكهربائي و لمدة تصل إلى 23 ثلاثة و عشرين ساعة في اليوم و الذي
يعاني أيضاً من نقص في الاحتياجات الأساسية في الوقود و الطعام و الشراب و حتى مياه
الشرب باتت شحيحة و مقننة و الأسباب كثيرة – ضغوطات اقتصادية خارجية - تقنين -
قرارات و مراسيم لا تخدم سوى المصالح الخاصة لقلة من الشخصيات الهامة – و مواجهات
مسلحة عنيفة أفقدت الأحياء و الشوارع الأمن و الآمان ...إلى أخره من أسباب كثيرة
تتقاتل عليها مصالح سياسية كبيرة و يذهب ضحيتها الشعب المسكين الأعزل .
رسالة ننقلها لأصحاب السلطة و النفوذ أن يكفيكم ما وصلتم إليه من ثراء و غنى و
ارحلوا بكرامة الصامدين و ليكون ذلك في سبيل تحرير الشعب من براثن الحرب الأهلية و
الفتنة الطائفية .
و رسالة ننقلها لمن يطلقون على أنفسهم المعارضين ، أن يكفيكم أيضاً المساومة على
دماء الشهداء الأشراف الطاهرين و تحريف الحقائق للوصول لغاياتكم الأنانية و التي
تبثها قنوات خارجية بلغات كثيرة ، يكفيكم تحريك الضعفاء مثل الدمى في مسرح
الألعاب الخشبية .
و اجعلوا أيها الأطراف المتنازعة ... الحوار هو الوسيلة الوحيدة للخلاص و للمتابعة
.
الكاتب الصحفي : خالد عبد القادر بكداش
مدير المنظمة العالمية للكتاب الأفريقيين و الأسيويين
في الإمارات