اقتراحات وملاحظات الحزب الشيوعي السوري (الموحد)حول تنفيذ البرنامج السياسي لحل الأزمة في سورية.
رسم السيد الرئيس بشار الأسد، في خطابه الهام
بتاريخ 6/1/2013 الملامح الرئيسة لحل الأزمة في سورية، وأكد أن الحل يجب أن يكون
شاملاً، وينطلق من ثوابتنا المبدئية، وفي مقدمتها سيادة الدولة واستقلالها ووحدة
أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وفق مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة
والقانون الدولي، والانتقال بسورية إلى مجتمع ديمقراطي تعددي. وقد جسدت الحكومة هذه
المبادرة ببرنامج سياسي مكون من ثلاث مراحل تتضمن حواراً وطنياً شاملاً وميثاقاً
وطنياً، يرسم الملامح السياسية والاقتصادية لسورية المستقبل.
إننا ننظر إلى هذه المبادرة نظرة إيجابية، وهي تتضمن الكثير مما نطالب به وتفسح في
المجال أيضاً لإضافات وتعديلات جديدة عليها.
بداية الأزمة وموقفنا
إن الأزمة التي تعيشها البلاد منذ مايقارب العامين، هي واحدة من الأزمات الكبرى في
عالم اليوم، وقد حدد حزبنا منذ أيامها الأولى بأنها أزمة مركبة معقدة تتداخل فيها
عوامل داخلية اجتماعية واقتصادية، وتتفاعل مع عناصر خارجية إقليمية ودولية. وقد
تتقدم في مرحلة من مراحل تطورها، عناصر وعوامل، على حساب غيرها من العناصر والعوامل
والعكس صحيح. وعلى هذا الأساس تبلور موقف حزبنا وتركزت شعاراته ومهامه بالنقاط
التالية:
1 الدفاع عن الوطن ضد أي عدوان خارجي مباشر أو غير مباشر.
2 العمل على مكافحة الإرهاب والدفاع عن الممتلكات العامة والخاصة.
3 الدفاع عن السيادة الوطنية للدولة ووحدة أراضيها.
4 وقف العنف بجميع أشكاله وصوره، وتوفير الأمن لحماية أرواح المواطنين.
5 إطلاق الحريات العامة ووقف جميع أشكال التوقيف الكيفي، وإطلاق سراح المعتقلين
السياسيين، معتقلي الرأي.
واليوم، ورغم تصاعد الأحداث وتفاقم الأوضاع نؤكد أن الطريق للخروج من الأزمة يكمن
في الحل السياسي والحوار البنّاء والمتكافئ، بمشاركة جميع أطياف المجتمع السوري
الوطنية والمخلصة للوطن.
وانطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية، وتجاوباً مع الدعوى الموجهة من قبلكم، نتقدم
بالملاحظات والاقتراحات التالية:
أولاً حول المرحلة التحضيرية:
هي المرحلة الأولى التي سيتوقف على تنفيذها ومدى نجاحها، مستقبل كل المراحل
اللاحقة. إن الحوار المطلوب يجب أن يعكس حاجات المواطنين والمجتمع ككل، وبمقدار ما
تكون المشاركة في الدعوة إليه ذات طابع شعبي ومجتمعي بمقدار مايكون الحوار محققاً
لأهدافه.
إشراك أوسع ممثلي الشعب
ومن هنا نرى أن الطابع الحكومي الذي طغى على تركيب اللجان المكلفة بالدعوة للحوار،
لايساعد على إعطاء الانطباع عند المواطنين أن شيئاً ما قد تغير بعد إلغاء المادة 8
من الدستور القديم. فليس الموضوع هنا، موضوع تحقيق أكثرية على حساب التمثيل الواسع
لأطياف المجتمع المختلفة من أحزاب سياسية وفئات اجتماعية وهيئات المجتمع الأهلي
والمدني، بل إن جوهر الموضوع يكمن في كيفية إشراك أوسع ممثلي المجتمع في عملية
الحوار بحيث يشعرون بأنهم يشاركون مشاركة فعلية في بناء سورية الغد، وليس مشاركة
رمزية أو شكلية. الأمر الذي كان يجب أن يتجلى في تركيب اللجان الداعية إلى الحوار.
وعلى هذا الأساس نرى إعادة النظر بتركيب هذه اللجان بحيث تصبح بأكثريتها ممثلة
للفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأن يختار المدعوون بحيث
يمثلون فعلاً جميع أطياف المجتمع السياسية والأهلية وبضمنهم المعارضة الوطنية، كما
نرى توجيه الدعوات على أوسع نطاق وإلى من يرغب في المشاركة، وأن يضع المشاركون في
الحوارات جداول أعمال جلساتهم، وأن يختاروا هم من يقود هذه الجلسات ومن يستخلص
النتائج والاقتراحات ويرفعها إلى اللجنة الحكومية المعنية، وأن ينتخبوا هم من سوف
يمثلهم في مؤتمر الحوار الوطني الشامل اختياراً بطريق أفضل مما جرى في اللقاءات
الحوارية السابقة، أي أن نتعلم الدروس مما سبق من تجارب.
ثانياً اقتراحات لتحسين مناخ الثقة قبل الحوار:
سادت في حقب زمنية مختلفة استياءات شعبية نتيجة عدم تلبية مطالب مشروعة للجماهير،
وقد استغلت ذلك الفئاتُ الرجعية ومن وراءها من قوى إمبريالية.
إن إهمال هذه المطالب قد خلق جواً من عدم الثقة بين المواطنين والسلطة، كما خلق
نوعاً من السلبية واللامبالاة تجاه النشاط السياسي العام.
إن الذهاب إلى الحوار الآن يجب أن يسبقه تدابير سريعة من السلطة تؤدي إلى استعادة
الثقة، وإجراء الحوار على قاعدة تطمئن المواطن أن السلبيات الموجودة والإهمال الذي
جوبهت به ليس قدراً محتوماً، وأنه بالإمكان البدء بمسار داخلي جديد يبعث على الثقة.
خطوات هامة للحوار
1 الإسراع بتنفيذ البند التاسع المتعلق بالإجراءات اللازمة لتسريع إجراءات الإحالة
إلى القضاء والبت بالدعاوى، والإفراج عمن لم تثبت إدانته، وتسوية أوضاع كل من يقوم
بتسليم سلاحه للجهات المختصة، وإعادة الذين أوقفوا اعتباطياً إلى وظائفهم ودفع
رواتبهم ومستحقاتهم.
2 كبادرة حسن نية وإعادة ثقة، نرى الإسراع بالإفراج عن المعتقلين السياسيين أي
معتقلي الرأي والفكر، ووقف عمليات التوقيف الكيفي، والتقيد التام بنصوص الدستور حول
هذا الموضوع، وبضمنه وقف التعذيب.
3 اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضبط عمل (اللجان الشعبية)، ووضع حد للسلبيات التي
يمارسها البعض منها.
4 سحب المادة 50من مشروع قانون تنظيم مهنة أطباء الأسنان التي تجيز لمجلس الوزراء
حل جميع مؤتمرات النقابة، وبضمنها المؤتمر العام والهيئات المنبثقة عنه، إذا انحرفت
عن أهدافها.
إن هذه المادة، إذا بقيت ستكون رسالة سيئة تشكك في مصداقية احترام الدستور والتوجه
نحو الديمقراطية والتعددية التي نص عليها هذا الدستور.
5 الإعلان عن الضمانات للنازحين قسراً إلى خارج البلاد للعودة إلى الوطن، وتخصيص
إعانات مادية مباشرة للعائلات العائدة لتسهيل عودتها.
6 العمل الجدي لتأمين احتياجات المواطنين من المواد الرئيسية، كالخبز والمازوت
والغاز وغيرها.
7 محاربة الفاسدين والمتقاعسين، وتجار الأزمات، باتخاذ إجراءات سريعة وحازمة،
وإعلان ذلك عبر وسائل الإعلام.
8 أن يتم اختيار المسؤولين وتكليفهم (مديرون عامون مركزيون فرعيون) بعيداً عن
المحسوبية، وصلات القربى، والولاء الشخصي، وأن يكون المعيار هو الكفاءة والنزاهة
والتفاني بالعمل.
9 البدء بعمليات إعادة تأهيل البنى التحتية للمناطق التي تعرضت للتخريب والتي
أصبحت آمنة تماماً الآن، والعمل لعودة المهجرين قسراً إلى مناطقهم ومنازلهم.
ما زال أمامنا الكثير
إننا نعي تماماً أن مراحل متعددة كثيرة ما تزال تنتظرنا للوصول إلى سورية الغد ذات
النظام الديمقراطي التعددي المبني على قاعدة الموقف الوطني التي تنتجهه سورية والذي
أثار عليها كل هذه الهجمات الرجعية والاستعمارية. ولكننا واثقون أن شعبنا السوري لن
يسمح لها أن تحقق أهدافها، الأمر الذي يتطلب الإصغاء إلى مطالبه وشكاواه ومعالجتها
بأقصى سرعة ممكنة. ويجب أن يتوضح منذ الآن، وحتى قبل الحوار، أننا مصممون جميعاً
على بناء اقتصاد وطني منتج تعود آثاره ونتائجه إيجاباً على توزيع الدخل الوطني،
ويؤمن العدالة الاجتماعية لصالح جميع الكادحين من أبنائه، ويضع حداً للرأسمالية
الطفيلية التي نهبت البلد وهرّبت أموالها إلى الخارج. علماً أننا سنتقدم بآرائنا
حول مواضيع الحوار والميثاق الوطني والتعديلات الدستورية وغيرها من الأمور المطروحة
في حينه.
دمشق 11/2/2013
الحزب الشيوعي السوري (الموحد)