بعد عامين ونيّف على بداية الأزمة في سورية وبعد أن أسفر المتآمرون عن وجوههم.. وأقنِعتهم ونواياهم الخبيثة.. وبعد أن تورط العرب، وللإنصاف بعضهم، في التآمر على سورية وعلى العروبة فيها والبعض الآخر في التخاذل المخفي تحت شعارات جبانة وانهزامية ونأي بالنفس.. وبعد أن أغدقت دول النفط المال والسلاح على الإرهابيين المتوافدين من أربع رياح الأرض ونفايات المدن الكبرى..
وبعد أن كشفت الأمم المتحدة، كما الجامعة العربية عن عورات المنظمتين وارتباط الثانية بالأولى وتناغم الأداءين على خلفيتين.. واحدة للهيمنة الأميركية وأغراضها الاستعمارية.. وواحدة لهيمنة الصهيونية عبر البوابة القطرية والمال المتدفق للجيوب والمسلحين وكرَم أوروبا في توزيع وتسويق السلاح والمال وهو ما أشار إليه المعارض هيثم مناع في مقابلة مع قناة الميادين عندما قال إن حقائب مليئة باليورو وبكميات هائلة كانت توزع عن طريق تركيا واتهم من اتهم بدون تسمية الأسماء والجهات المستفيدة والأهداف الخبيثة المتوخاة..
نقول بعد هذا الذي أشرت إليه والذي لم أشر: يحتفل السوريون على نحو متميز بعيد جلاء
المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن من جهة.. ويغتنم السوريون هذه المناسبة للتصميم على
إنجاز الاستقلال الوطني الشامل من خلال إجلاء ومقاومة المجموعات المسلحة ومن يقف
وراءها ومعها عن الأجزاء التي يتواجدون فيها في بعض المناطق السورية.. وقد ربط
السوريون بين إنجاز هذه المهمة الوطنية وبين مفهوم الجلاء الذي يحتفلون به على نحو
فيه الكثير من الدلالات والمعاني والدروس المستفادة.
لقد أدهش السوريون العالم كله فيما يمتلكون من ثقافة الوعي الوطني والقومي غير
المسبوق وقدموا للعالم عبرة لمن يعتبر في قدرتهم على امتصاص الهجمة المسعورة وفي
الرد عليها في الوقت المناسب وقد جاء الوقت المناسب الذي يثبت الجيش السوري والتفاف
الشعب حوله وحول إنجازاته على الأرض القدرة الفائقة على اجتراح معاني ومفاهيم ودروس
وعِبر الاستقلال.
ومن غرائب العصر أن أبرز الدول المتورطة في الدم السوري وفي المؤامرة الكونية على
سورية هما الاستعمار الفرنسي.. والاستعمار التركي وكأن اليوم هو استيلاد الأمس مع
أن فرنسا وتركيا تعرفان جيداً أن الشعب السوري شعب صامد ومقاوم وقادر على التضحية
ومن ثم قادر على النصر، ألم يقل ديغول يوماً إنه من الوهم بمكان السيطرة على الشعب
السوري، فديغول وأركان فرنسا آنذاك يعرفون حقيقة غابت عن المسؤولين الفرنسيين
والأتراك بحكم الجهل وعدم التعمق في طبيعة السوريين الذين يعرفون كيف ينتزعون النصر
من أنياب أية قوة أو قوى تحاول النيل من ثوابت وقيم ومفاهيم ومعتقدات السوريين
وإيمانهم وتمسكهم بالأرض.. إنها الأرض أيها السادة التي تضم بين ثناياها وترابها
رفات شهداء الاستقلال والتي يسيل في أخاديدها دم الشهداء اليوم الذين يدافعون عن
الاستقلال الناجز أيضاً.
سلام إلى الأجداد والأحفاد.. سلام إلى أرواح شهداء الأمة السورية الذين رفعوا رأس
العرب وأعلوا شأن العروبة والإسلام في زمن اختلط فيه الشقيق بالعدو تآمراً أو
خذلاناً لا فرق.. سلام إلى أرواح شهداء الوطن عطر الأرض.. وتحية إكبار وإجلال إلى
الجيش السوري الباسل.