إن واقع الشباب في العالم العربي يعاني من جملة أزمات ، فقد أدت المتغيرات الاجتماعية في العصر الحديث إلى خلل في الأسرة العربية، بعد أن غزت الثقافات الوافدة من الخارج إلى أبناءه فأدت إلى بعض التصدعات داخل الأسرة ، الأمر الذي غير من شكل العلاقات الأسرية والاجتماعية حيث اهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب وظهرت هموم وجروح ومشكلات جديدة
تعتبر مشكلة الشباب اليوم في سوريا من إحدى القضايا
الهامة والأساسية باعتبار الشباب يشكلون الطاقة البشرية والحيوية القادرة
على القيام بالعمليات النهضوية والتنموية بالإنطلاق من التعليم والتربية والثقافة
والإعلام والقيم الاجتماعية حيث تقدر نسبة الشباب في سوريا بحدود 90% من مجمل
السكان (أي قرابة 18 مليون شاب وشابة) ، إن هذا العدد الكبير يتطلب منا دراسة
لأوضاعه والوقوف عند همومه وطموحاته باعتبار الشباب هم الرصيد الاستراتيجي وهم
الثروة الحقيقية لذلك فالحديث عنهم حديث عن المستقبل والتحديات المقبلة ، إن جرح
الشباب ينبع بالأساس من خلل في سياسات التنمية والإعلام والتشغيل والتربية والتعليم
والتنشئة الاجتماعية والسياسية ، الأمر الذي يفرض ضرورة مشاركة عدد كبير من العلماء
والباحثين والكتاب والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع على التربية والتعليم في وضع
استراتيجية مستقبلية تتبنى جيل الشباب وتساعده على تجاوز الصعوبات والمعوقات التي
تعترض سبيله وتساهم في ذلك الحكومة، ومختلف مؤسساتها الشعبية والرسمية والنقابية
والأهلية .
ولان الشباب هم مصدر الانطلاقة للأمة ، وبناء الحضارات ، وصناعة الآمال ، وعز
الأوطان ، ولذلك هم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها ، وبالاغفال عنها سيكون
الانطلاق بطيئا ، والبناء هشا ، والصناعة ضعيفة ، والمذلة واضحة ،.
والهدف المنشود هو اكتشاف طاقات الشباب ، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعلها
التفعيل المدروس ، حتى يتم استثمارها ، واعتبر بأن هذا المشروع الاستثماري له أرباح
مضمونة متى وجد الاهتمام من الحكومة ومؤسساتها ، كما ان هذا المحور هو عملية تعديل
إيجابي تتناول طاقة الشاب وتنميتها ، حتى يكتسب المهارة والإتقان
وينبغي أن يكون تنفيذ البرنامج من خلال الوسائل العلاجية وتهدف إلى تصحيح الأخطاء
، بطرق فعالة ، وإلى إعانة مباشرة للممارسة والتطبيق ، ثم الوسيلة الإبداعية –
وتهدف إلى زيادة الدافعية نحو التجديد والإبداع
مع تجدد الثقافات وانتشار العلوم والتقنية ، اتجه بعض الشباب إلى الأخذ بزمام
النتاج الثقافي الذي يجسد ضعف ، ويهشم المبادئ ، وصناعة قاتل الإبداع والعمل هو
الفراغ ، فهو سم الحياة ، وقاتل الإبداع ، ومبيد الطموح .. كيف لا ... يكون ذلك
ونحن نشاهد ضعف واقع بعض الشباب اليوم ، فهم إما على الطرق سائرون ، أو على الشبكات
العنكبوتية غافلون ، أو عبر شاشات الفضاء غارقون .
إنه عندما نفكر في القضاء على الفراغ في حياة الشباب بمشاريع تحفظ أوقاتهم ، وتجذب
أنظارهم ، وتفتح إبداعهم ، يكون ذلك عونا لمستقبل المشرق البراق الذي ينبئنا بقدوم
حضارة قوية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء ، وعلى ذلك ينبغي أن يكون المستقبل
يهتم بجميع فئات الشباب ، فالكل يـُستفاد منه ، والتطلع ليس لاستثمار المبدع
والموهوب فقط ، بل يكون ذلك لكل شاب حتى تتنوع الطاقات ويقتل الفراغ ، والذي قد
يتسبب في توقف وفتور هذه النهضة ، هم الشباب الذين لا اهتمام لهم ، بسبب سلوكياتهم
، وضعف قدراتهم ..
إن المتأمل في المشاريع التي تهتم بالشباب عدم تهمش أكثر للشباب بحجة ضعف قدراتهم ،
أو عدم الاستفادة منهم ، هذا يشكل خطرا على المجتمع لأنهم قد يهدمون البناء ،
وينشرون الفساد ، ويقللون من الرُّقي المنتظر ، وهذه معادلة ينبغي تفصيلها واستنباط
معطياتها ثم البدء في خطوات حلها حتى تتحقق آمال الشباب..
و من اهم استراتجبات لاحتواء الشباب وبناء مستقبلهم..
• تثقيف المجتمع بالتعامل الأمثل مع أخطاء الشباب ..
• ضرورة تفعيل البناء التربوي والبرامج الوقائية من خلال المدارس في جميع مراحلها
..
• تفعيل النوادي الثقافية والرياضية داخل الأحياء والإسهام في إعداد القائمين عليها
..
• تكثيف النوادي الصيفية ودعمها ووضع الخطط الإبداعية في ارتقاءها الفكرية..
• تكثيف المخيمات الشبابية التي تحتفي وتحمي وتربي وتستثمر طاقات الشباب بشكل
متواصل ..
• إعداد قنوات فضائية تهتم باهتمامات وهموم وتطلعات الشباب لأننا نعيش في عصر
الإعلام الفضائي ، وينبغي علينا استغلال هذه المرحلة في صناعة مستقبل الشباب عن
طريق ذلك ..
• النظر في إعادة صياغة المناهج الموجودة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعتنا ، والإهتمام
بالكيف والهروب من الكم ..
• الوقوف بجانب الشباب المبتعثرين وضرورة استغلال فترة دراستهم فيما يعود بالنفع
لهم ولأوطانهم وأمتهم ، وحمايتهم من الثقافة التي قد تقود إلى الهدم والانحلال ..
• بناء الثروة الاقتصادية عن طريقهم ، ويكون ذلك عن طريق توفير الدعم المادي حيث
يكون هناك قرض مادي يساعد على تمتين الشباب في مشاريع الصغيرة والمتوسطة
• إنشاء المؤسسات الشبابية الحكومية والخاصة التي تظهر الإهتمام ، وتظهر التنافس
البنـَّـاء في خدمة الشباب ..
وفي النهاية .. تترتبط الآمال بمشروع رقي لصنع مستقبل الشباب ، ويحقق امالهم
وطموحاتهم ولتعويض عن جروحهم..