news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
وردة الحب الصافي ...بقلم : علاء الدين مريم

هي وردة ملونة بألوان الطيف السوري كقوس قزح بديعاً متألقاً شفافاً يرسم بانحناءاته لوطنه أفقاً واسعاً ليس له حدود في الجمال على طول المدى ، تنبعث منها رائحة الوردة الشامية الجورية المتراصة الأوراق كأزرار صنعت من رقائق الحرير المطبّقة فوق بعضها بإتقان والمتجمعة بألفة العروة الوثقى والمتحاضنة بحب وهيام فتبدو بديعة المنظر وجميلة الشكل ، يتقطّر عطرها طيباً وعشقاً مما ينعكس على الجو إيجاباً ويضفي عليه رونقاً فيجعله منتعشاً فينتشر عبق الياسمين الدمشقي محاكياً ومتجاوباً ليشكل مع اللون والمظهر هيرمونية ثلاثية الأبعاد تغطّي بمكوناتها أرجاء المدن والأرياف كافة .


هي صديقة نحلة عاملة تدوي وتطن وتشدو بأغنية كتب كلماتها شاعر مبدع هو أحمد رامي ونسج ألحانها ملحن أصيل هو محمد عبد الوهاب تطرب السامع وتبهر السمّيع ، تجمع هذه النحلة رحيقاً نقياً تصنع منه عسلاً صافياً فيه دواء لكل داء إلا الحماقة أعيت من يداويها

والفراشة الزاهية المبرقعة - هي صديقة الوردة أيضاً - ترقص فرحة مرحة معبرة لأجلها ، أما العصفور الزرزور فيصبّحها كل يوم مستمداً من صحوتها باكراً ومن هياج إيحاءاتها وانبعاث مكنوناتها وتدفق عطائها قوة إرادة تكسبه النشاط وتبعث في نفسه محبة العمل والصدق فيه لكسب عيشه وبدء يومه الطويل والمتعب والشاق بهمة وحيوية لأجل أن يعود لأولاده بما يسد رمقهم من طيب المأكل فيطير مزهواً غير هيّاب لصوت البارود

 

 هذه الوردة صديقة الجميع النحلة والفراشة والعصفور كما الجدول الشديد النقاء والعذب المذاق يسقيها كغيرها من الأشجار والأراضين فيصيبها بوافر من الماء الزلال الصافي يشتهيه الصائم أيام يأتي رمضان في فصل الصيف ويتوق إليه الجميع  زمن التصحر والجفاف

وعن الباقين من الأصدقاء الصادقين والصدوقين والصدّيقين فحدث ولا حرج ، هم الشمس الواضحة والساطعة كما الحق والحقيقة والهواء النسيم العليل والتربة الأم والشجرة دائمة الخضار مجزية العطاء خيّرة به ، وكذلك الينبوع والنهر والسهل والوادي والسفح والجبل وكل بقعة وشبر غال وثمين من أرض الوطن الحبيب .

 

أيتها الوردة لتسلم أيدي من زرعك ورعاك وسقاك واهتم بك وساهم في وجودك وصيرورتك وتكوينك فبدوت متسقة وظهرت جميلة وتلونت زاهية فانبعث منك الطيب واستنبت الرحيق وتعالت الروائح الفواحة وتطايرت وتكاثفت كبخور الكنائس وانبثقت الأزاهير وتفتحت كالفجر المنوّر وكالأفق الرحب الفسيح ، فأضاءت أرجاء المعمورة بنورها البهي البديع والساطع كما الشمس في بلادي وكما الإنسان في وطني العتيق في الحضارة والمتألق في كبريائه والشامخ أبداً والباقي ما بقيت الأكوان والأزمان والدائم ما دامت الدنيا والقائم ما قامت البشرية الكائن من الأزل والمستمر إلى أبد الآبدين بدأ مسيرته منذ سفر التكوين وسيواصلها إلى يوم يبعثون  من الأجداث فتقوم القيامة على الناس أجمعين .

 

 وبعد : لم أشأ أن أجمّل وردتي وردة الحب الصافي فهي كذلك بتكوينها وبطبعها وبخلقتها التي فرّدتها وأكسبتها وصفاً بديعاً تستأهله أو أن أحمّلها - برغم طهرها ونبلها– ما لا طاقة لها به مخافة أن يصيبها الحسد فتذبل أو يذهب ماؤها أو ينضب رحيقها فتجف وتيبس فتتلاشى أوراقها وتتبعثر بغضةً وشماتة ، أردت فقط أن أجعل منها رمزاً ذا معنى ومثلاً ذا مدلول برغم أني لم أبالغ في الوصف ولم أزد في التعبير 

 

 إن قصة الأغنية التي مطلعها ينادي هذه الوردة شكّلت لي هاجساً وكونت عندي خاطرة مفادها الصدق في الصداقة وقوامها المحبة التي تنبع كل يوم لنعيش بها ولها ومعها الحياة بحلوها ومرّها سعيدة وأبدية مع من صدقوا معنا وبادلونا المشاعر إنهم باقة أزهار وضوء نهار وفرج بعد ضيق ويسر بعد عسر .

 

 هذه الأغنية كنّا نبدأ بها لقاءاتنا وتواصلنا وأحاديثنا نحن ثلة أصدقاء ، كنا نلتقي فنقول وردة الحب الصافي ونغادر بنفس المقولة ونغني نفس الموال ، كانت الأغنية هذه والتي مطلعها يا وردة الحب الصافي تجمعنا برغم تنوعنا واختلافنا ومزاجنا وفرحنا وخوفنا وقلقنا وأملنا وطموحنا ومشاكلنا ، وكانت الأحلام الصغيرة والجميلة والتي تشبه أحلام العصافير صديقة الوردة الشامية تجمعنا أيضاً ، وكذلك الأفكار المبدعة والمبتكرة وذات البعد الإنساني والهدف النبيل التي كان يطرحها البعض من أفراد المجموعة وكنا نتحاور حولها ونصل غالباً إلى قناعات مشتركة تجاهها ، لكل هذا وذاك وبعد أن مضت تلك الأيام الجميلة وانقضت وأصبحت في الذاكرة بسبب الظروف الخاصة لكل منّا أردت أن أحكي لكم قصة الوردة الشامية لتحبوها كما تحبون الشام .  

2013-08-26
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)