2009-09-26 01:53:13
الاستقلال عن الأهل يفتح باب الحرية الشخصية على مصراعيه.. ويوصد كل الخيارات في وجه المجتمع الشرقي

افعل هذا وامتنع عن ذلك.. لا تسهر لأوقات متأخرة.. لا تستمع إلى الموسيقى الصاخبة.. ارجع إلى المنزل قبل العاشرة مساءاً.. وغيرها الكثير من أوامر ونواهي الأهل التي لا تنتهي حسب رأي الكثير من الشبان تدفع البعض منهم إلى الاستقلال عن الأسرة في بيت خاص.


ولكن شدة استقلال الشخصية والانعزال عن بيت العائلة في منزل مستقل صفة غير شائعة في العالم العربي حيث ترفض الكثير من الأسر استقلال الشاب عنها في بيت خاص لأسباب عديدة بعضها يتعلق بتقاليد وعقلية المجتمع الشرقي وأخرى تعود إلى خوف الأهل على أبنائهم من الانحراف ورفاق السوء.

"بنات على قفى مين يشيل"

يتساءل ميلاد 30 سنة (ويعمل في مجال تصميم الأزياء) الذي اتخذ قرارا بأن يستقل عن أهله ويعيش لوحده في منزل خاص به منذ سنتين "لماذا يستهجن الناس الشاب الذي يعيش بمفرده مع أن هذا الأمر أقل من عادي في البلدان الغربية!!, حيث يتاح للشاب أن تكون له شخصيته المستقلة بعد أن يبلغ الثامنة عشرة بينما يعتبر الشاب الذي يتخذ قرارا بالعيش لمفرده شاذا؟؟".

ويقول ميلاد "بصراحة إن مناحي الحرية التي تتاح للشاب كثيرة سواء كانت أمور عادية أو غير عادية لا يرضى عنها الأهل" فحسب تعبيره "مزاجه وجوه يختلف عن جو أهله الذين لا يقبلون بأبسط الأمور مثل السهر مع الأصدقاء إلى أوقات متأخرة في الليل".

وعلى الرغم من أن (البنات على قفى مين يشيل) حسب قول ميلاد إلا أنه "لا يستغل منزله في ذلك ولا يفضل إحضار أي بنت لأنه يحترم قبل كل شيء جسده وعقله".

الاستقلال عن الأهل يصقل شخصية الشاب ويقويها

رامي الذي كان يعمل في ورشات النجارة منذ طفولته استطاع أن يصبح فيما بعد صاحب محل موبيليا ويشتري منزلا خاصا به ويعيش بمفرده ويستقل.

ويقول رامي "الاستقلال برأيي حالة ذهنية ونفسية وليس مجرّد العيش منفردا في مكان ما لأنه يساعد في بناء جزء من الشخصية من غير الممكن أن يبنى لو عاش الشاب في بيت العائلة إضافة إلى أنها  تكسبه إخوة من المستحيل أن يكسبهم لو عاش في حيه ومجتمعه المعتاد".

من المستحيل أن تمارس الحرية الشخصية في بيت الأسرة

على الرغم من أن منزل أهل أكرم يقع في منطقة تعتبر من أرقى مناطق دمشق إلا أنه فضل الانفصال عن أهله والعيش بمفرده في منزله الكائن في منطقة (القدم).

ولم ينكر أكرم انه "وجد فرقا كبيرا في مستوى المعيشة والخدمات والرفاهية التي كانت متاحة له", إلا انه يقول انه "لم يندم أبدا على اتخاذه لهذه الخطوة (الجريئة) على حد تعبيره, أما الأسباب التي دفعته للانفصال عن أهله فكانت جميعها تتعلق بالحرية الشخصية التي من المستحيل أن يعيشها ويمارسها في منزل أهله".

"باستطاعتي فعل ما يحلو لي بعيدا عن تنبيهات الأهل المملة والمتكررة"

(ب,س) الذي عاش فترة أربع سنوات بمفرده ليكمل دراسته بعد أن سافر كل أفراد عائلته إلى السعودية التحاقا بوالده الذي كان يعمل هناك, قرر بعد عودة أهله إلى سورية أن يستأجر منزلا ويعيش بمعزل عن أسرته.

ويقول (ب,س) "اعتدت على الاستقلالية عن أهلي, ولا أنكر أن لهذا الأمر سلبيات كثيرة يتعلق اغلبها بصعوبة أداء الشاب للأعمال المنزلية من (تنظيف وطبخ وكوي ...الخ) إلا أن الحرية التي تتيحها الاستقلالية عن الأهل تعوض كل ذلك إلى جانب أنها تصقل شخصية الشاب وتزيد من اعتماده على نفسه".

ويضيف: "باستطاعتي فعل ما يحلو لي بعيدا عن تنبيهات الأهل المملة والمتكررة".

"أرفض أن أؤجر منزلي لشاب أعزب لأوفر على نفسي الشبهات"

من جهته قال مازن مرعى الذي يملك منزلا للإيجار إنه "يرفض أن يؤجر منزله لشاب أعزب أو مجموعة من الشباب ليوفر على نفسه المشاكل والشبهات".

وقراره هذا لم يأت عن عبث وإنما عن تجربة سابقة حيث قال إنه "أجر منزله في إحدى المرات إلى شاب أتى من محافظة أخرى وندم فعلا على قيامه بذلك لأن الشاب لم يراع حرمة المنزل وآداب الجيرة", ويتابع "حسب شكاوي الجيران الكثيرة كان يحضر النساء إلى المنزل فضلا عن الحفلات والسهرات اليومية التي لم تكن تخلو من الصخب والمشروبات الروحية.."

مواعدة بنات الليل وممارسات معيبة على الشرفة

من جهتها أكدت السيدة أم بسام رأي مرعى حيث اضطرت إلى الانتقال من منزلها لأن جيرانها كانوا يأجرون منزلهم لمجموعة من الشبان العازبين.

وتضيف أم بسام: "كانت أصواتهم تعلو في منتصف الليل بالقهقهة والتحدث على التلفون فضلا عن مواعدة بنات الليل والممارسات المعيبة على الشرفة وبرندة المنزل معهن".

وعن رأي الأهل في استقلال الأبناء عن بيت العائلة قالت السيدة دارين إنها "من غير الممكن أن تسمح لأحد أبنائها بالاستقلال لأن سلبيات هذا القرار كثيرة وخصوصا في هذا الوقت من الزمان, فالعيش المنفرد يشجع الشاب على الانحراف ويدخله في منعرجات كثيرة وربما ستبدد الكثير من القيم والمبادئ فيه وتحورها, فضلا عن رفاق السوء الذين من الممكن أن يجروه إلى طريق الضلال".

ليس من الضروري أن يكون الدافع فعل الخطأ والممارسات غير المقبولة

وللتعرف على الأسباب والدوافع النفسية التي تدفع الشاب للاستقلال عن الأهل سيريانيوز التقت المختصة في الإرشاد النفسي رشا عباسي التي قالت إن "من أهم الأسباب التي تدفع الشاب لاتخاذ قرار الانفصال عن الأهل هو الرغبة في التخلص من أوامر الأهل ورقابتهم إضافة إلى الرغبة في إثبات الشخصية والقدرة على الاعتماد على النفس وليس من الضروري أن يكون الدافع الرئيسي للاستقلال عن الأهل هو فعل الخطأ والممارسات غير المقبولة".

وتتابع "كل شاب يريد أن يبدأ حياته بحرية واستقلالية وخاصة في ظل المعاناة الدائمة من صراع الأجيال فالأهل لا يتفهمون رغبات أولادهم ويريدون منهم أن يكونوا نسخة طبق الأصل عنهم إضافة إلى الرغبة من قبل الشبان في تقليد الغرب".

مرحلة الانفصال لا تخلو من الأخطاء مهما كان الشاب محافظا

وتتابع عباسي "وفي فترة المراهقة تتغير هرمونات الجسم وتتبعها أيضا تغيرات حادة في طريقة التفكير وإعادة تركيب العقل وهذا يكون له اثر كبير في دفع الفرد للتمرد على الأهل وأخذ قرار الانفصال عنهم كنوع من التحدي لهم".

وفي النهاية تقول عباسي "قد لا يكون الجنس بالفعل هو السبب الرئيسي للاستقلال عن الأهل ولكنه يعتبر حافزا قويا لذلك, ولا يمكن أن ننكر أن مرحلة الانفصال لا تخلو من الأخطاء مهما كانا الشاب محافظا وملتزما وخاصة مع وجود رفاق السوء وتأثيرهم".

أروى الباشا - سيريانيوز شباب


Powered By Syria-news IT