وقال وزير التعليم العالي عبد الرزاق شيخ عيسى إن "سورية تنتمي على الدول ذات المعدلات العالية للنمو السكاني, على مستوى العالم مما يبرز عناصر المشكلة السكانية والتي يمكن تلخيصها في الارتفاع الكبير المضطرد في حجم الزيادة السكانية السنوية واختلال التوزع الجغرافي للسكان بما يخلقه من ضغوط متزايدة على مصادر الطاقة والسكن في المدن الرئيسة وتدني الخصائص النوعية السكانية".
وأضاف شيخ عيسى أن "مرحلة التطور الديمغرافي في سورية وصلت إلى مرحلة لم يعد معها ترك العامل السكاني يسير دون ضوابط ونواظم وسياسات تحد من تأثيراته السلبية المرهقة لعملية التنمية المستدامة".
ولفت وزير التعليم إلى أن "سوريا فيما مضى استطاعت استيعاب الزيادة السنوية للسكان, إلا أن جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أن ذلك سيكون متعذراً في المرحلة القادمة"، لافتاً إلى أنه "يجب اتخاذ إجراءات كمية ونوعية تؤثر في اتجاهات النمو السكاني وفي نويعة الخصائص بما يسهم في تحويل تحديات المسألة السكانية من مخاطر إلى فرص تنموية تسهم بمعالجة مظاهر الفق والبطالة والهجرة والسكن العشوائي".
من جهتها, أكدت رئيس الهئية السورية لشؤون الأسرة إنصاف حمد أن "المجتمع السوري شهد في القرن العشرين زيادة كبيرة بعدد السكان ساهم بهذه الزيادة إلى حد كبير تطور الوعي التعليمي والصحي وتحسن نظام الخدمات الصحية وتراجع معدلات الوفيات والسيطرة على العديد من الأوبئة والأمراض السارية وهي كلها نتائج ناجحة لخطط التنمية المتتالية".
ولفتت الحمد إلى أن "هذا الوعي واكبه تراجع بطئ في معدلات الخصوبة, الأمر الذي اوصل حجم الزيادة السنوية على حوالي نص مليون نسمة سنوياً مما يتطلب سياسات تدخلية تأخذ بعين الاعتبار الخصائص الديموغرافية المتباينة بين المحافظات بما يساعد على معرفة أماكن التدخل الممكنة والمحتملة وما يتطلبه ذلك من حفظ كبير على الإنفاق العام".
وأشارت الحمد إلى أن "هناك تخلخل في التوزع السكاني حيث يتركز ثلاثة اخماس سكان سوريا في 13% من مساحة سورية وبعبارة أدق هناك 44% من السكان يتركزون في 8% من مساحتها بينما يتواجد الباقون في المساحة المتبقية"، مشيرة إلى أن "هذا التوزع نتج عنه اتساع العشوئيات وترهل الطور المدني واختلال التوزع السكاني المدني واستمرار ارتفاع مؤشر الكثافة السكانية في المدن".
واضافت رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة أنه "طوال العقود الماضية افتقرت السياسات والخطط التنموية إلى مكون أساسي وهو سياسة وطينة متسقة ومتكاملة بدلاً من السياسات غير المنسقة والمتضاربة والمواربة والتي لم تصل إلى درجة الاعتراف بالمشكلة إلا مؤخراً ومنذ بضعة سنوات فقط".
وأكدت الحمد أن "الهئية السورية لشؤون الأسرة استطاعت أن تخطو خطوات لابأس بها في هذا المجال من خلال التعامل مع المسألة السكانية كأولوية وطنية بما يستجيب لمتطلبات المرحلة الرهنة والمستقبلية"، لافتة إلى أنه "تم اتباع منهجية علمية تعتمد على تعزيز الإحاطة والمعرفة بمختلف جوانب الواقع السكاني والأسري عبر إنجاز أبحاث ترصد الواقع وتحلله وتشخص مشكلاته وإعداد الاستراتيجيات والخطط استناداً إلى نتائج الدراسات والأبحاث المنجزة في هذا المجال, إضافة للبدء ببناء قواعد بيانية وإعداد خرائط سكانية لتوفير مؤشرات مساعدة برصد وتتبع تنفيذ وتقييم السياسة السكانية".
يشار إلى أن المؤتمر سيستمر لمدة ثلاثة أيام يستعرض خلالها 61 ورقة علمية تتناول مراحل التحول الديمغرافي في سورية، والأبعاد التنموية للمسألة السكانية، والمشكلات السكانية الاجتماعية والاقتصادية الملحة، وعرض تجارب الدول في القضايا السكانية المماثلة.
و تنعقد على هامش المؤتمر ندوتان علميتان وورشة عمل تتناول قضايا الشباب والمشاركة المجتمعية، وقضايا الصحة الإنجابية، وآليات ومنهجيات السياسات السكانية.
كما يشارك فى المؤتمر عدد من الخبراء والباحثين والمختصين من الجامعات والهيئات والمراكز البحثية الوطنية السورية بالإضافة لمشاركة 6 دول عربية شقيقة هي العراق و لبنان ومصر والسودان وتونس والجزائر.
حسام قدورة - سيريانيوز