2008-10-21 23:10:35
تعليق لـ ثبت الجنان على موضوع "تساؤلات"

مهمة ثقيلة ألقيت على عاتقي الآن أن أشرح وأوضح كل النقاط التي أثارها بعض المشاركين هنا ، وحتى لا أبخسه حقه سأشكره على انتقاله للموضوعية والرقي الكبير في الطرح وهي قفزة كبيرة يشكر عليها ،


 كما أرجو من السادة مشرفي سيريا نيوز أن يساعدوني على نشر كافة تعليقاتي نظراً للأهمية الشديدة للموضوع ، أبدأ بقوله أن العقيدة الدينية هي دوغمائية ولا تشرع باستخدام العقل بشكل مطلق ، ربما هذا الكلام يكون عن ديانات غير الإسلام لكن أنا أؤكد جازماً أن الإسلام أتاح حرية التفكير بشكل مطلق وحث عليها واستخدام العقل هو أمر مطلق لكن يجب التمييز في أمر ونقطة هامة ، هناك بلا شك أمور توقيفية يجب الإيمان به لكن هذا لا يعني هنا أننا أوقفنا العقل وجمدناه بل على العكس هذه الأمور بالذات هي التي تحفز العقل على التفكير أكثر وأكثر ، فكل العلم الذي وصلت له عقول البشرية ما هو إلا قطرة صغيرة في بحر العلم وبالتالي فمن الجهل أن نحاكم الأمور التوقيفية ( الغيبية ) إلى قوانينا العلمية الحالية والتي تتطور بشكل متطرد ، الآن بالنسبة لقضية اختيار الدين ، فمن أراد أن يغربل الأديان ويختار الصحيح منها فهو بلا شك يجب أن يكون على الحياد ، لكن هناك أيضاً من تفقه بدينه منذ نعومة أظفاره وهو يعلم حيثياته جميعاً ويعلم مدى منطقية وعقلانية عقيدته نظراً أنه من خلال دراسة دينه كان بلا شك أيضاً يدرس مقارنة مع أديان أخرى ليرى الفرق وبالمناسبة طالب العلم متاح له كل شيء وأن يسأل ما شاء ولا يعني هذا أنه لديه شك في دينه ، بالنسبة لحد الردة فهو موجود في باقي الديانات ( السماوية ) وغيرها ، وحسب علمي كل الديانات تحرم الردة وتقتل المرتد  ( تذكرون قصة الفتاة الإيزيدية التي قتلت لأنها أسلمت ) وحتى المسيحية فيها حد الردة رغم محاولات  تجاهل ذلك  وهناك نصوص يمكن الاستناد إليها في العهد القديم والجديد  والكتاب المقدس عند المسيحيين  يضم العهدين والعهد الجديد جاء ممكلاً للقديم باعتراف المسيح نفسه في العهد الجديد  ، طبعاً السياق التاريخي ينبئنا بهذا ومحاكم التفتيش خير دليل ، فلا داعي للمحاولات التنميقية ،  بالنسبة لحد الردة في الإسلام فكما قلت هو خاضع لاجتهادات تقررها ظروف كل زمان ، نحن لا نتحدث عن مصداقية مجتهدين معينين ، نحن نتحدث عن باب تشريعي اسمه الاجتهاد وهو أحد مصادر التشريع واستخراج الاحكام بما يتوافق مع كل زمن  ، طبعاً الاجتهاد له شروطه وأهله وليس أي شخص يقول عن نفسه مجتهد يؤخذ بقوله ، على كل حال يجب أن تضعوا السياق التاريخي والظروف الموضوعية بعين الاعتبار لأهميتها الشديدة ، لا يمكن على الإطلاق مقارنة أحوال هذا الزمان بأحوال ما يعرف بالعالم القديم !!يجب أن نراعي الاطار الزماني والمكاني والسياسي والاستراتيجي للحدث ، الاسلام جاء وخرج بين قوم ديدنهم القتل وسفك الدماء ، قبائل بدائية طبعها القتل والإغارة والنهب والثأر ووأد البنات وعبيد ورق ووو وهذا ليس في العرب فقط بل كل بلاد الدنيا كانت كذلك ، فأفراد كهؤلاء لا بد أن يوجد احكام معينة في ظروف معينة تتناسب مع قسوتهم ، فمثلاً الذي ارتد عن الإسلام أيام أبي بكر ترى هل ارتداده كان فكرياً فقط ؟؟ أم أنه جمع الجموع وحزب والأحزاب وأشهر السيوف وشكل العصابات ؟؟  بالنسبة للفتنة سأضع تعريفها وفق ما أراها : الفتنة هي كل ما يسبب فوضى عارمة وخلل رهيب وكل ما يثير البلبلة الفادحة التي ينتج عنها نتائج سيئة جداً وهي بكل الأحوال لا تفضي إلى خير ولا إلى إصلاح ومثيرات الفتنة عادة هي دعايات تشويهية يقوم بها أفراد يدغدغون عواطف العامة والبسطاء حتى يقودوهم باتجاه معين ولتحقيق مأرب معين في أنفسهم ، المشكلة الخطيرة في الفتنة أنها لا تعطي الوقت ولا فرصة للتفكير العقلاني والتأكد الصحيح من فحوى تلك الدعاية التي أثيرت ، فتسري تلك الفتنة في الجموع مسرى الشرع فيبنون عليها قرارات خطيرة جداً من شأنها دهورة  الاستقرار وحدوث فوضى مدمرة جداً وقتل الحقيقية ، سأضرب مثالاً على كلامي لتقريب الصورة ، تصوروا معي الحجاج في يوم عرفة أو يوم رمي الجمار حيث الجموع الغفيرة جداً من الناس مجتمعة ، لو أن شخصاً خبيثاً أراد أن يوقع مجزرة عظيمة بين هؤلاء الحجاج هل تعرفون ما هي أبسط الطرق لذلك ؟؟ يكفي أن يمسك مكبراً للصوت ويصرخ في الناس : هناك قنبلة ضخمة ستنفجر الآن ، أو يقول هناك سيارة مفخخة هنا ، تخيلوا معي حجم الكارثة التي ستحصل ، ستتدافع تلك الجموع وسيطؤون بعضهم بعضاً لأنهم جميعاً صدقوا هذه الكذبة وأصابتهم فتنة عظيمة وستنتشر تلك الكذبة انتشار النار في الهشيم وسيحاولون الهرب من المكان حتى لا يصيبهم الانفجار وتخليوا معي عدد الناس الذين سيموتون دعساً تحت الأقدام ، كل هذا ما سببه ؟؟ سببه فتنة صغيرة نشرها أحد الكاذبين ، أعزائي وحتى لو كان كلام هذا الشخص صحيحاً من الخطير جداً أن يقوم بنشر الخبر بين تلك الجموع ، وسلطات الامن حينها ستكتم الخبر وستحاول أن تفكك القنبلة دون أن ينتشر خبرها لما سيسببه ذلك من الكارثة التي عرضت لكم ، الآن لو أن شخصاً يعلم أن هذا الشخص سيقوم بهذه الفتنة الكاذبة ترى هل يتركه أن يفعل فعلته أم أنه يحاول أن يمنعه بشتى الطرق ؟؟ وحتى لو اضطر لقتله ؟؟ أرأيتم  الخطر العظيم الذي تمثله الفتنة ؟؟ أرأيتم خطر ذلك الفتان ؟ أرجو أن أكون قد قربت الصورة وأرجو أن يفهم المغزى من كلامي لا أن يلقى على عواهنه ولا أن يؤخذ على حروفه . بالنسبة للمعتزلة وأهل السنة الخلاف بينهما كان في قضية الصفات وخلق القرآن وفعل الأصلح ، والمعتزلة بكلامهم قد ناقضوا أحكام العقل ذاته ،ولا مانع عندي أن نناقش أقوالهم لنريكم الخطأ في كلامهم ،  بالمناسبة أهل السنة فيهم مذهبان هم الأشاعرة والماتوريدية وليس فقط الأشاعرة وهما مذهبان متقاربان جداً وقد اختلفا في ثلاثة عشرة مسألة فقط ، المهم أجد أن الكثيرين يخلطون  ويحسبون المعتزلة من أهل السنة ويحسبون أن أهل السنة هم أشاعرة فقط وفي الواقع أن المعتزلة اسمهم معتزلة منذ أن اعتزل  واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري .

العزيزة فتاة سورية جداً ، حرية الاعتقاد متاحة لأي دين ولأي شخص وليس فقط لأهل الكتاب ، فالمجوس وأي معتقد آخر أيضاً لهم حرية اعتقادهم ، ولا أدل على كلامي من ان الفاتحين المسلمين لما فتحوا بلاد السند والهند لم يهدموا معابد البوذيين وحتى تماثيل بوذا أبقوا عليها ، وما فعلته طالبان قبل سنوات حينما هدمت تمثالي بوذا كان خطأ لا نؤيده ، لا أدري من أين أتتك فكرة أن حرية المعتقد فقط لأهل الكتاب !! بالسنبة للجزية عزيزتي هي كانت بدلاً عن الحماية ، أي كما يعرف الآن ببدل الخدمة العسكرية ، فكان المسلمون يأخذون الجزية مقابل التعهد بحماية الطرف الآخر والدفاع عنه و كانت تفرض على كل من يرفض الدخول في الإسلام من الذين يخضعون لسيادة الدولة المسلمة فهذه الجزية تدفع مقابل تعهد المسلمين لهم بحمايتهم والدفاع عنهم من أي اعتداء خارجي ، والدليل أن الجزية هي بدل دفاع وحماية هو ما جاء في عهد خالد بن الوليد لصاحب قس الناطف: "إني عاهدتكم على الجزية والمنعة.. فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا حتى نمنعكم"المنعة أي الحماية . والذي حصل بعد ذلك ان خالداً رد الجزية على أهل حمص ، وأبو عبيدة على أهل دمشق، وبقية القواد المسلمين على أهل المدن الشامية المفتوحة ردوا ما أخذوه منهم من الجزية حين اضطر المسلمون إلى مغادرتها قبيل معركة اليرموك، وكان مما قاله القواد المسلمون لأهل تلك المدن: "إنا كنا قد أخذنا منكم الجزية على المنعة والحماية، ونحن الآن عاجزون عن حمايتكم فهذه هي أموالكم نردها إليكم".هذا أمر ، والامر الثاني نجد أن الجزية تفرض فقط على من يقدر أن يدفعها ولذلك قال الله تعالى ( عن يد ) أي عن قدرة ، وتؤخذ من الصحيح ،الذكر ، العامل الذي يعمل ( فالمريض العاجز العاطل عن العمل كل السنة أو أغلبها لا يؤخذ منه ولو كان موسراً وغنياً ) ولا تؤخذ الجزية على امرأة ولا طفل ولا مجنون ، اما مقدار الجزية فانظروا يرعاكم الله واحكموا :أعلاها وهي 48 درهماً في السنة على الأغنياء مهما بلغت ثرواتهم وأوسطها وهي 24 درهماً في السنة على المتوسطين من تجار وزرّاع ،وأدناها وهي 12 درهماً في السنة على العمال المحترفين الذين يجدون عملاً.وهذا مبلغ لا يكاد يذكر بجانب ما يدفعه المسلم من زكاة ماله فحسب، ولنذكر هذه المقارنة الواضحة: لو أن هناك مسلماً غنياً يملك مليون درهم لوجب عليه في زكاة ماله خمسة وعشرون ألف درهم بنسبة اثنين ونصف بالمائة وهو القدر الشرعي لفريضة الزكاة، ولو أن هناك جاراً له مسيحياً يملك مليون درهم أيضاً لما وجب عليه في السنة كلها إلا ثمانية وأربعون درهماً فقط.. أي أن ما يدفعه المسلم للدولة يزيد أكثر من خمسمائة ضعف على ما يدفعه المسيحي، فأين يكون الاستغلال في مثل هذا النظام؟!إن في إسقاط الجزية عن الفقير والصبي والمرأة والراهب المنقطع للعبادة والأعمى والمقعد وذوي العاهات، أكبر دليل على أن الجزية يراعى فيها قدرة المكلفين على دفعها ولا تؤخذ إلا ممن هو قادر على دفعها ، ثم إن المسلمين كانوا فوق كل هذا يعطون المال لفقراء أهل الكتاب وكانوا يصرفوا رواتب للفقراء منهم من بيت مال المسلمين ، وأنا أريد أن أسأل من كان في ذلك الزمن يطبق هذه المعايير الإنسانية الراقية من بين كل الدول والقبائل حينها ؟؟ فالجزية كانت نظاماً عالمياً لكن غير المسلمين كانوا يفرضونها بشكل وحشي واستغلالي وقهري  ولا يراعون حال من يفرضوها عليهم ، بينما نجد أن الجزية عند المسلمين كانت بدل حماية مع مراعاة الوضع المادي لكل فرد حيث لا تؤخذ من فقير ولا من امرأة ولا من طفل ولا من مريض . بالنسبة لقضية القوامة ليست تعني خضوع المرأة وتذللها ، بل هو شأن فطري يرجع إلى حاجة المراة إلى حماية الرجل ، واندفاعها للاحتماء به والعيش بظله وهذا تؤكده الأبحاث والدراسات النفسية التي تدرس سيكلوجية المرأة وفطرتها، فالمرأة تعشق أن تجد رجلها محتويها وأوسع منها وقادر على حمايتها وإشعارها بالأمان معه ، بالنسبة للزواج من الكتابية إن كان الرجل لا يضمن سلامة ذلك على أولاده فلا يجوز له الإقدام عليه ، أرى أني قد أطلت كثيراً بتعليقاتي فعذراً شديداً يا مشرفي سيريا نيوز لكن الموضوع هام جداً 


copy rights © syria-news 2010