syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
هل نقطع الأعناق حين انسداد الآفاق؟ ... بقلم : حسان محمد محمود
مساهمات القراء

أن تشيّد صرح (كاركتر) أمرٌ نادرٌ، لأنك كي تحقق ذلك تحتاج إلى قطع مسافةٍ طويلةٍ وعرةٍ حافلةٍ بالمطبات و المنعطفات، مليئةٍ بالمعاناة، و الإبداع، و النجاح.

الأمر أشبه بمحاولة إشعال عود ثقابٍ و أنت تقابل مروحةً.


ثم، الأكثر صعوبةً، بناء (كاركتر) كوميدي، فإضحاك غير مبتذلٍ للمبتلين بكوارث عامةٍ وخاصةٍ في أي مكانٍ ـ وتحديداً في منطقتنا ـ مهمةٌ تقارب المستحيل، إنجازٌ يمكن تشبيهه بقدرتك على إشعال عود ثقابٍ وسط عاصفةٍ، وليس في مواجهة مروحة فحسب.

 

الفريد، و المميز هو (الكاركتر) الثنائي، إذ في حال ظهوره لا مجال للتشكيك في عبقرية مبدعه، إنه ( الكاركتر الثنائي) ثروةٌ فنيةٌ بكل معنى الكلمة، و يدل على قدرة إشعال عود ثقابٍ وسط المحيط الأطلسي، في عين العاصفة، في مثلث برمودا.

 

ترى ما الحكمة من هدم صرحٍ فور اكتمال أركانه، وتبلور ملامحه؟

أيعقل أن تبادر إلى النفخ على عود الثقاب بعد أن نجحت في إشعاله؟

أنت، متى انتهيت من بناء بيت؛ تسكنه، و لا تهدمه.

التدمير، تصرفٌ غريبٌ، عبثيٌّ، مستهترٌ، لا يقوم به حتى الطفل الذي شيد بيتاً بمكعباته، تراه خائفاً على حصيلة تعبه، وإبداعه.

سلوكٌ، ينتمي بجذره إلى فلسفة أكل الذات، و التربة الثقافية التي ينهل منها هي تربة الانتحار، وسفح الدم مقابل لا شيء، هكذا...

 

في بداية السبعينيات صادف أن قام عبقريٌّ اسمه نهاد قلعي بإنشاء (كاركتر) كوميدي ثنائي سوري (غوار ـ حسني)، وتعرفون جميعاً النجاحات التي حققها محلياً وعربياً، ومنذ تلك الفترة لم تجد علينا قرائح المبدعين و الفنانين بشبيهٍ مماثلٍ له من حيث القيمة الفنية و الثراء الدرامي الكوميدي البعيد عن التهريج، و الإمكانات التطويرية المختزنة في طياته؛ إلى أن بزغ نجم الثنائي (أسعد ـ جودة).

و الآن، سوف يقتلون هذا الثنائي، مع البيئة التي تحيط بهما، فالتلوث يصيب الجميع في مقتلٍ، بمعنى أن ثمة (مجزرة) دراميةً قادمةً، سوف تلطخ شاشاتنا، و ربما تدمي قلوبنا.

أية أسبابٍ تكمن وراء اتخاذ قرار الإعدام هذا؟

فالأمريكان لم يقتلوا (توم ـ جيري)، ولطالما تنادى المفكرون و المثقفون العرب وعقدوا العزم، وأعلنوا عن المسابقات لتشكيل (كاركتر) عربي مماثلٍ أو قريبٍ من نموذج (توم وجيري) أو (ميكي ماوس) لمواجهة الغزو الثقافي الأمريكي، ما يعني أن إنشاء (الكاركتر) الخاص بالثقافة المحلية الحامل لنكهتها و المختزن لجيناتها الحضارية؛ أمرٌ مرغوبٌ ومطلوبٌ، فلماذا ندمر (أم الطنافس)، وشخوصها؟!

أليست (أم الطنافس) بوصفها ضيعةً وحيزاً اجتماعياً وأخلاقياً كاركتراً حلماً، مميزاً؟ إذن أنتم هنا تدمرون كاركتر ضيعة نادراً وفريداً.

 

سوريا لم تفعل ذلك مع (غوار ـ حسني)، (لوريل ـ هاردي) لم يمت، وكذلك (صابر ـ صبرية)، (كركوز ـ عواظ)....وناجي العلي لم يقتل حنظلته في أية لحظةٍ سوداويةٍ من تلك اللحظات التي دهمته (و ما أكثرها) ...ما القصة إذن؟

في ظل غياب أي تفسيرٍ، أو تبريرٍ، من قبل الكاتب أو المخرج لم يبق ـ لي على الأقل ـ سوى التكهنات، و لقد قلبتها في ذهني، فلم أجد ما يشرع هذا الإفناء و المحو (لأم الطنافس ...الفوقا).

ثمة انسدادٌ في أفقٍ ما، ترى ما هو؟

من أي شيءٍ تهربون إلى الموت؟

أهي ذاتية البعض، ورؤيته الخاصة؟

ـ حسنٌ، ماذا لو ندم (القاتل) بعد فترة على فعلته؟ أم تراها الرغبة باحتكار رفد هذه الشخصيات بنسغ الوجود و الاستمرار، وجعلها ماركة مسجلةً باسم الكاتب و المخرج و الشركة المنتجة؟

إن كانت خزائن إبداع الكاتب قد نضبت الآن؛ فإن هذا لا يبرر قتل هذه الشخصيات، إذ ربما تجود قريحته بعد فترة بأفكار ومواضيع جديدة، ساعتها، ما العمل؟ هل نبحث ساعة الندم عن مخارج درامية تتلافى خطيئة (القتل) و لا تحترم عقل المشاهد كما فعل آخرون؟ لم نقدم على خطوةٍ قد نضطر للتراجع عنها مستقبلاً؟

ثم ماذا عن الكتاب الآخرين، الذين يستطيعون استخدام هذه الشخصيات حاملاً لإبداعاتهم، وقالباً لأفكارهم؟ كلنا نعرف أن شخصيتي (غوار وحسني) لم ينفرد مبدعهما بالكتابة لهما، فقد تعاقب عدة كتاب على ذلك، بدءاً بنهاد قلعي وانتهاءً بمحمد الماغوط.

هل هي الخشية من الوقوع في مطب التكرار، و تجنب مصيدة استغلال النجاح فيما يعرف بظاهرة الأجزاء المتتالية في المسلسلات الناجحة؟

إن كان الأمر كذلك؛ فهذا أبلغ تعبيرٍ عن المثل القائل: " عذرٌ أقبح من ذنبٍ"، إذ أن فيه اعترافاً بعدم النضج، وسهولة الانقياد خلف الإغواء، و الانزلاق إلى مهاوي الأجزاء الرديئة ...أين الثقة بالنفس، و الرؤية الواضحة للعمل ومقوماته؟

أنت أيها (القاتل) تستطيع تحرير نفسك من إملاءات السوق الدرامي وقوانينه التي خضع لها غيرك. أنت أيها (القاتل) لست ملزماً بتقديم جزءٍ جديدٍ كل (رمضان) لتفعل ما فعله سواك.

هل أنت أيها (القاتل) ـ كاتباً كنت أم مخرجاً ـ مراهقٌ مثل بقية المحيطين بك؛ حتى تخضع لإغواءٍ وقعوا فيه؟

هل أهرب من المعاصي الموجودة في الشارع بالانزواء و التقوقع في بيتي؟

وهل من قيمةٍ للفضيلة إن لم تكن في مغالبة الرذيلة و مقارعتها، وعدم الانسياق خلف إغراءاتها؟ أيهما أصلب عوداً وأمضى في النزاهة، شخصٌ أمامه المال سهل السرقة؛ فيرفضها، أم آخر لم تقع عينه على أكوام الذهب و المال؟

 

حقيقةً، أرغب ـ والكثيرون غيري ـ بمعرفة الأسباب كي نناقشها، خصوصاً أن ليس هناك أي مبررٍ دراميٍّ (للمجزرة) فالمسلسل قصصه مختلفةٌ، متنوعةٌ، لكل حلقةٍ سياقها الخاص، إلا إن كان المغزى توجيه رسالةٍ تقول: بقعة النظافة الوحيدة الباقية في هذا العالم، لوثت، و لا أظن أن من الحصافة الفكرية و الفلسفية توجيه مثل هذه الرسالة المحبطة لمجتمعنا المعروف بعاطفيته وتحكمها بجزءٍ كبيرٍ من انطباعاته ودوافعه.

 

حسبي هنا التعبير عن رأيي الشخصي، فأنا من أنصار أن تبقى (أم الطنافس...الفوقا) ضائعةً بين الجبال و الغابات، مشرعةً صدرها للبحر الشاسع، على أن يدفنها التسرع تحت تراب ملوث بأنانيتنا، و رؤيتنا الذاتية، التي قد لا تُمكّن من بنى الأهرامات قبل آلاف السنوات من معرفة ما سوف تمثله للبشر في عام 2010. رؤيةٌ لا ترى في الهرم أكثر من قبرٍ عظيمٍ لملك.

بقاء (أم الطنافس ...الفوقا) ضرورةٌ، تتجاوز في حيثياتها الضرورة الدرامية لتصل إلى حد الضرورة الحضارية و الثقافية، فهل يدرك (القاتل) ما هو مقدمٌ عليه؟

 

و لاتقولوا:  شو إلنا دحاشة، نحنا ملوك الشاشة.

لك هادا الجمهور مانو جلجوء و هبور.

وهوي بحضي ما آبول بهالنهاية النشح، لا قولكن درخوشة للحلقة الأخيرة غير هالدرخوشة، لأنو العالم صار بوزها مقلوب متل سفل الدست، من قلة الدبار تبعكن.

إي والله ما صارت لا ببلاد الإكرك ولا ببرغاليا...لك حتى بأم الطنافس التحتا ما عملوا اللي عمتعملوهني.


2010-08-29 23:00:43
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
ميسون2010-09-13 20:12:53
لا لقطع الأعناق
كلام منطقي وعقلاني لا غبار عليه الموضوع مو قصة مسلسل وانتهى الفكرة بحد ذاتها كتير مؤذية ومدمرة يعني كل شي جميل ونقي بهالعالم مصيره الفناء اوالتلوث والفكرة عم تنطرح بمجتمع اساسا محبط ويبحث عن بصيص امل وهي ايضاغير صحيحة بل هي وجهة نظر تشاؤمية بالعالم فالأمل موجود بكل لحظة ولن يفنى يوما اليست مهمة الدراماالنهوض بالمجتمع هل هذه هي القناعات التي سيبني بهالناس مجتمعاتهم؟
-سوريا
جهينة2010-08-30 17:53:05
حكيت اللي بقلب الجمهور
انا كتير متعلقة بهاد المسلسل كتير وعم تابعه بكل كلمة وحرف ومتل ماحضرتك ذكرت ليش بس عندنا ولو استمرت الثنائيات الناجحة لفترة يقتلها الكاتب او المخرج او المنتج وفي بلاد اخرى تستمر وتستمر ..هل البحث عن المال من احد الطرفين هل المصلحة او ربما المكان ربما الزمان لا اعلم الحياة اصبحت مصالح وتجارة للاسف وليست الغاية فقط امتاع المشاهد..ونهاية مساهمتك كمان كتير مهضومة ..تحياتي لك
-سوريا
حسان محمد محمود2010-08-30 15:30:19
عزيزي هاني المتفاني
ذات الضرر وقع علي، حتى أن مطعم (....لن أذكر أسمه) صار يقدم التبولة بالقطارة، و الخبز صار على حد قول عادل إمام (للحلفان عليه) وليس للأكل.
-سوريا
حسان محمد محمود2010-08-30 13:39:27
مشكورين
شكر لكل من قرأ أو علق أو اهتم..صديقي نائل والله كمان أنا اشتقت لك..وسررت بقراءة اسمك هنا، الأخت طرطوسية: عسانا نوفق فيما نسعى إليه..مالك محمول صيني: أنا أتابعك..سخريتك تعجبني، أبو الحارث: أشكر مرورك وكلماتك..حبيب: صحيح الحياة ليست مسلسلات لكن هذا الكاركتر هو صناعة سورية تستحق الدفاع عنها (وبتجيب مصاري)..أشكركم جميعاً.
-سوريا
هاني المتفاني2010-08-30 13:04:50
حسان
هل تعلم يا حسان أن هذا المسلسل ضرني كثيرا مع أنني استمتعت بحلقاته ..قبل أن يعرض كنا بشكل دائم أنا والشلة نخيم في هذه البقعة الجميلة من الأرض التي لم يصل لها الانسان بعد ..نخيم أيام وليالي ولا نرى أحد ولا أحد يرانا لكن بعد عرض المسلسل .. خرجنا كعادتنا لكن للأسف ..كان هناك الكثير من الناس منهم من يريد أن يرى بيت أسعد ومنهم من يريد أن يتصور بالقرب من المخفر ..ومنهم ومنهم ..بالنهاية حملنا حالنا ورجعنا وعم ندور حاليا على مكان للتخييم عوضا عنه
-سوريا
نائل شنون2010-08-30 11:24:50
اشتقنا يا حسان
الأخ العزيز حسان في تاريخ البشرية قد استعملت الحكومات المتعاقبة على الناس أو اصطنعت رموزاً فنية لتنشر أفكارها وسياساتها بينهم , وأعتقد أن هذين الرمزين للكوميديا اللذين انبثقا من خلال هذا المسلسل الكوميدي يمكن لنا أن ننشر من خلالهم ثقافة صحية بين أفراد المجتمع وذلك كله من خلال توظيفأأقلام ناضجة يمكن لها أن تحول من سلبيات مجتمعنا إلى مواقف كوميدية تصل إلى أكبر قدر ممكن من الناس مع طرح الحل لها, من جهتي أشد على يديك في هذا الطرح وياليتهم يستمرون , تحياتي لك حسان ورمضان مبارك
-الإمارات
طرطوسية2010-08-30 11:21:32
شكر كبير للكاتب
يعجبني إصرارك ومثابرتك على أي موضوع تضعه نصب عينيك وكأن الموضوع سيعود عليك بالضرر أو الفائدة المباشرة, كما حدث في التحقيق الذي أجريته حول استعادة رفات الكواكبي.. حقيقة أرفع لك القبعة وأرجو من الجميع أن يتحلوا بهذه العزيمة وهذا العناد في القضايا التي يؤمنون بها.. لو كنت أنا المعنية لأرسلت لك رسالة أبلغك فيها بالإعفاء عن جودة وأسعد والإبقاء على حياتهما لأن كلامك مقنع جداً ومن لم يقتنع أشك في نواياه... أشكرك .. تحياتي
-سوريا
مالك محمول صيني2010-08-30 10:51:09
أخي حسان
كأنك في قلبي في كل كلمة كتبتها و شكراً لك على هذه المقالة ..أعتقد مثلك أنها الأنانية أو حب التملك هما من سيقضي على هذه الضيعة و ليس سبب آخر مثل فقر المؤلف للأفكار أو تعب المخرج و ملله ..الكاتب ذكي جداً.. اقتبس شخصيات أنجح مسلسل في الوطن العربي إذ استطاع خلق الرجل ذو المقالب تماماً كما كان غوار و الرجل الطيب مثل حسني و رئيس المخفر كما أبو كلبشة و صاحب المتجر مثل أبو رياح و عفوفة مثل منتهى .. و أعاد صياغة الشخصيات في منطقة متكاملة معزولة ..و قد وفق في ذلك ...أضم صوتي إلى صوتك في منع جريمة القتل
-سوريا
abo alhareth2010-08-30 08:58:12
لو صح ما تقول
باعتقادي... أنه لو صح ما تقول, فإني أعتقد أن السبب هو الخوف من تكرار العمل من قبل كاتب ومخرج آخر, وخاصة في جو درامي مقيت ينسف كل ماهو جميل في سبيل المادة... ممدوح حمادة كاتب من العيار الثقيل, أبدع مع بسام كوسا في قانون ولكن, ومع ضيعة ضايعة, وفي لوحات مميزة كثيرة لبقعة ضوء, وأظن أنه قادر على خلق شخصيات جديدة مع ممثلين جدد في دراما مميزة أخرى...  
-سوريا
حبيب2010-08-30 08:38:30
خلونا واقعيين
ولك شو هالشعب اللي متعلق بأوهام وخيال؟ ولووووو الحياة مانا مسلسلات. والله شعبنا غشيم وبيتأثر بسرعة. طالما الدراما السورية نجحت فلازم يصير في صناعة دراما والها مقومات وتشغل ناس بسوريا. ليش لأ. إذا باب الحارة لاقى نجاح فلازم يستمر وإذا ضيعة ضايعة نجح فلازم يستمر. فكرو بالبيزنس مو بالعواطف
-سوريا