syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
عودة حزينة ... بقلم: خلدون عزام
مساهمات القراء

الخبر رمى في ليلة من التوجع ما يعكر السماء، استسلم لنحيب عميق ، وعند الصباح جمع أغراضه وفي نفسه نية العودة، فقد أيقض الموت فيه الحنين، وشعر لأول مرة أن الحياة ضعيفة، تخطف من يحب،هكذا بسرعة وسهولة.


اتصلوا به ، عند المساء ، كان مع أصدقائه يهم الذهاب للسهر ، أخبروه أن أخته قتلت.. ينخطف وعيه تاركا وجهه من غير روح ..فينزلق الهاتف من يده ليقع على الأرض، ومن حنجرته خرجت صيحة مدميه، لملم شتاته، أمسك الهاتف مرة أخرى ، وطلب المزيد، أخبره والده أنها قتلت بحادث سير على الطريق الشرقي، وهي عائدة من الجامعة, لتقضي نهاية الأسبوع في بيتها لكن القدر قادها نحو القبر... لم يستطع الرجلان أن يتابعا أكثر فتاها ببكاء مرير، كان الأب يطلب منه أن يعود.. قال له بمراره باكيه، لا تجعلني حزينا مرتين، فقدت إبنتي، لا أريد أن أفقدك... انقطع الاتصال فجأه.. فقد انتهى رصيده، لكن الهاتف بقي ملتصقا في صدغه و كلمات والده لا تغادر سمعه... لعن الطريق السريع كل عام يحصل حادث مروع ، لماذا لا يوسعوه؟ ، قتلتم الصغيرة صاح بغضب ..."كانت فتاة ذكية في سنتها الأخيرة .... قلت لها أني سأحضر في الصيف ، أخبرتني عن أغراض تريدها.. اشتريتها. أنظري يا حبيبتي الصغيرة ما أجملها ،جاكيت وردي، موبايل ، لتصلني رسائلك الشقية ... كيف تغادرين بدون وداع.. وعدتني أنك ستكونين أول الناس في المطار لاستقبالي .. آه يا حبيبتي الصغيرة .. أذكرك في البيت.. تنثرين مع ابتسامتك وردا وياسمين وتشفين الجراح، كنت أما ثانية لنا.. لكن أين أنت الآن؟.. كم الحياة قاسية وهي تطمس دروبنا بالموت، و الفقر، و الغربة".

ينكسر بصره نحو أرض الغرفة، يتوقف عن مناجاة الغراغ، ثم ينظر نحو الشباك ليعلق بصره في السماء الزرقاء ، لم يعد يقوى فانهمر حزينا، بكى ...أخته كطفل ضائع يبحث عن بيته ... أحس أن العالم ثقيلا كلوح رصاص و هشا كسطح الماء وبين هذين الإحساسين كانت عقارب الوقت تلتهم الدقائق و الثواني ...فينبلج الصباح مريضا.

وفي الصباح ذهب كعادته إلى العمل لكنه يجر خلفه نهرا من الحزن ، طلب من مديره إجازة مدتها شهر، بعد أن شرح له المصيبة، وعيونه غارقة بلوعتها، شعر المدير بالأسى، وعزاه، لكنه طلب منه أن يؤجل سفره شهرا أخر ، علق بصره باستغراب في وجه المدير كان يبدو ببؤبؤ عينيه المختفيتين تحت قسوة حاجبيه الكثيفين كأن غول يريد إبتلاعه... كما أن إجازتك السنويه لم تحن بعد، قال المدير بكل برود... كفكف دموعه.. لكن يجب أن أذهب ..رد باحتجاج .. اسرتي تنتظرني في هذا الوقت الصعب... و العمل!، عندنا تأخير بالمشروع، وهناك قرار يمنع الإجازات هذه الفترة أجابه المدير... يجب أن أذهب حتى لو اسبوع قال مصرا... كيف ستذهب، جوازك معنا، قال بسخرية ... صاح بوجه المدير...هذه عبودية ... سأبعث إليك ورقة إنذار .. قال المدير.. تجاوزت الخطوط الحمر، في المرة القادمة سيكون الرد مختلفا ، اذا تصرفت على هذا النحو ... إذا هذه استقالتي اذا ، أخذ ورقه من الطابعة، وكتب عليها، قدمها.. ثم خرج ... كان الحديث من التأثير أن قذفه إلى إنتباه أخر، وجعله يشعر كم كان موهوما بالرخاء الذي عاشه طوال سنوات غربته، ويدرك  ضعفه وهشاشة إقامته في الغربة التي نحر كرامته و ذكرياته و كل ما أحب لأجلها...فالإنسان ساعة الوهن تشف نفسه، ويرى الحقيقة المختبئة وراء الكذب.. لأجل  الشركة عمل بجد ووقف ساعات طويل في جهنم الصحراء ليشرف على تشيد و تخطيط الأبنية التي كانت في عهدتها، شعر أن الشركة وطنا أخر له، فوهبها وقته ..حياته.. علمه.. و أهمل أهله في زاوية قصية من ذاكرته، لأنها أمنت الملاذ بعد أن رفضه الوطن ، فبدا سعيدا لكل من تحدث معه ... لكن ماذا حصل عندما احتاج شيئا شخصيا ردا لإخلاصه و تفانيه؟ مرت هذه الأفكار كالصور السينمائية بعقله المشوش الذي أدرك لتوه الخديعة ... في مطار البلد، وقف ينتظر مستقبليه، نظر في الناس، لمح وجوها شاحبة، تقدم نحوهم، إحتضنهم واحدا واحدا ، إحتضنوه بدموع فيها الفرح لكن الألم كان أكبر.


2006-05-03 18:27:27
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
رغد2006-05-12 12:14:02
يعني قديش
أنا بسأل حالي لأيمت بدنا نضل صابرين ع الغربة ,يعني الوضع بالغربة مانو أحسن و الأسعار غالية بكل العالم,مو بس بسورية. يعني ما بنستاهل نقضي باقي عمرنا مع اللي نحبهم و يحبونا.و خصوصاهالأب و لأم اللي ما بسدقوا نكبر حتى يشوفونا قدامهمو مابسدق في حدا بموت من الجوع. يمكن في قلة(أكيد) بس الرب ما بيقطع حدا و لو بالقليل. حاجة غربة و يالله نرجع ع بلدنا
Syria-Lattakia
باسل حسن2006-05-10 14:42:58
خطأ مطبعي أكيد!
في المساء جاءه الخبر ونظر عالياً إلى السماء الزرقاء؟؟ السما بالليل زرقا عندكم بأبو ظبي؟؟ ووالله يا قباري القصة محزنة بس مستحيل ما ياخذ إجازة ولو شو ما كان ضغط الشغل.. كلنا بالغربة سوا وأعاني من مشاكل كبيرة لعدم موافقتي على العمل بوقت إضافي يدفعون فيه أقل من عشر دراهم في الساعة.
دبي
SAM2006-05-04 11:16:43
لاحول ولا قوةإلى بالله
إنا لله وإنا إليه لراجعون
-UAE
ضايج2006-05-04 10:39:39
غربتي
لا أدري مااذا كانت الكلمات خطّت كي تحمل معنا همومنا ام تزيد الطين بللا لنغوص فيه درجات من الالم.كما عودتنا الغربة.نبكي مصاب أحدهم..ونلصق الحكاية فينا ونبكي..ونلصق التهمة بالغربة وتذهب بنا الخيالات لحين نأخذ القرار الصحيح..الجريء.والغبي..برد الصفعة للغربة والعودة منتصرين لذاتنا تعانقنا غربة الوطن نتلقى فيها الصفعة تلو الصفعة ونحن نضحك..ونستفيق مخدرين.
-شوب دوت كوم