syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
الملك العاري .. حكاية قديمة نعيشها كل يوم ... بقلم : هاني يحيى مخللاتي
مساهمات القراء

تقول الحكاية: إن حاكماً جاء من بلاد بعيدة، زائراً لإحدى الممالك ونازلاً في ضيافة حاكمها الذي قام بدوره بإكرام هذا الضيف بما لذ وطاب، طلب الضيف من المستضيف ثوباً نفيساً من أفضل الأقمشة الموجودة في تلك البلاد وماكان من الحاكم إلا أن قام باستدعاء أمهر خياطي المملكة كي يتفق مع الملك الضيف، بعد أن وقع الاختيار على أحدهم، أعطي مهلة أسبوع لإنجاز عمله على أن يكافأ بسخاء إذا ما كان الثوب ناجحاً، وأن يعاقب بشدة، إن لم يكن كذلك.


انهمك الخياط بعمله الذي كان يفضل أن يقضيه بعيداً عن الجميع، ولكنه لم يستطع أن يحول دون التفكير بالمكافأة، والابتعاد عن العقوبة، الأمر الذي جعل العمل معقداً أن هذا الخياط لم يستطع العثور على فكرة الثوب الذي طُلب منه.

مضى الأسبوع والموعد حان وليس لدى الخياط سوى بعض الأقمشة الممزقة والتي كان يمزقها كلما حاول صناعة ذلك الزي، بكى الخياط، وعندما طُلب للمثول لدى الحاكم وضيفه، دخل رافعاً يديه الخاليتين، كما لو أنه يحمل شيئاً، نظر الحاكم والملك الضيف والوزراء والمستشارين وحتى الحراس إلى يديه الخاليتين باستغراب شديد، وقبل أن ينطق أحدهم بحرف واحد بدأ الخياط بسرد قصته الخيالية...

سادتي ... إن هذا الثوب (وهو ينظر إلى كفيه المرفوعتين) مصنوع من قماش نفيس، هذا القماش يسمى لعنة الساحر، حيث أن ساحراً قام بسحر عجيب وجعله للأذكياء فقط، ولأن سيدي الملك وضع ثقته بي لأنجز هذه المهمة، قررت أن أستعمل هذا القماش مع أنه مرتفع الثمن.

سادتي ... إن من لا يرى هذا الثوب مع الأسف ليس من الأذكياء، وقد ابتكر الساحر هذا القماش لكي يميز بين الأغبياء والأذكياء الذين كان يعيش معهم، والآن يا ساداتي ما رأيكم بتصميم هذا الزي الذي سهرت عليه ست ليال كاملة لكي يكون الأحلى والأغلى في هذا العالم.

ثم حنى الخياط رأسه كما لو أنه يودع الحياة، فبعد قصة كهذه لابد أن يقتله حاكم بلاده، كادت عيناه تدمعان من صعوبة الموقف إلا أن صوت الملك الضيف قطع السكوت المرعب قائلاً:

عمل رائع .. يا لك من خياط ماهر، وبدأ بالتصفيق فصفق جميع مرافقيه في ذهول واستغراب، وماكان من الحاكم إلا أن صرخ .. ممتاز .. رائع ياهذا ، لقد بدأت أغار لأنني لم أحصل عليه قبل صديقي وأمسك ضيفه وبدأ يقبله وهو يقول في نفسه ما أغباني لا أستطيع أن أراه، وبكلمات مشابهة تحدث الملك الضيف مع نفسه قائلاً: يا إلهي..!! كل من حولي يراه وأنا لا أستطيع ذلك.. كم أنا غبي.

بدا الخياط مرتاحاً ولكن المهمة الأصعب كانت بأن يجعل الملك الضيف يرتدي هذا الزي الوهمي، إلا أنها مرت أيضاً بسلام، فالملك الضيف فعل كل ما كان الخياط يطلبه منه، حتى أنه طلب من الملك أن يرتدي سروالاً قصيراً وذلك لكي لا يرى (الأغبياء) عورته بشكل مباشر.

بعد أن وقف الملك على المرآة شعر بالأسف على حظه فالخياط ما انفك يتغزل بألوانه وبقصته الجديدة وبقماشه الفاخر، وهو لا يستطيع حتى أن يشعر به يلامس جسده النصف عار.

كاد الارباك أن يفضح الخياط، فحاول الاستعجال بالأمر وطلب من الملك أن يسمح له بأن يأخذ الثوب لكي يضعه في علبة ثمينة ويأخذه معه إلى بلاده، إلا أن المفاجأة كانت بأن الملك رفض ذلك وقرر أن يسافر وهو يرتدي ثوبه النفيس، حاول الخياط أن يغير رأيه، إلا أن الملك أصر وخرج بجسده العاري إلى صديقه الحاكم، والذي كان بدوره محتاراً يندب حظه كونه لا يستطيع أن يرى هذا الثوب.

أخيراً وبعد أن أثنى الجميع على عمل الخياط كافأه الملكان بوزنه ذهباً لأنه يستحق ذلك على مافعل من صنيع حسن، أخذ الخياط مكافأته وسافر بعيداً قبل أن يكشف أمره، ويعاقبه أولئك الأغبياء.

في اليوم التالي أقام الحاكم حفل وداع كبير لضيفه الذي كان يتمشى بجسده العاري على أنه يرتدى الزي الأغلى ثمناً في العالم، وكان في كل مرة يلتقي فيها أحد الوزراء يزداد إعجاباً بنفسه لما يخبره به عن حسنه وهو يرتدي زياً كهذا.

انتهى الحفل وخرج الحاكم إلى عامة الشعب معلناً بأنه سينفي كل غبي لا يرى ثوب ضيفه، لأنه سيكون عبءاً على مملكته، فما كان من الشعب إلا أن صفقوا بحرارة لهذا الملك العاري وهم يكتمون ضحكاتهم التي كادت تنفجر من سذاجة الموقف.

قبل أن يشرع موكب الملك الضيف في الذهاب، خرج من الحشود طفل صغير، وقال بكل براءة، لماذا هو عار هكذا.

كاد الملك الضيف أن يموت من صعوبة الموقف وبسرعة أخذ رداء أحد مرافقيه كي يستر به جسده، أما الحاكم فقد طلب على الفور أن يتم إلقاء القبض على الطفل لكي يصار إلى نفيه (عن مملكة الأذكياء)، واعتذر فوراً من ضيفه الذي غادر تلك البلاد حزيناً لما حصل معه بسبب الخياط المحتال الذي ضحك عليه، والطفل الذي لم يجامله ويخفي الحقيقة كما فعل الجميع.

 

[email protected]

 

الملك العاري ... حكاية قديمة نعيشها كل يوم


2008-12-25 23:00:41
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
رورو 2015-10-13 19:58:31
pip
أستاذ هاني بليز كيف يقدر تواصل معك إذا من فضلك تعطيني إيميل بس مش فيسبوك وشكرا
سوريا
ابو شهاب الدمشقي2008-12-27 02:47:48
نحن نعيش كل يوم حقيقة معكوسه
نحن العراة وليس الملوك لهذا ياسيدي الكاتب صحح معلوماتك واشكرك على هذه الحكايه القييمه جدا وكان الأحرى بالجميع ان يعلق عليها00 الا انهم خائفون من ان يتهموا بخيانة وطنهم
-سوريا