اضغط هنا لتكبير الصورة

كما تشاهدون  في هذه الصورة افقيا جرف صخري تنساب ماء الينبوع من الاعلى وتسقط على صخرة كبيرة امام اخدود صخري في الجرف يجلس الناس فيه يتمتعون بهذا المشهد الذي هو قطعة من الجنة.

هذه سورية ، وبالتحديد منطقة ساحلية قريبة من جبلة تسمى وادي القلع ، والاف مثل هذه الصور موجودة  في كل المناطق في بلدي ، وهي تمتاز بتنوع جغرافي واجتماعي كبير.

وتعمل كل الدول على تقديم هذه الصورة ( الصورة الايجابية ) للاخرين ، وخاصة الجهات التي تعنى بقضايا السياحة ، الاثار ، والحياة الثقافية والاجتماعية.

الاسواق المزدحمة ، بائع السوس ، البسطات ، زحمة السير يمكن ان تصبح جزءاً من صورة ايجابية ولا تستغربوا..!

كأن نصور الطريق المستقيم في باب توما مزدحما والناس في سيارتهم متأنقون ذاهبون الى المطاعم المنتشرة بالعشرات والتي يمكن بعدسة مصور ان تصبح مشهدا جميلا للغاية وموضوعا يحفز زيارة البلد والمكان.

ولكن السؤال ..  من يصنع هذه الصورة ..؟

طبعا الجميع يرغب بذلك وهي مسؤوليتنا كمواطنين ، واعتقد لا يوجد سوري لا يرغب المشاركة بمثل هذا العمل ، ولكن الممول والمنظم لهذه العملية يجب ان تكون الدولة ،الحكومة والجهات المعنية لان الموضوع يفوق قدرة الافراد.

احدى الصور التي تظهر في نشرة ترويجية عبر الايميل - موزامبيق

نحن نشهد يوميا اعلانات "البلدان" في الكثير من الفضائيات  ووسائل الاعلام ، و"البروموشن" ( التقديم ) عبر الرسائل الالكترونية التي ترسل بمئات الالاف عبر العالم لمعالم بلدان لم نسمع بها من قبل ، وطبعا الترويج للدول يجب ان تكون وراءه الدولة.

اقرأ بنهم كل شهر الرحلة التي تقوم بها مجلة "العربي" المعروفة في احدى المناطق في واحد من البلدان حول العالم وتقدم لك المعلومات والحقائق حول هذه الامكنة بشكل انيق جذاب اشبه بالرواية يرسم صورة ايجابية للمكان ويولد رغبة بالزيارة.

يمكن الترتيب لنشر مثل هذه الحلقات في الصحافة المحلية او العربية والعالمية عن سوريا ، ولكن يجب ان يكون هذا جهداً جماعياً والمحرك الاساسي له الحكومة والجهات المعنية ،

 ومطلوب تعاون الجميع بما فيها الصحافة للترويج لهذه الصورة.

دائما نلقي اللوم على الصحافة في نقلها للسلبيات ، وتأتي الكثير من ردود الفعل محبطة وسلبية على الاحداث التي تكون في غالبها تلقي الضوء على السلبيات بطبيعة الحال.

حقيقةً هذه هي المهمة الاولى للصحافة ، الرقابة و رصد الاخطاء والتجاوزات واظهارها للرأي العام باتجاه الضغط  لتجاوزها وتحسين الحياة العامة.

ولكن الصحافة لن تمانع على الاطلاق في الانخراط في برامج ترويج للصورة الايجابية وسترحب باي دور في هذا الاتجاه ، لان شعار الصحفي الجيد هو العمل لمصلحة الجمهور وتحسين الحياة العامة ، وليس هناك من هدف لرصده للسلبيات سوى القضاء عليها.

طبعا من واجب الصحافة ان تسلط الضوء على الانجازات ، ولكن يجب ان يكون الانجاز انجازا ، حدث يتميز بالضخامة والغرابة والخروج عن المألوف لتستطيع الصحيفة التعامل معه.

اما الترويج لكل ما هو ايجابي ، لا بل ابراز الجزء الايجابي في كل تفاصيل حياتنا هو مسؤولية عامة ، ويحتاج الى امكانيات مالية وبشرية من نوع خاص ، لايمكن ان تتوفر في الافراد او المؤسسات الصغيرة ، ولا بد ان تعتمد على خطة مركزية شاملة ومستدامة.

هناك محاولات ، ولكنها تخضع لمزاج الافراد وتقديراتهم التي ليس بالضرورة أن تتفق مع مثل هذه البرامج ، و غالبا ما تبوء ( المحاولات ) بالفشل ، كنت منذ يومين في مؤسسة اقتصادية كبرى ، وطرحت عليهم فكرة تمويل "ريبورتاجات" عن المناطق الجميلة في سوريا ، كان الجواب البرود وعدم المبالاة .

من جهة اخرى الصحفي هو شخص ناقد بالفطرة ، واي صحفي لا يمتلك عين النقد والرقابة هو ليس بصحفي اساساً ، يمكن ان يكون حينها موظف علاقات عامة او  رجل مبيعات لا اقل ولا اكثر.

اذكر خلال رحلتي الى الولايات المتحدة  الصيف الماضي وفي وسط الجادة الخامسة ( فيفث افنيو ) في نيويورك ، كان السياح جميعهم يمشون في الشوارع ورؤسهم مرفوعة تنظر هذه الابنية الشاهقة .. الا انا ..

كنت مسرورا في تصوير الشوارع ذات الزفت السيئ والتي تشبه الشارع الشهير بزفته " المزفت" عندنا شارع فلافل بيسان في وسط المدينة ، رقع " وشي طالع وشي نازل"  ، وليس هذا وفقط هناك الاوساخ و" الزبل" في مدينة ناطحات السحاب ..

عندما نتكلم عن السلبيات في بلدنا ، لا يعني انه لا يوجد ايجابيات ، وعندما نبرز الجانب السلبي من الصورة لا يعني بان الجانب الايجابي غير موجود ، هو موجود ويمكن ان يشكل اغلبية الصورة.

اذاً للصورة مكونات مختلفة ولكل واحد منا مهمته ، يجب الا نجلد الصحافة ونلومها ونحولها الى موظف للعلاقات العامة  ، او "بروشور" سياحي ، بل يجب علينا ان نحفز باقي الجهات ذات المسؤولية على ان تقوم بعملها وسنكون في غاية السعادة حينها حين نلعب دورنا في كوننا جزءاً من هذا العمل.

نضال معلوف