syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
التربية والطفولة بقلم: تمام كحيل
مساهمات القراء

الأطفال هم الأمل والوعد..وهم الأكثر قابلية للإعداد من أجل حمل رسالة إنسانية حضارية، وبقدر ما نعطيهم ونحصنهم يعطون الوطن، ويجعلون منه حصناً منيعاً وعصياً على كل ضيم، وإذا كان لكل ثورة صناعية وقودها، فإن المعرفة المتطورة التي يتلقاها الأطفال وفق أساليب التربية الحديثة هي الوقود المناسب لهم، كي يساهموا حين يكبرون، في حياة إنسانية سمحة بعيدة عن التعصب والعنف.


إن العنف يدمر الحياة، ويمنع تواصلها، وقد فسر (فرويد) العنف بأنه:غريزة العدوان والموت.

وقال إن الرجال ليسوا مخلوقات لطيفة تريد أن يحبها الآخرون، فالإنسان، حسب ما يقول، حيوان مفترس وشرس قاتل للحيوان ولأخيه الإنسان. والقول بأن العدوان غريزة إنما الهدف منه أن يتحاشى الإنسان مسؤوليته عنها، في حين أنه هو من شرعنها، وخاض تحت هذه الشرعية التي صنعها لها حروباً كونية.

وجاءت نظرية (دارون) لتؤكد ذلك. ثم جاءت الباحثة (مونتاغو)بنظرية التطور الإنساني الذي يقوم على اللاعنف، عن طريق الصيد المجتمعي وتطوير أدوات للحصول على الغذاء واختراع الكتابة وأن على الإنسان أن يتعلم كيف يكون إنساناً.

كيف يُكتسب السلوك العدواني؟ تعد الأسرة غالباً المصدر الأول للعنف، فهي تفرز السلوك العدواني والعنف والتخلف، ويستمر ظهور التشابه في ممارسة الإساءة ونقلها عبر الأجيال من خلال تربية الأطفال، وخلال عملية التبادل البدني بين الطفل والمربي الذي يعد نفسه ذكياً. إن ذاكرة الطفل حسية بصرية إلى حد كبير، وهي تحتوي على الأفكار والانفعالات والرغبات والاستجابات التي تصنف في صور الذاكرة، والصورة مسيطرة وكاسحة لأنها تشكل تخمينات على الواقع المفتوح. فالأم التي ترمي بطفلها على السرير أثناء عراكها مع زوجها تخطئ خطأ كبيراً بهذا السلوك، إذ يقرأ الطفل تقاسيم وجه أمه، فيأخذ بالصراخ، ولن ينسى ذلك..

إذ تتحقق لدى الطفل وحدة العالم الخارجي والداخلي بوصفهما كلاً واحداً، وتعود إليه في مرحلة المراهقة كوابيس وضغوطاً، وهذا ما يسمى بالتقييم المستقبلي. فإذا أردنا إزالة العنف فلابد من إعادة تأهيل المربين ومتابعة سلوكهم اليومي مع الأطفال. ينتقل الطفل الذي يتعرض للعنف إلى مرحلة جديدة، هي مرحلة التوتر والإحباط والصراع نتيجة إعاقة حاجاته ورغباته. فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الحرمان العاطفي يؤدي إلى نزعات عدوانية عند الطفل تظهر على شكل أعراض سيكوسوماتية (نفسية جسمية) تنتج عادة من سوء العلاقة بين الطفل والأم التي تستخدم العنف في تربيته، وتدل أغلب الأبحاث في موضوع الطفل على خطأ في العلاقة بين الطفل والوالدين الذين يرون أنهم على صواب دائماً.

وأخيراً يحصد الطفل المدلل، الذي سيحمل اسم العائلة ويخلص الأهل من تخلفهم، نتيجة التربية القديمة المتخلفة التي تؤكد قيم الطاعة والخضوع والإكراه والسجود والتسلط والتلقين المدمر.فينقل البيدق بشكل عشوائي ويظهر لديه مرض جديد هو الاكتئاب النفسي، الذي يكون سبباً لكثير من المشكلات السلوكية لديه، مثل التبول في الفراش ونوبات الغضب والهروب من المدرسة والشعور بالإرهاق والفشل، والنشاط الزائد والانحراف الذي كثيراً ما يكون وسيلة لتغطية الشعور بالوحدة واليأس.

لكن أعراض هذا الاكتئاب تختلف عن الأعراض التي تصيب الكبار، فليس ثمة محاولات انتحارية.

وتخطئ الأم مرة جديدة إذا أقدمت على معاقبته بقسوة، رداً على السلوك الذي بدر منه، دون معرفة الأسباب التي أدت إليه.

الحرية في التربية لعل الحرية من أكثر الألفاظ استخداماً في مجال الحياة كلها، وكل مربٍّ يعرّف الحرية حسب أهوائه، لكن الفلاسفة عرّفوها لنا، إذ يقول (فيخته): (إن تعمل أمراً ما أو لا تعمله، دون أن تخضع للإكراه أو القسر). أما(كانْت) فعرفها بأنها (نوع من التأديب يقاوم ما في الإنسان من تمرد طبيعي ويخضعه لقوانين الإنسانية).

أما (روسو) فيقول:(الحرية أن يعمل الإنسان برغبته وإرادته، وهي التوفيق بين الرغبات والقدرات). ويجمع تعريفات الحرية ركيزتان أساسيتان هما:(الرغبة والإرادة)، والثانية (التوفيق والمقاومة والإخضاع)، وبطبيعة الحال هذا يعني أن هناك قيوداً ما على الحرية. ومن هنا دعا المربون إلى التربية عبر اللعب لما يمكن أن يتضمنه من حرية وعدم تقييد، كما دعوا إلى الرفق الهادئ الصارم..أما العنف والإكراه فيجب استبعادهما، فحتى استخدام الثواب والعقاب بطريقة السجود مرفوضة، فلماذا يعاقب الخالق أبناءه؟ أليس هو من أوجدهم على هذه الحياة؟ إذ لا شيء غير العنف يتلف الطبيعة الرقيقة التي في الولد الطيب الأصيل. وهنا يقول البعض: الطفل الطيب الأصيل صحيح وبالضرورة، لأنه لا يوجد طفل شرير، إنه كورقة بيضاء، فالمدرسة الأولى (البيت) والمدرسة الثانية وصاحب الرسالة المشوهة والبيئة المحيطة حوله هي التي ترسم على هذه الورقة سواء سلباً أم إيجاباً. ويشير ابن خلدون إلى ضرورة التعامل مع الطفل برفق ولين، وذلك في الفصل الثاني والثلاثين من مقدمته الشهيرة تحت عنوان (الشدة على المتعلمين مضرة بهم). بقوله: (ومن كان مرباه بالعسف، والقهر، من المتعلمين والمماليك أو الخدم، سطا به القهر، وضيّق عن النفس انبساطها وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل وحمله على الكذب والخبث، وعلمه المكر والخديعة، وصارت له عادة وخلقاً، وفسدت لديه معاني الإنسانية وصار عيالاً على غيره، بل وكسلت نفسه عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل، فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها، فانتكس وعاد إلى أسفل السافلين).

 وأخيراً فأن أغلب المربين يعتقدون أنهم أنجزوا قسماً هاماً في حياتهم إذ قاموا بالإنجاب، ويظنون أنهم قاموا بتربيته عن طريق تأمين متطلبات تعليمه ودخوله الجامعة، أو زجه في سجن العمل.

يا أصدقائي، حتى القطة تنجب وتعلم صغارها، لكنها لا تربيهم! وهنا الفرق شاسع بين التربية والتعليم. ما التربية؟ إن لفظة التربية Education المستعملة في الإنكليزية والفرنسية مأخوذة من الأصل اللاتيني Educere الذي يعني (الهداية والقيادة)، وهذا المعنى يعبر في الحقيقة تعبيراً جيداً عن الفكرة التي تنطوي عليها التربية، إذ تستمد التربية الحديثة أسسها الرئيسية من الفلسفة، فيما يتعلق بأهدافها. فهي العملية التي تكشف عن ذكاء الطفل وتجاربه حول طبيعة التعلم وقابليته، وتيسر لها سبل الظهور أي تنميها، كيما يستطيع السيطرة على نفسه وبيئته سيطرة جيدة، والتربية عملية اجتماعية أيضا، إذ يجب على الفرد أن يكتسب القدرة على أن يحيا حياة جيدة مع الآخرين: أسرته وزملائه وجيرانه.

أما التعليم فهو عملية توجيه فعاليات الأبناء أثناء تعلمهم وإرشادهم إلى الطريق الصحيح علمياً، أي عملية إشراف ومتابعة. فالتعليم كما الإدارة علم وفن معاً، فهي مهمة نبيلة وشاقة تتطلب من المربين التعلم ليكونوا عوناً لأطفالهم مستقبلاً. بعد البحث والتحليل تتبين الحاجة الملحة إلى عودة المربين إلى معاهد تأهيل تربوية، ليعاد تأهيلهم وتربيتهم وتعليمهم كيفية التعامل مع الطفل في المنزل. أو الطالب في المدرسة، غير أني أصرخ في الفراغ فلا أسمع سوى الصدى، لسبب بسيط هو أننا جميعاً قادرون على التنظير، دون تنفيذ ذلك في الممارسة. فعندما تصعب على الأم تربية طفلها تلجأ إلى استشارة أمها أو جدتها، بدلاً من متابعة التقدم الإعلامي التربوي الذي لم يعد يقتصر على البرامج التربوية في الراديو والتلفزيون، بل هناك الكتب والصحف والمجلات المتوفرة بكثرة بعد الثورة الإعلامية التي تضخ العديد من البرامج التخصصية بخصوص التربية والتعليم. لكن فاقد الشيء لا يعطيه.

تمام كحيل 

المراجع: د.ديلس ن .بوتر أستاذ التربية في كلية الباسيفيك – كاليفورنيا . ترجمة الأستاذ:أديب يوسف


2010-09-26 18:45:27
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
قمر الليل2010-09-28 00:07:52
لأ: الحقيقة أنو معظمنا مابيعرف يربي
شكراً عل الموضوع الهام جداً. نحنا ما بنعرف نربي ونعلم إلا بالضرب والتعنيف. شوفو بيوتنا ومدارسنا اديش فيها عنف. ياريت نرجع إلى تعاليم ديننا الحنيف في التربية لأنو منهج كامل في التربية الصحيحة والتعامل السليم في الأسرة وخارجها مع عدم التمييز بين الذكور والإناث في التربية. الأهل والمدرسة هم صانعو الجيل لذلك لازم هدول المؤسستين يكونو معنيين بتغيير طريقتهم ونهجهم في صناعة الاجيال
-سوريا
سوري2010-09-27 13:41:51
ما هي طرقنا الشرقية
ما هي طرقنا الشرقية وطباعنا ياسيد ابو محمد لا اعتقد ان لنا اسلوب تربية مميز علمي وصحيح بالعكس ثقافتنا هي العصا لمن عصا واضربوهم من سبع سنوات والعصا من الجنة الخ وهي وسائل ضارة جدا تؤثر على شخصية الطفل. ومن ثم ما عيب الكتب الامريكية المترجمة وهل لدينا كتب عربية اصيلة في مجال التربية العلمية الحديثة لنرفض الكتب الامريكية .
-سوريا
ابو امجد2010-09-27 11:23:42
بكفي
كل نهارين تنزلو مقال عن التربية و كيف نمربي اطفالنا نحنا بنعرف كيف نربيون احسن من هل طرق الي كاتبينا كلها
-سوريا
ابو محمد2010-09-27 11:13:52
يا تمام
نحن بنعرف نربي اطقالنا على طرقنا و اطباعنا الشرقية و ليس من كتب اميركية مترجمة
-سوريا
سوري2010-09-27 09:22:52
مقالة مفيدة
انا كأب اعرف قيمة هذه المقالة وفائدتها واهميتهافهي صحيحة. ولكن الغريب ان التعليقات كثيرة عندما يكون الموضوع جنسي او جريمة الخ اما مقالة هادفة تدعو الى عدم العنف فلا احد يهتم بها.
-سوريا