syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المخطط المصري لتدمير الاقتصاد السوري زمن الوحدة – الحلقة الثانية
اخبار وصحف ايام زمان

مصر تتمنع عن وفاء ديونها لسوريا ... وتحاول فرض أتاوات على مصرف سوريا المركزي

الصناعة السورية تغزو الأسواق المصرية ... وعبد الناصر يرد بإرسال لجنة لمعاقبتها

كيف تحولت وزارة الصناعة قبل الوحدة إلى وزارة الحرب على الصناعة بعد الوحدة


بعد أن عرضنا في الحلقة الأولى مذكرات الدكتور عزت الطرابلسي حاكم مصرف سوريا المركزي عن الأثر السلبي لمخطط حكام مصر في تدمير الاقتصاد السوري زمن الوحدة ..

 

ننتقل لسماع رأي خبير آخر وهو الدكتور عوض بركات إذ يقول في أخطاء الحكم الناصري وأثره في الاقتصاد السوري:

 

" كان الحكام يهدفون في سياساتهم الاقتصادية بشكل عام إلى اعتبار سورية مجالاً حيوياً لهم ... وقد أثبتت التجربة القاسية التي عانيناها خلال ثلاث سنوات ونيف أن الاقتصاد السوري قد أريد له أن يكون في خدمة الاقتصاد المصري وقد أدت هذه الخطة إلى إضعاف الاقتصاد السوري والتمهيد لخرابه ويمكن تلخيص الأساليب التي اتبعت لبلوغ الغايات المذكورة في نوعين:

 

النوع الأول- كان ناجماً عن نية مبيتة وخطة مرسومة.

والنوع الثاني- كان من جهل بالواقع السوري أو تجاهل له ... مبعنه الاستبداد في الرأي وعدم الاستماع إلى نصيحة كبار المختصيين السوريين.

 

وقد كانت خطة حكام مصر عدم تمكين سورية من إقامة صناعة قوية يمكن أن تزاحم الصناعة المصرية وكان همهم ينصرف إلى قصر نشاط سورية على الفعالية الزراعية في الدرجة الأولى وتأسيس بعض الصناعات الزراعية أو التمويلية الخفيفة.

 

ومن الأمثلة الفاضحة على جهلهم بالواقع السوري محاولتهم أن يطبقوا في سورية ما اعتادوا على تطبيقه من سياسة تجارية ونقدية واقتصادية في مصر، مع إن واقع الاقتصاد السوري وتاريخه الطويل وموقع سوريا الجغرافي ومفاهيم الشعب السوري لاتتحمل تطبيق النظم والأساليب المطبقة في مصر.

 

ومن الأمثلة أيضاً على العراقيل التي وضعها الحكام في مصر بوجه التجارة الخارجية السورية هي أنهم عمدوا إلى عقد الاتفاقيات مع كثير من البلدان الأجنبية والعربية دون أن تمثل سورية هذه الاتفاقيات ودون أن تراعي مصالحها والقصد من ذلك إلا أن يزاحم الإنتاج السوري والإنتاج المصري سواء في أسواق السودان أو السعودية أو الأردن ولما فشلت محاولاتهم في القضاء على النشاط التجاري السوري عمدوا في أواخر أيامهم إلى فرض نظام مراقبة النقد.

ويروي الأستاذ خليل كلاس وزير الاقتصاد في عهد الوحدة مهازل أخرى جرت في عهد الوحدة فيقول:

 

في أوائل عام 1959 أوفد الرئيس جمال عبد الناصر لجنة ثلاثية برئاسة عبد اللطيف البغدادي وعضوية أكرم الحوراني وزكريا محيي الدين ....

وكانت مهمة اللجنة كما جاء في خطاب الرئيس جمال عبد الناصر نفسه دفع عجلة التقدم وتنفيذ المشاريع الإنمائية والإنشائية في سوريا.

 

وبعد وصول اللجنة الثلاثية إلى دمشق 26/01/1959 عقدت اللجنة اجتماعاً بحضور الدكتور القيسوني وزير الاقتصاد المركزي ومعه كبار الموظفين من البنك الأهلي المصري وعلى رأسهم السيد أبو شادي ...

دعتني اللجنة إلى هذا الاجتماع فاصطحبت إليه الدكتور عزت الطرابلسي حاكم مصرف سوريا المركزي وكبار موظفي وزارة الاقتصاد والمصارف اذكر منهم السادة نصوح الدقاق ويسار البيطار وكرم توما وعدنان الفرا ....

ذهبنا إلى الاجتماع ونحن نعتقد أن مهمة اللجنة هي دفع عجلة التقدم والتطور والازدهار الاقتصادي كما أعلن الرئيس ... إلا أننا فوجئنا بالسيد البغدادي رئيس اللجنة يقول إن الغايات من هذه الاجتماعات من بحث المواضيع التالية:

1- تحويل خمسين مليون ليرة سورية إلى بنك مصر.

2- توحيد مؤسستي الإصدار في الجمهورية أي المصرف المركزي السوري والبنك الأهلي المصري مع العلم أن المصرف المركزي السوري مؤسسة حكومية في حين أن البنك الأهلي المصري كان آنذاك شركة خاصة أجنبية مصرية يسهم فيه البريطانيون والفرنسيون والطليان وسواهم ... شركة لم يتعرب ولم تؤمم بعد.

3- موضوع أنظمة النقد وتوحيده في الاقليمين ... كذلك أعلن السيد البغدادي أن نواب الرئيس والوزراء سكيتفون باجتماعهم الأول هذا بالاستماع إلى آراء الخبراء ثم قال لنبدأ الآن بالموضوع الأول " تحويل خمسين مليون ليرة سورية إلى بنك مصر " وأبدى استغرابه لاقتران هذا الطلب بالرفض حتى الآن ....

 

بدأ الدكتور طرابلسي كلامه الذي استغرق حوالي الساعة ومما قال ...

حكاية الخمسين مليون ليرة سورية واضحة وبنك مصر يرمي من ورائها إلى وفاء ديونه في لبنان وذلك أنه حين انفصل بنك مصر في سورية عن فرعه في لبنان أخذ الفرع في سورية على نفسه الديون الهائلة في حين استوقى بنك مصر في لبنان الأموال الجاهزة، يضاف إلى ذلك أن بنك مصر يسعى إلى تأمين رأسماله في الإقليم السوري وتحقيق أرباح فاحشة مستفيداً من الفرق بين سعر التحويل الرسمي للجنيه وسعره في السوق الحرة.

 

وأضاف الدكتور طرابلسي يقول:

أما بالنسبة إلينا فهذه العملية تعني أن يقوم المصرف المركزي في سورية بإصدار نقد لصالح بنك مصر قيمته خمسون مليون ليرة سورية بدون تغطية ... سوى تسجيل دين على الإقليم الجنوبي بالمبلغ المذكور ونحن واثقون أن الإقليم الجنوبي لن يدفع أو لن يستطيع أن يدفع لنا شيء من هذا المبلغ ... وهو الذي لم يدفع لنا حتى الآن شيئاً من ديوننا المتراكمة عليه من العام 1956 وإنني أخشى الآثار السيئة على الاقتصاد السوري من جراء اللجوء إلى مثل هذه الأساليب لاسيما أن المواسم كانت سيئة في العام الماضي وقد تكون أشد سوءاً هذا العام ...

 

ونحن كنا نتشدد دائماً في إقراض الدولة إلا في حال تمويل المشاريع الإنمائية وضمن حدود،

خشية النتائج الخطيرة التي قد تنتج عن ذلك فكيف يمكننا موافقة على إعطاء بنك مصر خمسين مليون ليرة سورية ... ليحقق بها أهدافاً وغايات غير مشروعة ...

ووقف بقية الموظفين والخبراء السوريين الموقف ذاته معارضين بقوة وحزم إجابة طلب بنك مصر.

 

وبعد أن يصور الأستاذ كلاس موقف سورية من مطالب مصر ينتهي إلى القول:

وأخيراً عادت اللجنة الثلاثية إلى القاهرة ولم تستطع أن تنفذ شيئاً من الأغراض التي لاتتفق وصالح الاقتصاد السوري بفضل معارضة الأستاذ الحوراني والجانب السوري ...

 

ومثل آخر يضربه الأستاذ كلاس في جملة مذكراته عندما كان وزيراً للاقتصاد في عهد الوحدة فيقول:

عند قيام الوحدة كانت مصر مدينة لسورية بما يتراوح بين خمسة وستة ملايين جنيه إسترليني ثمناً للقمح والمنتجات المصدرة إليها من سورية عامي 1956 و1957 وكنا قبل الوحدة لانلح بالطلب لعلمنا بالصعوبات التي تعانيها الشقيقة مصر بالنسبة للقطع النادر من جراء العدوان الثلاثي وتجميد أموالها في أميركا وفرنسا وبريطانيا .

 

وبعد قيام الوحدة والمواسم السيئة التي عرفتها وخاصة بعد إفراج عن الأرصدة المجمدة أخذ المصرف المركزي السوري يلح علي بضرورة تسديد هذا الحسا وأنا بدوري أخذت ألح على القاهرة بذلك ...

وكان إلحاحي يزداد ويشتد كلما ازدادت قيمة هذا الحساب وسألت أوساط المصرف المركزي عن السبب في ازدياد الحساب بالرغم من أن القاهرة كانت قد حولت لنا بعض المبالغ فأجابوا أن من بين الأسباب:

 

أولاً- ورود تحويلات بمبالغ ضخمة باسم بعض الأشخاص منهم السادة (جهاز السفارة المصرية – الملحق الثقافي أبو درة – عدلي حشاد – حسني عبد المجيد – عبد الحميد السراج – وكالة أنباء الشرق الأوسط – عبد المحسن أبو النور ) وتقدر المبالغ التي حولت باسم هؤلاء بدءاً من قيام الوحدة وخلال سنة واحدة تقريباً بعشرين مليون ليرة ...

 

ويذهب الأستاذ خليل كلاس في مذكراته الخطيرة إلى رواية كثير من الأمثلة المشابهة ...

فيروي قصص احتيال المصريين وإثرائهم على حساب أنظمة تحويل اللجنة ....

واتفاقية المدفوعات مع العراق التي كان من نتيجتها تحويل ديون العراق على القاهرة وتسجيلها لذمة سورية ...

 

وقصة العلاقات الاقتصادية مع لبنان ... وقصة إغلاق الحدود مع الأردن .. وقصة قانون النقل البحري ... وقصة الحديد الأجنبي التي كانت تستورده مصر وتبيعه لسوريا على إنه حديد وطني ... وقصص النحاس والسكر والبترول.

ولننتقل إلى الوسط التجاري لنعرف رأي الغرف الاقتصادية في مذكرتها التي أعلنتها عقب الثامن والعشرين من أيلول وقالت فيها:

 

" أن الهيئات الاقتصادية بينت أكثر من مرة أن الوحدة الاقتصادية بين سورية ومصر عملية شاقة تحتاج إلى دراسات عميقة من قبل لجان تمثل الجانبين يكون من اخصاصها وضع مراحل زمنية وعملية للتوحيد حتى تصل في نهاية المدة إلى وحدة اقتصادية حقيقية تحافظ على حقوق كل من البلدين ولا تكون غنماً لأحدهما وغرماً للآخر ...

 

وتستعرض المذكرة الصعوبات التي لقيها الاقتصاد السوري خلال سنوات الوحدة فتقول:

في عام 1958 وضعت خطة للتصنيع الخمسية الأولى من المشاريع التي بدأ بها الأفراد أو التي كانوا قد أنهوا دراستها ... ومضى عام واحد استنفذ فيه القطاع الخاص في سنة واحدة كل ماخصص له بخمس سنوات ... وبدأت الصناعة السورية الناشئة تغزو أسواق مصر فهال هذا الأمر المسئولين في وزارة الصناعة في القاهرة فأرسلوا إلينا اميناً عاماً لوزارة الصناعة وبعض الموظفين ليراقبوا العملية عن كثب وليقفوا عقبة كأداء أمام موجة التصنيع العارمة ...

 

وقام هؤلاء بدورهم التخريبي بشدة وحزم متجاهلين وزير الصناعة بل جميع أعضاء المجلس التنفيذي.

ومنذ ذلك الحين توقف نشاط التصنيع وأصبحت وزارة الصناعة وزارة الحرب على الصناعة رغم احتجاج ومحاولات وزيرها ورغم الجهود الطيبة التي بذلها الموظفون السوريون ...

بل أصبح هم المصريين في وزارة الصناعة منع المنتجات السورية من دخول مصر بشتى الوسائل والتدابير المانعة ...

 

وتعالج المذكرة قصة النقد السوري فتقول:

أما النقد السوري فقد كان قبل عشر سنوات قبل عام 1958 نقداً متيناً قوياً يمكن إبداله في أي مكان وزمان بأية عملة من عملات العالم بالسعر المحدد له دون زيادة أو نقصان وقد هال المسئولين المصريين الوضع القوي للنقد السوري في الوقت الذي كان فيه النقد المصري متدهوراً تقل قيمته السوقية عن قيمته الرسمية أكثر من أربعين بالمائة ...

 

فبدأوا يضعون الخطط لإضعافه وتحطيم قوته ... وقد احتاج ذلك منهم ثلاث سنوات وساعدهم جفاف الأمطار وسوء المواسم الزراعية إلى أن حانت لهم الفرصة فأصدروا قرار تنظيم عمليات النقد الأجنبي الذي يعتبر مقبرة للنقد السوري وسداً منيعاً أمام تنمية اقتصاد البلاد ورفع مستوى معيشة السكان.

 

كما خسرت البلاد حوالي 200 مليون ليرة من الاعتمادات الأجنبية إذ زالت الثقة بنقدنا ومشاريعنا ... وأصبحت عمليات التصدير معقدة وعمليات الاستيراد غالية تزيد الأسعار على المستهلكين واصبح النقد السوري نقداً يرفض قبوله في أية مكان ... بل أصبحت الشكات التي يسحبها المصرف المركزي لاتقبل في الخارج إلا بعد وصول قيمتها كاملة.

 

وخلال هذه السنوات العصيبة تفنن الحاكمون في وضع كافة العقبات أمام تجارتنا الخارجية لإضعاف صلتنا في العالم ... ذلك لأن الاقتصاد مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأسواق العالمية يصدر إليها ويستورد منها أكثر من ألف ومئتي مليون ليرة سورية ...

 

وكان من نتيجة العراقيل التي وضعوها أن ضعفت الثقة بالسوريين وقطعت عنهم كافة الاعتمادات والتسهيلات ... ومن جهة أخرى بدأنا نخسر أسواق التصدير واحداً بعد آخر بسبب محاربتهم لمنتجاتنا بالأسواق العربية لمنع المساعدات من منتجاتنا ومنح منتجاتهم المساعدات التي تبلغ 40% إلى جانب احتكارهم للاتفاقيات التجارية واتفاقيات الازدواج الضريبي والملحقين التجاريين وتقييد تعينهم من المصريين ... مما أدى جميعه إلى خنق الأسواق السورية والتضيق على صغار الباعة والمستهلكين ...

 

هذه نماذج من آثار التدمير الذي أحدثه حكام مصر في بنيان الاقتصاد السوري أيام تجربة الوحدة الفاشلة جاءت أمثلة صادقة على ألسنة كبار المسئولين والخبراء المطلعين على أسرار العهد البائد.

كما قال الأستاذ خليل الكلاس في خاتمة مذكراته:

 

لقد أردناها وحدة تستهوي قلوب العرب جميعاً ... وأرادوها تسلطاً وتحكماً حيث أصبح الإقليم السوري مداً حيوياً ومزرعة خصبة ... ولذا كان اصطدام الارادتين وفصل وحدة الاقليمين أمراً محتوماً.

 

 

المراجع:

1- مجلة الجندي العدد 572 سنة 1962.

2- مقابلة مع وزير الاقتصاد الأستاذ خليل كلاس.

3- بيان غرفة الصناعة الصادر في عهد الانفصال .

 

 

مواضيع متعلقة :

المخطط المصري لتدمير الاقتصاد السوري زمن الوحدة – الحلقة الأولى

 


2015-09-20 20:38:27
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
جهن عبودي2015-09-21 11:00:50
انتم سلفيين
يكفي الحكي عن مساوئ الوحده وعن شخصيه ناصر اللي هو تحت التراب من حوالي نص قرن احكو عن الشيشكلي والانقلابيين قبلو وعن امين الحافظ وصلاح البيطار وميشيل عفلق وصلاح جديد ومحمد عمران وزعين والاتاسي وماخوس وخصوصي عن حافظ وبشار الاسد . يلي بتكتبو مين سمع ان عبد الناصر قصف شارع للاخوان او حي او قريه مين فهمونا انا ماني ناصري بالاصل ولا اهلي بس بعد اللي شفناه من خمس سنين صرنا نقارن ونقول الله يرحمك يا ناصر والسلام
-سوريا