syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
سلسلة رؤساء سوريا ... (الحلقة الثانية)
اخبار وصحف ايام زمان


الأتاسي يستقيل وفرنسا تلغي الدستور وتعين حكومة المديرين

الشيخ تاج الحسيني رئيساً للجمهورية السورية من جديد

ذكرنا أن الرئيس هاشم الأتاسي وحكومته الوطنية، لم يعجبهم ماقامت به الحكومة الفرنسية عندما تنصلت من وعدها بالتصديق على اتفاقية عام 1936 والقاضية بوحدة سوريا واستقلالها


 

ولذلك قدمت هذه الحكومة استقالتها وقررت العودة إلى العمل الثوري ضد الوجود الفرنسي، وكان ذلك في 7 تموز 1939،

وما إن لبث الرئيس الأتاسي أن قدم استقالته هو وحكومته حتى قام المسيو (بيو) المفوض السامي الفرنسي في سوريا، بتعطيل الدستور وحل البرلمان وتعيين مدير الداخلية (بهيج الخطيب) رئيساً لحكومة المديرين، ليبدأ عهد جديد في سوريا هو عهد (حكومة المديرين).
 

سوريا في عهد حكومة المديرين:
لم تلتقِ الإرادة الفرنسية مع الإرادة الوطنية في سوريا، فالأولى مصرة على إبقاء قواتها في سوريا واعتبارها دولة صغيرة بحاجة لرعاية الانتداب عليها، والثانية تنظر إلى سوريا نظرة الدولة القوية القادرة على إدارة شؤونها بإرادتها الوطنية دون الحاجة من وصاية لأحد، هذا التناقض في الرؤية جعل المفوض السامي الفرنسي المسيو (بيو) يعلن في 8 تموز 1939 عن إيقاف العمل بالدستور وعن حل البرلمان والبدء بحكومة المديرين التي يعين رؤسائها من قبل المفوض السامي في سوريا.
 

وبهذا التاريخ كان المسيو (بيو) قد عهد إلى (بهيج الخطيب) برئاسة أول حكومة للمديرين بعد حل البرلمان، وبهيج الخطيب هذا هو من مواليد قضاء الشوف في لبنان، حاول من خلال سياسته أن يكون حيادياً فيما بين حكومة الانتداب والرجالات الوطنيين، إلا إنه لم يوفق كثيراً بذلك بسبب كرهه لرجالات الكتلة الوطنية من جهة، ولأنه لم يكن قادراً على الوقوف بوجه حكومة الانتداب من جهة أخرى، فقد انصاع لهذه الحكومة بكل ماطلبته منه، فقام بحل الأحزاب وسرح كل العمال الذين ينتمون لأي حزب كان، كما أنه ارتكب أخطاءاً اقتصادية فظيعة جعلت الاقتصاد السوري يعاني الكثير في عهده، وعلى الرغم من أن دور حكومته كان يقتصر على الناحية الإدارية للبلاد إلا أنه لم يكن موفقاً كثيراً بقراراته، ومنها تسريح محافظ اللاذقية السيد مظهر باشا رسلان لأنه من رجالات الكتلة الوطنية وتعيين السيد شوكة عباس من الطائفة العلوية تلبية لتطلعات المفوض السامي الفرنسي الذي كان يطمح باستقلال دولة العلويين عن سوريا.
 

لم يستمر السيد بهيج الخطيب على رأس حكومته، وذلك بسبب الغضب الشعبي الكبير عليه والذي كان يحركه رجال الكتلة الوطنية من جهة، وبسبب تغير الوضع السياسي بفرنسا نفسها خلال الحرب العالمية الثانية إذ سقطت فرنسا بيد الألمان وعين الجنرال بيتان قائداً عسكرياً لها وجعل من فيشي مقراً لحكومته، بينما خرج الجنرال الفرنسي (ديغول) منادياً بفرنسا الحرة من العاصمة البريطانية لندن، وقد وقع ارتباك في صفوف القوات الفرنسية الموجودة في سوريا، عن الطرف الذي يتوجب عليها تأييده، وقد كان المفوض السامي (بيو) قد اعلن أنه منحاز لقوات فرنسا الحرة بقيادة ديغول، ما اضطر حكومة فيشي إلى إرسال مفوض سامي جديد لها هو المسيو (دانتز) الذي ما إن وصل إلى سوريا ولبنان حتى تلقى آلاف الشكاوي من أهلها عن حكومة المديرين التي يرأسها (بهيج الخطيب) وكان الحزب الوطني بقيادة شكري القوتلي قد نظم احتجاجاً كبيراً ضد حكومة المديرين في 1 آذار 1940، ما اضطر المفوض السامي دانتز إلى تعيين الداماد أحمد نامي رئيساً للدولة في كانون الثاني 1941 الذي قام بدوره بتأليف حكومة يرأسها خالد العظم، لم يلقَ تعيين الداماد أحمد نامي ترحيباً من قبل السوريين وعلى رأسهم هاشم الأتاسي زعيم الكتلة الوطنية الذي اعترض على كون الداماد أحمد نامي لايحمل الجنسية السورية بل يحمل الجنسية اللبنانية إلا أن المفوض السامي دانتز أصر على تعيين الداماد أحمد نامي رئيساً للدولة على الرغم من المعارضة الكبيرة من السوريين، وكان السوريون حينها قد علموا أن الخلاص لن يكون بوقوفهم مع قوات حكومة فيشي بل الخلاص سيأتي من خلال وقوفهم مع قوات فرنسا الحرة وحلفائها البريطانيين.
 

العظم يعلن الحرب على قوات فيشي بدمشق والشيخ تاج رئيساً للجمهورية:

عين الداماد أحمد نامي السيد خالد العظم رئيساً لحكومته، كانت هذه الحكومة قريبة من الكتلة الوطنية ومتحالفة مع الزعيم الشاب الذي بدا نجمه يلوح بالأفق بسبب مواقفه الوطنية الشاب شكري القوتلي.
 

وجد القادة السوريون أن بقائهم لجانب قوات فيشي المتقهقرة في أوروبا سيعيق مطالبهم بالاستقلال، وخاصة أن حكومة بريطانيا وفرنسا الحرة قد حلقتا بطائراتهم فوق الأراضي السورية وبدؤوا بإلقاء المناشير التي تدعي لوحدة سوريا والاعتراف التام باستقلالها، ولهذا وقفت حكومة العظم مع القوات الفرنسية والبريطانية بقيادة الجنرال كوليه القادمة من فلسطين باتجاه سوريا لتحريرها من قوات فيشي، وفي 14 تموز 1941 احتلت الجيوش الديغولية والبريطانية سوريا ولبنان بعد توقيع معاهدة مع الجنرال دانتز الذي انسحب مع القوات الفيشية إلى ميناء طرابلس حيث غادر بحراً إلى بلاده.
 

وفي هذه الأجواء العالمية المشحونة بالخوف والقلق من مجريات الحرب العالمية الثانية، تم تعيين الجنرال (كاترو) مندوباً عاماً لفرنسا في سوريا ولبنان، وفي 12 أيلول 1941 قام الجنرال (كاترو) بتعيين الشيخ (تاج الدين الحسيني) رئيساً للجمهورية السورية.
 

أول عمل قام به الشيخ تاج الدين هو تسمية (حسن الحكيم) رئيساً للحكومة السورية، الشيخ تاج الذي عرف الرئاسة السورية عندما اختير سابقاً رئيساً للدولة السورية في العام 1928 حتى العام 1931 كما اختير رئيساً للوزراء في عهد الرئيس محمد علي العابد، كان يسعى جاهداً للوصول إلى حكومة وحدة وطنية تضم جميع أطياف السوريين، وكان يسعى جاهداً إلى الضغط على أصدقائه الفرنسيين للاعتراف باستقلال سوريا ووحدة أراضيه وهذا ماحصل عندما اعترف المندوب السامي الفرنسي الجنرال (كاترو) باستقلال سوريا في 27 أيلول 1941 ولحقه اعترافه بكون كل من جبل الدروز ودولة العلويين هي محافظات خاضعة للدولة السورية وتابعة لها مالياً وإدارياً في 12 كانون الثاني 1942.
 

في هذه الأثناء عينت بريطانيا الجنرال (أدوار سبيرس) وزيراً مطلق الصلاحية في سوريا ولبنان، وحاول هذا الجنرال أن يلعب دور المنادي باستقلال سوريا، لكسب ود الوطنيين السوريين لجانب الحكومة البريطانية، تنفيذاً لمخطط بريطانيا بأن تحل محل فرنسا في سوريا ولبنان.
 

تعنت الرئيس الشيخ تاج الحسيني باتخاذ قراراته وفرضها على الحكومة، ولما اشتد الخلاف بينه وبين رئيس حكومته حسن الحكيم الذي كان موالي لبريطانيا أكثر من فرنسا قام بعزله وتعيين حسني البرازي خليفةً له ومن ثم استقر على تعيين صديقه القديم (جميل الألشي) رئيساً للحكومة.
 

واجه الشيخ تاج الكثير من الانتقادات في عهده، خاصةً من جهة تفرده بالحكم وفرض رأيه على الحكومات المتعاقبة في عهده، كما خرجت العديد من المظاهرات المنددة بحكمه وبالوجود الفرنسي في سوريا، وكان هناك دور خفي للوزير البريطاني في سوريا الجنرال سبيرس الذي كان قد حرض الوطنيين على المطالبة باستقلال بلادهم وبأن بريطانيا ستقف إلى جانبهم في هذا المطلب.
 

في هذه الأثناء جاء خبر وفاة الرئيس الشيخ تاج الدين الحسيني في 17 كانون الثاني 1943 وهو على رأس عمله ليكون أول رئيس سوري يموت خلال أداء مهامه الرئاسية.
 

عرف عن الشيخ تاج الدين الحسيني تواضعه الشديد، وهو مايشهد به سكان منطقته في الحلبوني بدمشق، كان بعيداً عن مظاهر الرئاسة محباً لوطنه باعتراف زعماء الكتلة الوطنية المعارضين لحكمه، وهذا ماذكره فارس الخوري في مذكراته، وعلى الرغم من المعارضة الشديدة لفترة حكمه إلا أنه كان عقلانياً في تعامله مع المعارضين لأنهم وفقاً يبحثون عن استقلال بلادهم ووحدتها بأسرع وقت .
 

جراء الخوف الفرنسي من تزايد النفوذ البريطاني، قام الجنرال الفرنسي (كاترو) بالاجتماع مع زعماء الكتلة الوطنية هاشم الأتاسي وشكري القوتلي ووعدهم بتشكيل حكومة حيادية تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مستقلة تقود انتخابات رئاسية حرة في البلاد وهذا ماحدث فعلاً .... ليبدأ عهد جديد في سوريا هو عهد الاستقلال التام من أي وجود أجنبي في سوريا عهد الرئيس شكري القوتلي.

المراجع:
- كتاب سورية والانتداب الفرنسي ... للمؤلف يوسف الحكيم.
- كتاب جهاد شكري القوتلي ... للمؤلف عبد الله الخاني.
- كتاب سوريا فجر الاستقلال ... للمؤلف سهيل عشي.
- كتاب تطور الحركة الوطنية في سورية .... للمؤلف د.ذوقان قرقوط.
- كتاب صانعوا الجلاء في سوريا ... للمؤلف نجاة قصاب حسن.
- كتاب حديث العبقريات .... للمؤلف عبد الغني العطري.
- صحيفة اللطائف المصورة.
- عدد من الوثائق والطوابع والصور المحفوظة في إرشيف سيريانيوز.


2018-03-05 07:35:42
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق