يستعد حزب البعث العربي الاشتراكي الذي اضعف على الصعيدين الداخلي والخارجي‚ لعقد مؤتمره القُطري الثامن الذي اكد الرئيس بشار الاسد انه سيكون «قفزة كبيرة الى الامام» بينما تشكك المعارضة في ذلك. وكان مصدر في حزب البعث الحاكم في سوريا منذ 1963 قال لوكالة فرانس برس الثلاثاء ان المؤتمر القطري العاشر للحزب سيعقد بين السادس والتاسع من يونيو.

 وفي الوقت نفسه‚ دعا اكثر من مائة مثقف سوري الاسد الى ادخال اصلاحات سياسية طال انتظارها‚ وسيبحث المؤتمر القُطري للحزب التوجهات الكبرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويعين قيادة قُطرية جديدة تضم 21 عضوا‚ كما ستشكل حكومة جديدة بعد ذلك‚ وكان الاسد اكد عند توليه السلطة عزمه على ادخال اصلاحات وهذا ما فسرته المعارضة والمجتمع المدني على انه ضوء اخضر لإحلال الديمقراطية‚ لكن «ربيع دمشق» الذي شهد بوادر ولادة قوى ديمقراطية‚ لم يستمر تحت ضغط القدامى في الحزب‚ واضطر الرئيس السوري الشاب لاعطاء اولوية للاصلاحات الاقتصادية وارجاء الاصلاحات السياسية الى اجل غير مسمى.

ووسط انتقادات لادارته البلاد التي تواجه ازمة اجتماعية-اقتصادية ودبلوماسية لا سابق لها‚ اعلن الاسد في مارس ان المؤتمر القطري للبعث سيشكل «قفزة كبيرة الى الامام»‚ وقال مسؤولون بعثيون لوكالة فرانس برس ان القيادة القطرية ستدخلها عناصر شابة بعد رحيل بعض «الحرس القديم» ومن بينهم نائبا الرئيس عبد الحليم خدام وزهير مشارقة والامين العام المساعد للحزب عبد الله الاحمر‚ وفي الواقع هذا يعني اعطاء دفع جديد للحزب الاشتراكي العربي القومي الذي اسس في الاربعينيات ويعتبره كثيرون بمن في ذلك بعض اعضائه بأنه متحجر‚ وبالنسبة لمنتقديه‚ سيكون على النظام السوري ان يحل تناقضا صعبا: كيف يمكنه الاستمرار في لعب «دور قيادي» - بموجب الدستور - على كل مستويات الحياة في البلاد وقبول الانفتاح الديمقراطي في الوقت نفسه‚ ويطالب معارضون منذ سنوات برفع حالة الطوارىء المطبقة منذ 1963 وتسمح بكل التجاوزات.

 وكتب احد ابرز المعارضين السوريين ميشال كيلو في مقال نشرته صحيفة «النهار» اللبنانية انه «لم يسبق لسوريا ان كانت منذ استقلالها في حال اسوأ من حالها الراهنة ولم يتسم وضع سوريا في اي ظرف سابق بقدر من الضعف والعجز يماثل ضعفها وعجزها الراهنين»‚ واضاف «هل تستفيق نخبها الحاكمة والمالكة والمثقفة في الثواني الاخيرة التي ما زالت متاحة لها تبدأ ما لا مفر منه: اخراجها من نظام امني يتحمل المسؤولية عن معظم ما حل بها من مآس وويلات حتى في لبنان ونقلها الى دولة حديثة ليست شخصية او حزبية او ايديولوجية او فئوية؟»‚ وقال دبلوماسي غربي «نتساءل ما اذا كان من الممكن اصلاح النظام»‚ وفي مواجهة مطالب باصلاحات عميقة تتحول الى نوع من التشكيك فيه‚ يخشى ان يعلن الحزب في يونيو تدابير «تجميلية»‚ وتعاني سوريا من عزلة دولية بعد ان اجبرت على اخراج قواتها من لبنان حيث كانت تنتشر منذ 29 عاما واتهامات بالمسؤولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري‚ وهي تخضع منذ مايو 2004 لعقوبات اقتصادية فرضتها الولايات المتحدة التي تتهمها بدعم المتمردين العراقيين بينما جمد اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي بقرار من المفوضية الاوروبية‚ على الصعيد الداخلي‚ تواجه البلاد زيادة في نسبة الفقر بـ2‚12% من السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر‚ حسب ارقام رسمية ونسبة بطالة تبلغ اكثر من 22% حسب البنك الدولي‚ بينما تعبر شرائح كاملة من المجتمع عن استيائها من فساد النظام.

ا.ف.ب