إن الحديث عن وضع العاملين في القطاع الخاص وواقع الأمان في عقودهم المعلنة، أو غير المعلنة، تستوجب النظر بكثير من الدقة إلى الانعكاسات الخطيرة التي أفرزتها طرق صياغة العقود وتنفيذها، وفي مقدمتها ثقافة العمل ذاتها، وتلك الاستطالات التي نتجت عنها، فبعد كم هائل من التجارب المريرة للكثير ممن غامروا في الرهان على العمل في القطاع الخاص حصيلتها في أحيانٍ كثيرة غير مشجعة بل وغير مطمئنة أيضاً.
يتعرض بعض العمال والموظفين في المؤسسات الخاصة للفصل التعسفي وعدم تطبيق شروط الاستخدام و فرض توقيع استقالة غير المؤرخة عند توقيع عقد مباشرة العمل و غيرها من الأمور التي تتنقص من حقوق العمال مما يسبب الشعور بالقلق والارتياب لهؤلاء المغلوب على أمرهم، مما يعرقل العملية الإنتاجية ويزيد الفجوة والخلاف بين العمال وأرباب العمل، وبالتالي النتيجة خسارة اقتصادية للمؤسسة وأصحابها.
كما يتعرض معظم العمال للغبن في عدد ساعات العمل والحصول على الإجازات بأجر والعلاوات والمكافآت وتطبيق الإجراءات اللازمة للحد من المخاطر المهنية والتسجيل في التأمينات الاجتماعية وتنظيم عقود العمل لتكون دليلاً ثبوتياً على الاتفاق بين الطرفين وضماناً لحقوقها.
وبنظرة عميقة للواقع المؤسف في القطاع الخاص نجد أنّ غالبية هؤلاء المساكين، الذين دفعتهم الحاجة للوقوع بين أيدي من لا تعرف قلوبهم الرحمة والإنسانية عبدوا المال من دون الله ونسوا يوم الحساب، محرومون من العديد من الحقوق والضمانات القانونية التي كفلها لهم قانون العمل، ومجموعة المراسيم التنفيذية.. وذلك كله يفتح الباب على سلبيات العمل في هذا القطاع وكأننا بأيام جاهلية معاصرة تحمل في طياتها عبودية واستغلال بأسلوب قذر، كأن حال الموظفين فيها كالعبيد، فإن طالبت بحقك كان الجواب بكتاب ينهي العمل : "تم إنهاء خدماتكم لتقصيركم في العمل ". أضف إلى ذلك الدخل الرديء، ظروف عمل غير صحية وقاسية تخلو من أدنى أشكال الحماية، فمصطلحات معروفة كالضمان الصحي أو الاجتماعي.. هي مجرد شعارات تجارية وكلام أفرغ من محتواه.
وإن تحدثنا عن الانتهاكات التي تحدث على مستوى ساعات العمل والتي غالباً ما تتجاوز 12 ساعة، فنحن في سوريا ندرك تماماً أن عمال القطاع الخاص هم من يصح القول عليهم بأنه لا حول لهم ولا قوة، وكمثال على ذلك أذكر أنّه في أحد المنتجعات السياحية المعروفة والتي تقع على طريق المطار لرجل أعمال كانت تفرض عليه مهنته الدفاع عن الحقوق والحريات،لكنه كما شاع عنه مؤخرًا أنه فصل لأسباب تمس نزاهته,حيث قام بخرق الصورة الحسية لمعنى الانسانية من خلال تجسيد جميع أنواع القهر والاستبداد والظلم والضرب والإهانة وصرف العمال بشكل تعسفي قبل نهاية الشهر وحرمانهم من الراتب وذلك بحجج واهية لا أساس لها من الصحة،وتذرعه بانه على معرفة وصلة وثيقة بمسؤولين على مستوى عالي في الدولة, وليس ذلك فحسب بل يمارس عليهم اجراءات غير انسانية كالضرب والإذلال بالدعس على رؤوسهم باستخدام رجل اشبه (بالفتوة )واستعراض العضلات مع بعض موظفين الامن والسلامة التابعين للمنتجع الذين يتهافتون بكل شراسة لضرب زملائهم ليكسبوا الرضا. وإبراز عضلاتهم فيخرج الضحية مكفره الوجه مدمى الجسد بعد أن نال الفقر والجهل منه ما نال في الدفاع عن نفسه قانونياً.
هذه اللوحة التي نحاول رسم تفاصيلها بدقة ومصداقية لما يعانيه الموظفين في ذلك المنتجع الأشبه بسجن اختياري يعتفد أصحابها بأنهم يملكون حق العقاب بهذه الكيفية كأننَا عدنا لزمن الفتوة الذي بقوته وبطشه يفعل ما يريد ويختبئ وراء باب الحارة.
ربما تعتقدون أني أبالغ قليلاً بكلامي على ذلك المنتجع السياحي وصاحبه الذي يتمتع بالخطايا السبعة وربما أكثرمن ذلك ولكن أثبت صحة كلامي بشهادة الشهود العيان من موظفين ومستثمرين.
عدا عن ذلك التهرب من التامينات والتلاعب والنصب وووووو......الخ).
ان لغياب الرقابة وعمل المنظمات المسؤولة عن العمل بشكل دقيق دورفي تأخيرالتقدم الاجتماعي والاقتصادي
وذلك ما يستدعي توسيع نطاق التغطية في جولات الرقابة والتفتيش..
والسؤال هنا هل الفقر والجهل هما السبب في الظلم والقهر وسلب الحق في أحوال العمل التي تصون الكرامة؟
أم أن المال سبب في الاستبداد والعنجهية؟
نحن بحاجة فعلاً لتفعيل وتنشيط دور المؤسسات التنظيمة والعمالية للدفاع عن المصالح الجماعية العمالية الاقتصادية والسياسية، ولتحسين مستويات المعيشة وشروط العمل وحماية الحقوق والحريات، فاضطهاد الفقراء أمر لا يبعث سوى على السخرية.
فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
