كانت لي دورتين .. في تلك الفتحة الصغيرة و ينفتح أمامي عالم صاخب المعالم.. هادىء الأركان.. غريب الأجواء .. يتنفس الصمت .. و يغزوه الهدوء.
أخرج بتأني هارب من فتحتي الصغيرة بخطى رنانة ، ثملة .. أتجول في عالمي الجديد بتأرجح لا مبالي، و ينغلق الباب خلفي بصفقة قوية ، و هاهي أربع أقدام و أربع خطوات لنجد أنفسنا مزجورين بين أربع جدران صامدة.. و بعين واحدة لا ترمش أبداً بدأت ....................أنظر و أدقق النظر.!
في طاولة متعبة من الوقوف أبداً و كرسي وحيد حد الحزن كثرت عليه فوضى تبعث كل محتويات خزانة غير موجودة.
كانت غرفة سرية ليس فيها أثاث يغري أحداً و ليس فيها من سر تخفيه على أحد.
هي لم تقل شيئاً بعد ... و هو كان يتحدث معها و كأنه يجالسها بحواسه لا غير.. صوته الذي يتسلل بشكل خفي عبر ذرات الهواء الى مسمع قلبها يختزل المسافة بين روحيهما و كأنه يريد أن يقول لها أشياء دون أن يكون مجبراً على الكلام.......... إلا أنه بدأ بعزف موسيقا الحب على جسدها الذي أطاعه بكل طمأنينة و حنان.
انطلقت سمفونية الحب خاصتهما التي تسللت على جدران الغرفة ثم الى جسديهما التعبين لتستقر في أذنها التي ما سمعت إلا طرقات قلبه.
و أنـــــــا كنت هناك أنظر ..و أدقق النظر.
كنت أريد المشاركة بمهرجان الحب ذاك و أنا بغاية البريق و اللمعان متقلداً سلسلتي الذهبية مع قطرات عطري الفرنسي الأنيق إلا أني لم أغري أحداً ، كنت مستعداً للمشاركة حد الشهادة في سبيل العطاء ذاك.. مع عاشقين في حلبة الحب لأول مرة يمارسان طقوس الحب على عجلة من أمرهم و كأن الحياة ستنتهي بعدها ، يخترقان حواجز الكلمات برمش الأعين و حديث الأنفاس ، كانا متوحدين في بعضهما حتى بدوا بعيدين عن جراثيم المدينة و البشر.
و أنـــــا كنت هناك أنظر ... و أدقق النظر
عندما دقت ساعة الحقيقة.. عندما أغمضت الدنيا عينها و التف حولهما ظلام غرفة اكتظت حباُ و ألماً و غصت بكلمة الفراق.
هاهو من جديد يرفعني من على طاولتي التي كبرت جيلاً و أنا عليها ، ليمسكني بإصبعين يغمض بهما عيني الوحيدة و يوفر عليي ألم لحظة الفراق، يحملني و يديرني تلك الدورتين و ينغلق خلفي الباب تماماً لأخرج للعالم الحقيقي و تستمر الحياة.
بقيت أتأرجح بين يديه .. بين أصابعه الطويلة الصاخبة التي أًصبحت تتسابق في الضغط عليي و إيلامي ، على رميي بمنتهى اللامبالاة من يد إلى أخرى ، حتى حرر يده مني ليخنقني داخل جيبه و يودعها هي ليحرك أخر ذرة هواء كانت للحظة شاهدة على نهاية عالمهما ، و يعود إلي ثانية.
أبقى أنا معه صديق دائم و حل أكيد .... مفتاح أوحد لكل مشاكله
يتذكر تلك اللحظات .... و ينظر إلى أهوي من يديه - مع دوي صافرته في هواء دافئ ينطلق مع أنفاسه – إلى جوف الأرض عبر قناة صغيرة رسمها القدر الجميل لي رحمة منه ... انتحرت فيها.
كانت تلك شهادة مفتاح غرفة العاشقين لمسرح حب.
