محمد خروب
اجماع الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الامن لصالح القرار 2199 الداعي الى تجفيف
الموارد المالية لداعش وجبهة النصرة, ليس بغير دلالة, فالجميع استشعر خطرا(بهذه
الدرجة او تلك) رغم ان بينهم من ظن ان التوظيف والاستثمار في منظمات الارهاب مباشرة
او عن طريق وسيط,
يمكن ان يشكل ورقة ضغط وابتزاز تجاه اعدائه
من انظمة او احزاب اوجماعات, وبعضهم رأى انه باحتضانه هذه المنظمات – ولو عن طريق
وسيط – يمكنه ان يأمن شرّهم أو يجعلهم طابورا خامسا وربما حليفا لاحقا اذا ما حالفه
الحظ وواتته الظروف واستلم السلطة او غدا شريكا فيها, على النحو الذي خطط له البعض,
في الاقليم وعبر المحيطات تجاه الازمة السورية على وجه الخصوص وجاءت اولى (الفرص)
في جنيف 1 والتي تمثلت بالبند الاساس الذي تمسكت به معارضات الخارج, المدعومة
اقليميا ودوليا, وهو تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات واسعة.
كل ذلك بات من الماضي ولم تعد تلك الاوهام سوى تمنيات واحلام يقظة في ظل تمدد داعش
وتوحشها وفي ظل الانتكاسات التي تواجهها هي ونسختها المتمردة جبهة النصرة , لكن هذا
الاندحار ولو غير النهائي , لم يمنع بعض الدول والاجهزة من الاستثمار فيهما والتي
تتجلى في الموقف التركي الداعم والمتبني والمحتضن لداعش على وجه الخصوص والتي لم
تنجح كل الضغوط الدولية وبخاصة الامريكية , في زحزحة انقرة عن موقفها المنافق
والانتهازي من هذا التنظيم الذي يلتقي مع طموحات اردوغان الشخصية في استعادة «دولة
الخلافة» والمبنية في الاساس على خزعبلات واساطير بعضها ينهل من معين متخلف وجاهلي
وظلامي , يسفك الدماء ويقطع الرؤوس ويسبي النساء ويحرق البشر ويفجر المساجد
والمقامات والجوامع والاخر ينهض على استعلاء عرقي وامجاد بائدة يرى فيها مجدا وعظمة
, فيما هي ظلامية واستبداد واستعباد ونهب الثروات الامم والشعوب وفي مقدمتها الشعوب
الاسلامية والعربية خصوصا , كما فعل العثمانيون المستعمرون (بكسر الراء ) في بلادنا
, والاخطر من كل ذلك انهما – داعش وحليفها العثماني الجديد -يتكئون على رطانة
اسلاموية واستعلائية وظلامية..
صحيح ان القرار 2199 لم يسم الاشياء باسمائها بل جاء النص عموميا ومفرداته اقرب الى
الحياد منها الى الحزم والحسم رغم ان القرار جاء تحت البند السابع , الا انه يؤشر
الى موقف دولي مستدرك بمعنى انه جاء متأخرا وهو افضل من ان لا ياتي ابدا ، بعد ان
لم ترتدع تركيا عن مواصلة احتضانها ومساعدتها لهذا التنظيم الارهابي والتي وصلت
علاقاتها به حدودا متقدمة بعد صفقة الافراج عن دبلوماسييها وعائلاتهم في الموصل وما
رشح عن دفع فدية معتبرة لها ، ويبدو انها لم تتوقف عند حدود الفدية, لان انقرة
التزمت دعم داعش ومساندتها ولم تبادر الى اتخاذ اي موقف ولو في حدوده الدنيا يؤشر
الى رغبتها بالتضييق على هذا التنظيم حتى بعد محاولة اجتياح مدينة عين العرب \
كوباني السورية بهدف الوصول الى الحدود مع تركيا ومشاركته الجنود الاتراك في
الاشراف على تلك المنطقة الحيوية ، حيث تلتقي اهداف نظام اردوغان مع هذا التنظيم
المثير للشكوك والريبة في نشأته وصعوده المفاجئ ، سواء في احباط محاولة أكراد تركيا
اقامة نظام حكم ذاتي في جنوب شرق تركيا والتواصل مع كرد سوريا ام في وضع مطامع
انقرة في حلب ( وكركوك ايضا) موضع التنفيذ , باعتبارها مناطق تركية كما هي مزاعم
حكام انقرة منذ قيام « جمهوريتهم» في العام 1923 حتى الان...
الى اين من هنا ؟
تركيا هي الدولة الوحيدة الموجهة اليها اصابع الاتهام في توفير الدعم المالي لداعش
والنصرة عبر تسويق نفطها ومشتقاته وشرائه فضلا عن صرف نظرها ( ان لم نقل انها شريكة
) عن تجارة الاثار المسروقة وهي ايضا من دفعت فدية بملايين الدولارات لها بل وتعرف
اجهزتها حجم التبرعات النقدية والعينية التى لم تمر عبر بنوكها وحدودها ( في
الاتجاهين) لصالح هذين التنظيمين الارهابيين.. مع عدم اهمال ما تقدمه اسرائيل لجبهة
النصرة التي باتت جارتها في منطقة الفصل على هضبة الجولان السورية المحتل وحرية
المرور التي تمنحها حكومة نتنياهو لهؤلاء المرتزقة في الاستشفاء والتدريب
والمعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي.
يبقى معرفة الالية التي سيحددها مجلس الامن لمعرفة التزام الدول المعنية وبخاصة
تركيا, تنفيذ هذا القرار وكيف سيكون تعاطيه معها , دون ان ننسى تصريحات جون بايدن
(الشهيرة)حول من دعم داعش ومن مولها وسلّحها ووفر لها كل اصناف الدعم , ورأينا كيف
« انتفض « اردوغان وراح يهدد , ثم -وكما هو النفاق الامريكي المعروف -ثم الطمس على
ذلك , وها هو الان يعود ولكن تحت الفصل السابع هذه المرة.
|