2015-08-14 19:00:10 | ||
طريق سوريا إلى الأمام... صحيفة السفير |
||
جيمس زغبي أثارت جلبة المناقشات الأخيرة، الثنائية ومتعددة الأطراف، التي تضم الأميركيين والروس والسعوديين وآخرين، تكهنات بأنه من الممكن أن تكون هناك دفعة جديدة للمفاوضات تهدف إلى وضع نهاية للصراع في سوريا. ولا يسعني سوى أن آمل ألا تكون التكهنات مجرد تفكير حالم، إذ كان من الأفضل منذ البداية توضيح أن الحل التفاوضي هو الطريق الوحيد لإنهاء هذه الحرب.
كان ينبغي توضيح أن مسار الصراع تشكّله ثوابت لا يمكن تجاهلها. وبعد سنوات، مع سقوط أكثر من ربع مليون قتيل، ونزوح ونفي نصف سكان البلاد، أضحت الحرب السورية أكثر مأساوية وتعقيداً مما كان يمكن لأي شخص أن يتخيّل في البداية، ولكن الثوابت تظل كما هي. أولاً، كان واضحاً أن مجموعة كبيرة من السوريين أرادوا رحيل النظام. وبالنسبة لهؤلاء، لم تفقد الطبقة الحاكمة شرعيتها فقط، بل لم تكن تُعتبر بنظرهم شرعية من الأساس. وعندما قوبل المتظاهرون بالقوة الغاشمة، ودُمّرت أحياؤهم بالبراميل المتفجرة، راح الغضب يزداد تجاه النظام. في الوقت ذاته، من المهم الإقرار أيضاً بأن عدداً كبيراً من السوريين يخشون التغيير، خصوصاً ذلك النوع الذي يمكن أن تجلبه المعارضة. فالأقليات الدينية وسكان المناطق الحضرية العلمانية يعتبرون أن من يُسمّون «ثواراً» من أصحاب الدوافع الدينية يمثلون تهديداً وجودياً لمجتمعاتهم. ولم يثق أبداً هؤلاء السوريون في المعارضة الخارجية. ومع ظهور «القاعدة» و «داعش» على الأرض، تحولوا إلى النظام للدفاع عنهم، برغم رفضهم لسياساته. وطبيعي أيضاً أن ما يحدث في سوريا يتأثر بالقوى الإقليمية المتنافسة. فبالنسبة لإيران، تعتبر سوريا حليفاً أساسياً لا يمكنها التخلي عنه. أما روسيا، فكانت سوريا بالنسبة لها من الأصول الاستراتيجية التي لم ترغب في التنازل عنها. فيما رأت تركيا أن الأحداث في بلاد الشام تمثل تهديداً لأمنها وسياساتها الداخلية. في ظل تجارب الصراعات الطائفية الأخيرة في لبنان والعراق، كان يفترض أن يكون واضحاً من البداية أن الصراع في سوريا لو ترك من دون حل، ستزداد رقعته، وسيصبغ بصبغة طائفية. ومع انتماء كثير من الجماعات الداخلية إلى قوى خارجية، وفي ضوء ميزان القوى الإقليمية، لم ولن يستطيع فريق تحقيق انتصار حاسم على الآخر. وبلغة الحرب الأهلية الطويلة في لبنان، لن يكون هناك منتصر أو مهزوم في سوريا. وبعد أربعة أعوام ونصف العام من بدء هذا الكابوس، لا تزال هذه الثوابت تحدّد مسار الأحداث الدامية. وأتذكر عندما بلغت حصيلة الحرب ثلاثة آلاف، أني كنت في نقاش مع مجموعة من السوريين الذين أخبروني أن الولايات المتحدة لو منحت مزيداً من الأسلحة للمعارضة، فإن الصراع سينتهي. واعتبرت حينئذ أن مثل هذه الرؤية تتجاهل الثوابت القائمة. ولأنه كانت هناك قوى أخرى لها مصالح في سوريا، فإن منح مزيد من الأسلحة للمعارضة كان سيؤدي إلى زيادة المساندة الإيرانية وحتى الروسية للنظام. أما الحل اليوم، فيتمثل، كما كان دوماً، بتسوية تفاوضية. وسيتطلّب الأمر قيادة من الولايات المتحدة وروسيا، على أن تساند الدول العربية وتركيا وإيران العملية السياسية التي من شأنها المساعدة على وضع حد للقتال. |
||
copy rights ©
syria-news 2010 |