2016-05-03 01:45:00 | ||
تاريخ تأسيس الشرطة في سورية .... |
||
الرتب كانت تمنح بطريقة : حطلك نجمة أو نجمتين يا ابني ! يوم كان راتب الشرطي 80 قرش في الشهر ! لكل شيء بداية في أي مجالات من مجالات الحياة، وكذلك لأجهزة الأمن والشرطة والجيش قصة لبداية عملها، وكيف ابتدأ تشكلي وحداتها وأقسامها وقطعها.
ولقصة تأسيس الشرطة في سورية، حكاية جميلة قد تبدوا غريبة للوهلة الأولى، إلا أنها ماتلبث أن تعكس واقع الحال الذي عاشته سورية وأجهزتها الإدارية والتنفيذية والعسكرية، والتي كانت تتبدل بتبدل ظروف البلد التي كانت تعيشها، بداية بالدولة العثمانية وانتهاءاً بالدولة السورية الحالية تحت نظام حكم البعث.
ففي البداية اخترعت الشرطة لخدمة السلطان العثماني، قبل أن تنتقل لخدمة المملكة السورية، ومن ثم لتعيش تحت جناح الاحتلال الفرنسي وطغيانه، ومن ثم لتنتقل إلى أزهى حقباتها في ظل الدولة الوطنية، ومن ثم لتكشر عن أنيابها في ظل الوحدة قبل أن تستخدم هذه الأنياب على دماء الشعب ومقدراته في ظل دولة البعث والتصحيح.
تنقلنا مجلة الشرطة والأمن العام إلى مقال جميل عن تأسيس الشرطة في سورية، مبتدأة بعبارة للسيد مدير الأمن العام السيد رشدي الصفدي، جاء فيها :( لما كانت وفرة الأعمال تمنعني من مقابلة الزائرين في كل وقت فأرجو ممن يود مقابلتي لأمر عام أو خاص أن يشرف بعد الظهر وقد جعلت وقتي قبل الظهر منحصراً في أعمال الوظيفة التي يدعوني الواجب القيام بها ).
ومن المقال اخترنا لكم مايلي:
انفصلت سورية بعد الحرب العالمية الأولى عن المملكة العثمانية ولم يكن في دمشق سوى 80 رجلاً بين مفوض وشرطي كانوا البقية الباقية من قوى الأمن التي تبعثرت بعد انسحاب الأتراك من الجيش العثماني .
وكان ملاك شرطة الولاية يومئذ مائة وخمسين رجلاً من مختلف المراتب ثمّ أضيف إليهم 60 شرطياً فرض مجلس إدارة الولاية بأمر الوالي وموافقة وزارة الداخلية للحكومة العثمانية على بلدية دمشق أن تدفع رواتبهم لعدم استطاعة خزينة الدولة حمل هذا العبء .. واطلق على هذا العدد الإضافي اسم " بوليس معاوني " أي معاون شرطي يتناول واحدهم 80 قرشاً ذهباً في الشهر باعتبار الليرة العثمانية 100 قرشاً ذهباً .
وكانت هذه القوة من رجال الشرطة موزعة على بضعة مخافر في دمشق وفي بعض مراكز الأقضية القريبة من دمشق .
ولمّا كان هذا العدد غير كافٍ لحماية الأمن في المدينة فإنّ قيادة موقع دمشق العسكري كانت تخصص مساء كلّ يوم فئة عسكرية مؤلفة من أربعين أو خمسين جندياً بناءً على طلب الوالي وأمر من المشير قائد الجيش الخامس حسب الأصول المتبع وقتئذ، ويفرز من هذه الفئة أربعة جنود مسلحين بالبنادق تحت قيادة وأمر شرطي مدني يجوبون أنحاء المدينة حتى منتصف الليل لتأمين الأمن .
وعندما احتلّ الجيش العربي بقيادة الأمير فيصل مدينة دمشق، جمع شتات رجال الشرطة المبعثرين هنا وهناك وتولّى تنظيم الشرطة الجنرال حداد باشا الموفد من الجيش العربي بأمر المارشال اللمبي، فأسرع حداد باشا بتعيين من اعتقد فيهم الإخلاص والكفاءة وصار يمطر الرتب على الجدد والقدماء، لا سيما المفوضين وكان يقول لمن يختارهم " حط نجمة أو نجمتين " بلهجته المصرية، أي علق على ساعدك نجمة واحدة علامة مفوض ثالث أو نجمتين علامة مفوض ثان أو ثلاثة نجوم علامة مفوض أول .
حتى بلغ ملاك الشرطة نحو ثلاثمائة رجل مع عددٍ كبيرٍ من المفوضين وكانت الشرطة تخدم حكومة تسمّى " حكومة بلاد العدو المحتلة " ثمّ انقلبت إلى شرطة " الإمارة الفيصلية " ثمّ صارت شرطة المملكة السورية .
ولم يتسن لمن تولّوا أمرها أن يتفرغوا لتنظيمها وترتيب شؤونها .
حتى كانت كارثة المملكة السورية واحتلال البلاد السورية من قبل جيش الانتداب المشؤوم فعمّت الفوضى ووقعت حوادث خربة الغزالة التي اغتيل فيها بعض الوزراء، واتبعت السلطة المنتدبة سياسة الإرهاب والبطش وتوقيف المواطنين وإبعادهم ووضعت الشرطة تحت أمر مدير الأمن العام الفرنسي الملحق بالمفوض السامي في بيروت ومستشاره في دمشق ومكتب الاستخبارات وحشر الفرنسيون في الشرطة الأشخاص الذين يثقون بهم من حثالة النّاس الذين كانوا يتسابقون في التجسس ونقل الأخبار الكاذبة لينالوا الحظوة عندهم .
وحينما انتدبتني وزارة المرحوم علاء الدين الدروبي لمديرية الشرطة العامة بسلطاتٍ واسعةٍ، اشترطت أن تكون صلاحية المستشار الفرنسي منحصرةً في الاستشارة الفنية فقط وفي توقيع جوازات السفر باسم المفوض السامي بعد أن أقوم بتحقيق أوراق طلب السفر وموافقتي عليها .
وأن تكون علاقة الاستخبارات بدوائر الشرطة الاستعلام عن بعض الشؤون وأن تستبدل العشرات من رجالها بثلاث مخبرين فقط .
وقد وافق المفوض السامي الجنرال غورو على ذلك، وأصدر قراراً يجدد مداخلة الحكومة المنتدبة بشؤون الشرطة واستقلالها في أمورها .
على هذا الأساس باشرت العمل بتطهير جهاز الشرطة فأقصيت المفسدين ونزلت رتب بعض المفوضين كما عيّنت الأكفياء القادرين على حمل الأعباء .. ورفعت المستحقين.
ونظمت ملاك الشرطة ووزعت رجالها حسب القاعدة الفنية التي تخصص شرطياً واحداً لكل ألف نسمة من السكان ما عدا العاصمة أو البلد الذي يرتاده الغرباء .
فتبلغ النسبة 1 أو 2 بالألف . وخصصت 45 شرطياً لحمص و35 لحماه وألغيت شرطة الأقضية وأحدثت مخافر جديدة في أحياء دمشق بحسب الحاجة والضرورة .
ثمّ أنشأت مفرزة فرسان الشرطة من 20 شرطياً خيالاً بقيادة مفوضٍ ثانٍ يعاونه مفوضان من الدرجة الثالثة، وجعلت هذه المفرزة مسؤولة عن الأمن في أطراف العاصمة، وفي نفس الوقت أنشأت مفرزة من راكبي الدراجات لتسرع إلى مكان الحادث وذلك لفقدان السيارات وقتئذ .
وقسمت الشرطة إلى عدد من الأقسام، وكان لكلّ قسمٍ أو شعبةٍ رئيسٌ تختلف رتبته باختلاف أهمية القسم .
رأيت مبدئياً لمعالجة مشكلة رواتب رجال الشرطة وتأمين رفاهيتهم، ولم أفلح في مطالبة الحكومتين المنتدبة والمحلية نظراً للعقبات التي وضعتها وزارة المالية ومستشارها الفرنسي بحجة الاقتصاد .
فاتصلت بالمفوض السامي الجنرال ويغان واجتمعت به في بيروت فشرحت له حالة رجال الشرطة والغبن الذي يصيبهم تجاه موظفي الدولة وبينت له كيف أنّ الشرطي يشتغل في الليل والنهار ولا يستفيد من العطل الرسمية والأعياد وكيف يتضاعف عمله في هذه المواسم، وضربت له مثلاً كاتب الشرطة الذي يشتغل قبل الظهر وبعده وفي الليل أحياناً بينما زميله في الحكومة يتناول أضعاف راتبه لقاء قيامه بعمله بضع ساعاتٍ في اليوم .
وعددت له مقارنات كثيرة، فاستغرب المفوض السامي ذلك واستكبره وطلب لائحة مفصلة ثمّ أصدر أمره لمندوبه في دمشق ليتصل بالحكومة المحلية، حتى برزت للوجود مسألة التنسيقات لتحديد الوظائف والرواتب وتعادلها، وهكذا استردّ رجال الشرطة حقوقهم .
كنت احتفظت بقسمٍ من بنادق الجيش التي سلبها الناهبون بعد كارثة ميسلون وسلحت بها رجال الشرطة، ولما كانت المسدسات من أنواعٍ وأشكالٍ ومقاييس مختلفة فقد استحضرت من أوروبا أحدث المسدسات من طراز براونينغ مرقمة بأرقام عربية من 1 حتى 350 وزودت كلّ شرطيٍ بمسدس يحمل رقم الشرطي .
ووجهت اهتمامي لمصلحة السير التي لم تكن معروفة قبل ذلك الوقت ووضعتها تحت رئاسة أحد المفوضين وجرى تدريب رجالها وجعلت إلى جانب كلّ شرطيٍّ هاتف مربوط بأقرب مخفر .
ثمّ أصلحت الحراسة فأخرجت الشيوخ والعجزة والأميين وأحدثت للحراس أكواخاً وألبسةً خاصة تحت أرقام وزودت كلّ واحد منهم بدفترٍ مطبوعٍ لتقيد فيه نوبات التفتيش قبل نصف الليل وبعده من قبل دوريات الشرطة والدورية العمومية ومفتش الحرس .
وحملتهم ساعاتٍ آليّة تقف من ذاتها كلّ ساعتين إذا لم تربط بمفتاحها الخاص المحفوظ بالمخفر الذي يرتبط به الحارس وتجوب الطرقات ليلاً وبذلك يكون رجال الدورية والحراس الرقباء على بعضهم وتوقف الساعة يكشف عن المتأخر المسؤول إذ عندما يعيدها الحارس في الصباح إلى شعبة الحرس يفتحها رئيس المصلحة ويخرج الورقة المطبوعة التي تبين ساعات التفتيش .
وعندما أنشأت مدرسة الشرطة قدّرت أنّ التربية المسلكية والمعلومات القانونية ضرورية للشرطي , وعينت لها مديراً ولكلّ درس أستاذاً مثل القانوني الضليع السيد مصطفى حكمة العدوس , وجهزتها بكلّ ما يلزمها وجعلت مدة الدراسة ستة أشهر . والمتخرج منها يحمل على ساعده إشارةً خاصة . وتنزل رتبة من يرسب لأول مرة ثمّ يطرد من السلك إذا لم يثبت الكفاءة في الدورة الثانية .
وكذلك عنيت بالأمور الصحية فأحدثت طبابة الشرطة وعيّنت لها طبيباً وكاتباً ليفحص رجال الشرطة والحراس ويداويهم بالعقاقير المجانية .
أمّا المجلة فقد توخيت في إصدارها تثقيف رجال الشرطة وسميتها مجلة الشرطة لنشر جميع ما يتعلق بالأمن ورجاله من مقالاتٍ ومحاضراتٍ وعهدت في بادئ الأمر بإدارتها إلى رئيس الديوان المرحوم فائق العسلي ثمّ سلمتها للمرحوم الأستاذ نجيب الريّس فقسمها لأبواب وتفنّن في تحريرها .
هكذا كانت بداية عمل الشرطة والأمن، ولأجل حماية المواطنين من أي سوء كان عملهما، أما اليوم، وبعد أن انحازت الوظائف عن الغايات التي خلقت لها، ليس لنا إلا أن ندعو الله أن تعود البلاد كما كانت عليه، وتعود وظائف وعمل أقسامها للغاية التي خلقت من أجلها منذ البداية. |
||
ابن العظمة 2016-05-08 17:27:06
عاشت سورية و يسقط الاسد
على اساس سورية كانت كويسة بعهد بشار و ما كان الها داعي الثورة........ مكملين و رح نضف البلد من راسها لرجليها من كل النشحسوريا
|
||
copy rights ©
syria-news 2010 |