2007-07-26 12:01:22 | ||
تحسين العلاقات السورية – الأمريكية |
||
بعض البدايات الممكنة سافرت مؤخراً إلى سورية مع اثنين من زملائي في الـ CSIS، جون ألترمان و توماس ساندرسون. قمنا بذلك بناء على دعوة من مركز الشرق للدراسات في دمشق لمناقشة العلاقات بين سورية و الولايات المتحدة، والتقينا بطيف هام من السوريين المهتمين بقضية التباعد والتوتر بين بلدينا. كما التقينا الرئيس الأسد ووزير الخارجية السوري. وكما كان متوقعاً، فلقد سمعنا الكثير من الآراء حول الرؤية السورية للأخطاء الأمريكية في المنطقة، وعلاقتها مع سورية. كما سمع السوريون بدورهم الكثير حول الأخطاء السورية في المنطقة وفي العلاقات مع الولايات المتحدة. ولم يتحقق أي اختراق في هذا المجال، ولا رسائل درامية، أو وعود بنجاح مفاجئ في العلاقات السورية – الأمريكية. وإن كان ثمة شيئ يمكن قوله عن إدارة بوش بخصوص الأفق السوري، فهو أنها لا ترى مبررا جدياً للحوار مع سورية، وأن أي تقدم لن يحصل إلا بعد مغادرة هذه الإدارة. لن أحاول الحديث بدلاً عن زملائي، ولكن نظرتي كانت أننا واجهنا مشاكل جدية في علاقتنا فيما يتعلق بسياسة سورية حيال لبنان وحزب الله وإيران. وفي نفس الوقت، فلقد صدمت مجدداً بحقيقة أن سورية لا تزال واحدة من أكثر المجتمعات حداثة وعلمانية بين مجتمعات الشرق الأوسط. فالناس فيها مثقفون وودودون، وليسوا معادين للولايات المتحدة بالمعنى الواسع للكلمة. لقد أبدى الأشخاص الذين تحدثنا إليهم براغماتية مشهوداً لها، ومرونة في وجهات النظر، ولعلي أقول أن السوريين شعب يسهل الحديث والحوار معه، وعلى خلاف بعض من أيديولوجي المنطقة، من الممكن خوض حوار حقيقي معهم. ولقد صدمت بحقيقة أن ثمة ساحات عديدة تتشارك فيها الولايات المتحدة وسورية في مصلحهما المشتركة، ويمكن أن تكون مساعدة للتحرك قدماً دون أن يتطلب ذلك بالضرورة تحسناً مواكباً في العلاقات الرسمية. ليس من الضروري إحداث اختراقات لإحراز نجاح ولا الانتظار ريثما تأتي الإدارة المقبلة. في الحقيقة، فإن انتظار سنتين إلى حين استتباب إدارة جديدة لن يكون في مصلحة البلدين. إذ أن هناك ما يكفي من عدم الاستقرار في المنطقة وما يكفي من الساحات التي سيتسبب ترك الأمور فيها على عواهنها إلى جعل الأوضاع تتدهور أكثر فأكثر. وبناء على ما سبق، أقدم الاقتراحات التالية. ولعلي إذ أقوم بذلك، فاني أؤكد أنني أتحدث عن نفسي وباسمي، رغم أنني تشاركت في بعض الآراء مع زميلي ومع السوريين الذين التقيتهم. ولعلي عموماً أقول، أن من الطبيعي أن تأتي الأفكار الطيبة منهم والأفكار الأسوأ مني.
فلننس أمر الاختراقات الرسمية ولنركز على الخطوات العملية إن الشرق الأوسط هو أحد المناطق التي كثيراً ما يعني تذكر الماضي فيها تكراره، وتكرار كل أخطائه. وترجع العلاقات السورية – الأمريكية الصعبة لاختلافات حقيقية. و لاتكمن المشاكل في عدم التواصل، فليس الأمر بهذه البساطة، وليس من السهل أن تغير الدول سياستها ورؤاها المتعلقة بمصالحها القومية الخاصة. وعلاوة على ذلك، فإن كلا الطرفين ارتكبا أخطاء على صعيد العلاقة بينهما، ومن حلال أفعالهما في المنطقة. لذا فإن التركيز على ذلك يمكن أن يؤدي إلى اتهامات متبادلة. لا أحد من البلدين جاهز للقيام بتنازلات للآخر، أو للتضحية بأولوياته وآرائه المرتبطة بمصالحه القومية. الضغوط الحالية على الولايات المتحدة وسورية لا تدفعهما لابتداع مقاربة دراماتيكية جديدة لبناء علاقاتهما أو لتقديم تنازلات. بالإضافة إلى ذلك فإن العمل على بناء ثقة متبادلة من منطلق أن ذلك سيحسن العلاقات بين الطرفين وتحقيق مصالحهما المشتركة سيتطلب وقتاً. باختصار، بدلاً من اتباع الوسيلة غير العملية، فلنستكشف تلك الساحات التي يمكن للبلدين أن يعملا فيها بشكل متواز، وبما يخدم مصالحهما الخاصة دون تقديم تنازلات لبعضهما. فليتصرف كل منهما من جهته منفرداً، لاستكشاف الخيارات من خلال دبلوماسية "المسار الثاني"، والاكتفاء في الوقت الراهن بالحوار في مسألة واحدة تلو الأخرى. ولنقبل عملياً أن كلاً من البلدين سيتصرفان بطرق يعارضها الطرف الآخر، ولنكف عن وضع شروط مسبقة تتطلب تغييراً مستحيلاً في السياسة.
مرتفعات الجولان: لعلها واحدة من الأمور الهامة التي لا تتطلب أي تصرف رسمي من الجانب الأمريكي من جهة ولكنها تعزز الخطوات التي اتخذها الرئيس الأسدة للتو من خلال تعبير سورية الواضح والمنسجم حول رغبتها الحقيقية في السلام مع إسرائيل على أساس إعادة الجولان، وهي عملية لا تتطلب تنازلات من أي من الطرفين الأمريكي والسوري. بل إن كل ما تتطلبه فقط هو الصبر، الإصرار، الشفافية والمرونة. إن الخلافات بين سورية وإسرائيل أبعد مدى من تلك التي بين سورية والولايات المتحدة. إذ ترى إسرائيل في سورية خطراً مستمراً وعاملاً أساسيا في الحرب مع حزب الله الصيف الماضي. في حين ترى سورية في إسرائيل محتلاً ذا حكومة ضعيفة ومشرذمة، وغير راغبة في الحوار بسبب ضغط إدارة بوش. سيلزم الكثير من الوقت كي تستجيب إسرائيل لأية مبادرة سورية في المنطقة، ولاختبار مدى المصداقية. وفي الوقت نفسه، ليس لدى السوريين رغبة باستعادة مرتفعات الجولان بالحرب، ولديهم أسباب جيدة للتشديد على رغبتهم في التوصل لاتفاق. وبغض النظر عما كان وما لم يكن، يحتاج السوريون للتقدم و الرخاء الاقتصادي أكثر مما هم بحاجة لخطر خارجي. ولقد اتخذت سورية خطوات أولية هامة تجاه اللبرلة الاقتصادية والتطوير، ولكنها لا تستطيع النجاح طالما استمر المستوى الراهن من الإنفاق العسكري ولا من خلال مجتمعها نصف العسكري. وقد تستطيع سورية استفزاز إسرائيل ولكنها لا تستطيع تهديدها وجودياً. ولا شيء أسوأ للبلدين من صدام قد يتصاعد لاقتتال خطير وغير مقصود. لقد أوضح السوريون على مستويات مختلفة أنهم شعروا أن محاولات السلام التي تم تطويرها خلال عهد الرئيس كلينتون كانت على الأقل تشكل حوالي 90% من الحل.وقد لاموا إسرائيل ورئيس الوزراء باراك بسبب الفشل في المبادرة في الوقت الذي لام فيه الإسرائيليون والأمريكيون سورية. جوهر القضية يكمن في أنه إذا توفرت خطة قريبة ما تخدم المصالح السورية والإسرائيلية القومية على حد سواء فستكون هناك مصلحة كبرى لسورية في المضي بها بشكل علني وليس مجرد الاكتفاء بإشارات رئاسية أو محادثات سرية بين أفراد خاصين. سيكون لسورية كذلك مصلحة كبرى في إيضاح بنود الاتفاق السابق الذي لم تقبله بشكل دقيق. ويمكن من خلال بعض المرونة أن يقوم باحثون السوريون ببعض المبادرات دون أن يكون في ذلك إلزام للحكومة، ولكنها ستكون كفيلة بإيضاح مخاوف واهتمامات سورية لكل من الإسرائيليين والأمريكيين. ومع الاحترام الكامل للطرفين يمكن القول أن مزارع شبعا هي مسألة غير ذات قيمة تاريخية أو استراتيجية. تبقى حقوق المياه مهمة، ولكن الحقيقة أن إسرائيل لا تجني من ذلك إلا الحرب، وستجد سورية مشاكل مهمة في استخدام هذه المياه دون عملية سلام، في حين تغدو تحلية مياه البحر مجدية من الناحية التجارية بقدر كاف يسمح بتخفيف الضغوط عن إسرائيل من ناحية المياه. إذ لا يجب أن يكون السلام منافسة مبتذلة يضيع في الحوادث والترهات الماضية. تستطيع سورية أيضاً أن تبادر بشكل أحادي، أو عبر تفاوض ثنائي القيام بجملة من التدابير الطفيفة بما يسمح ببناء الثقة مع إسرائيل. فمن المزعج حقاً أن تسمع حديثاً عن الحرب من خبراء وصحفيين جادين في البلدين. سورية تتحدث عن الممارسات الإسرائيلية والبناء في الجولان والتهديد الذي تشكله إسرائيل هذا الصيف. إذ تتحدث إسرائيل عن المناورات وصفقات الأسلحة السورية في الجولان، بما يوحي بأن سورية ستهاجم قريباً. وفي حين أننا نستطيع القول أن لدى إسرائيل سبباً واضحاً للاعتقاد بأنها لا تستطيع الحصول من سورية على ما هو أكثر، فان لدى سورية أسبابها لإدراك أنه حتى المحاولة الأكثر تعقيداً لاسترجاع جزء من الجولان بشكل مفاجئ ستفشل على الأرض، الأمر الذي يفتح المجال بدوره لأن تتلقى سورية الضربات من السلاح الجوي والصاروخي الإسرائيلي المتفوق. المغامرات والاستفزازات وصفقات الأسلحة الكبيرة، والمناورات والمخاتلة العسكرية في الجولان تجعل الأمور أسوأ بالنسبة لسورية. فحتى لو كان بمقدور سورية أن تجعل الأمور أسوأ لإسرائيل، فان النصر الناجم ناهيك عن مجرد محاولة إفساد العاب الآخرين لا يخدم أي هدف استراتيجي. يمكن لسورية و/أو إسرائيل أن تحققا الكثير من خلال الإعلان بالتفصيل عن أي ممارسة أو تغيير في التسليح في الجولان. كما أن كلاً منهما سيستفيد من الحديث عن الطبيعة الدفاعية للتدريبات التي يقوم بها. كما أن صفقات الأسلحة الكبرى لم تعد سراً على أحد، لذلك فان إعلانها وشرحها سوف يكون مفيداً. وقيام سورية بجهود مستقلة لتعزيز حماية الحدود في وجه المتطرفين الذين يعملون في كامل المنطقة سيكون مفيداً هو الآخر. ويطرح السؤال التالي: هل تستطيع سورية التعامل مع حزب الله بتحفظ خاصة فيما يتعلق بالتحرك قرب الحدود السورية – اللبنانية – الإسرائيلية. نستطيع القول بشكل عام أن العمليات القائمة على لخبطة الأوضاع واستفزاز الخصم إلى الحد الأقصى لا يمكن أن تؤدي في هذه المنقطة إلا إلى جعل الأمور أسوأ بكثير للمستفِزِ والمستَفز.
التركيز على التنمية الاقتصادية العلمانية: لا تستطيع الولايات المتحدة اتخاذ أية خطوات عملية تجاه تغيير النظام في سورية، وسورية لن تقدم أية تنازلات بهذا الخصوص. هناك أيضاً مجالات يمكن أن ترسل سورية من خلالها إشارات هامة للولايات المتحدة لإظهار أن تطوراً ما يحدث في النظام وأن الحكومة تتخذ خطوات إيجابية من اجل مساعدة شعبها. لدى سورية كل الأسباب الممكنة لانتهاج الإصلاح الاقتصادي والتحديث. ذلك أن تحقيق الأمن الاقتصادي والنمو يساعد النظام، ويرسل رسائل حول التقليل من الفساد. وكما أظهرت الصين وغيرها من الدول الآسيوية، فان من الأسهل انتظار الإصلاح السياسي في الوقت الذي يستطيع فيه الشعب الاستفادة من الإصلاحات الاقتصادية طالما أن للحكومة قدرة كبيرة على إحراز تقدم في هذا المجال. وليس هناك من وسيلة للتعامل مع الإخوان المسلمين والنشاط الإسلامي المتطرف أفضل من رفع مستوى المعيشة والاستثمار، وإتاحة الفرص للجميع وليس استمرار حالة الركود. وعلاوة على ذلك، كلما كانت سورية أكثر أماناً وحداثة اقتصادية، كلما وجدت إسرائيل سبباً لتشعر بأنها قادرة على التعامل مع دولة مستقرة. وستشعر سورية بسهولة أكثر في التعامل مع عواقب انسحابها من لبنان، وستعطي العراق المزيد من الحوافز في مجال التجارة، أنابيب النفط، والمشاريع المشتركة. فكلما كان الاقتصاد السوري متيناً وليبرالياً، كلما زادت فرص الاستثمار الخارجي من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وغيرها من الدول. وسيكون بالتالي مدخول السياحة و البنية التحتية أفضل. لا يحتاج المرء إلى الكثير من الوقت والتفكير كي يدرك أن قيام سورية بالاستثمار البديل في الأسلحة والقوى العسكرية، لن يسمح لها بالمنافسة في سباق التسلح. لاشك أن سورية تحتاج إلى تحديث بعض قواها، ولكن إسرائيل تستطيع بالمقابل أن تتفوق عليها في الإنفاق بما لا يقل عن أربعة أضعاف. ولدى إسرائيل القدرة على الوصول إلى التقنيات العسكرية الأكثر تقدماً بكثير، في حين أن لديها قوات وقاعدة تكنولوجية أفضل بكثير أصلاً. إن قيامك بإطلاق سباق تسلح لا يمكن أن تكون فيه رابحاً هو بديل بائس لعملية التنمية حيث لا يمكنك في كل الأحوال أن تخرج خاسراً.
محاربة الإرهاب في صلب المصلحة القومية لسورية. لن تتفق سورية والولايات المتحدة حول تعريف محدد للإرهاب في المدى المنظور، خاصة فيما يتعلق بعمليات وأفعال حماس وحزب الله. لقد أوضح العديد من السوريين أنهم يجدون في التطرف الإسلامي السني خطراً كبيراً على سورية، سواء في سورية أو العراق أو لبنان. وذكر الكثيرون أن الإخوان المسلمين وبعض العناصر بين اللاجئين العراقيين يشكلون مشكلة حقيقية. إن قيام سورية بعمل مبادر ضد هذا التطرف هو في مصلحة سورية، بقدر ما هي من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية على حد سواء. كما أن قيام تبادل وتعاون استخباراتي محدود هو أمر ممكن، حتى وإن لم يكن التعاون الأوسع متاحاً. إن اتخاذ إجراءات سورية قوية في نطاق رؤيتها لمصالحها في هذا المجال سيضع الأسس لتخفيف توتر العلاقات السورية – الأمريكية.
الأمن الداخلي بمفهومه الأوسع: لا تحتاج سورية إلى ربط جهودها في مكافحة الإرهاب بإجراءات القمع الأمنية الواسعة. ثمة مشكلة في العالم العربي تلحق الضرر مباشرة بمصلحة الأنظمة والشعوب على حد سواء، وذلك بسبب فرض إجراءات أمنية مفرطة وغير ذات فائدة ضد شخصيات ومنظمات غير حكومية تطالب بالإصلاح والتغيير السلمي والتقدم الاقتصادي وضد المحسوبيات والفساد. ولم تحقق أي من دول المنطقة التوازن المناسب بين المصالح المباشرة للسلطة وبين الأمن المفرط الذي يقمع التقدم والتطور في حين يعتبر تحقيق هذا التقدم والتطور أمراً حيوياً لضمان الدعم للنظام ولاستقراره. وليست سورية استثناء من هذه القاعدة. إنها تواجه أخطاراً محيقة بها من التطرف الإسلامي ومن الإخوان المسلمين وربما من بعض عناصر معينة بين اللاجئين العراقيين المتزايدين. في حين لا تواجه سورية أي خطر حقيقي من تلك الأصوات التي يرفعها علمانيوها ومسلموها المعتدلون الداعون للإصلاح، والمعبرون عن قلقهم فيما يخص حقوق الإنسان وسيادة القانون ونقد الحكومة. ولا تشكل هذه الأصوات عبر مطالبتها بالتغيير أي تهديد للنظام. تحتاج سورية لأصوات معتدلة قوية حتى ولو كانت انتقادية. وهي لا تستطيع إسكات أو توقيف كل صوت يحاول دفع البلاد إلى الأمام ويعمل على موازنة تأثير التطرف الإسلامي الذي يشكل الخطر الداخلي الحقيقي الوحيد على النظام وعلى البلاد. ليس باستطاعة أحد توقع تحول سريع في الممارسات والقيم الأوروبية والأمريكية، ولكن ما يمكن قوله هو أن وقت الإجراءات الأمنية الداخلية والقمع المفرط قد انتهى. الشعب والنظام في سورية سوف يستفيدان من تخفيف المستوى الراهن للقمع ومن مناخ أكثر ليبرالية في مواجهة جميع العناصر المتطرفة. إن إشارات كهذه ستلتقطها الولايات المتحدة والعالم وستساهم بحد ذاتها بشكل كبير في تحسين العلاقات في المستقبل.
العراق: يبدو أن هناك فهماً متزايداً في سورية أن لعب دور " مفسد مخططات الاخرين في العراق وتشجيع أو التسامح مع عمليات المتسللين في سورية ، والعبور للعراق، سيهدد سورية ذاتها من خلال ما يقدمه ذلك من دعم إضافي للتطرف الإسلامي داخل سورية ذاتها. إن وجود عراق غير مستقر على حدود سورية وتدفق اللاجئين الذين أصبحوا خط مواجهة كامناً في صراع شيعي – سني لحكم العراق والسيطرة عليه. ولقد أكد مسؤولون عدة مثل وزير الخارجية السوري أن مصالح سورية تكمن في وحدة العراق، وفي حكومة مركزية قوية وقوات شرطة وقوى عسكرية فعالة. كما أكدوا ضرورة تعريف العراق رسمياً كدولة عربية إسلامية. ليس من الواضح كم ستكون سورية جاهزة للتصرف عملياً بموجب هذه الكلمات، ولكني أعتقد أن لديها مصلحة واضحة في فعل ذلك. ولا يمكن لسورية القبول بالارتباط بالقضية الشيعية في المنطقة وليس لديها مصالح متطابقة مع مصالح إيران، كما أنها لا تحتاج إلى عدم الاستقرار أو الصراع الأهلي على حدود أخرى. إن القيام بمبادرات سورية لدعم المصالحة السياسية في العراق والتشدد ضد عمليات المتسللين داخل سورية وعبر الحدود، وتأمين الحدود السورية مع العراق هي جميعاً من مصلحة سورية. إن رفع قدرات القوات الأمنية على الحدود العراقية يزود سورية بساحة تعاون ملموسة مع الولايات المتحدة. كما أن نشاطاً سورياً من هذا القبيل سيضع الأسس لتحسين العلاقات السورية – الأمريكية أيضاً.
إيران: لقد خفف السوريون في أحاديثهم من مخاطر الجهود الإيرانية الساعية للحصول على السلاح النووي. ولم يعترفوا بأن المصالح السورية والإيرانية تختلف بشكل كبير، وأن الهيمنة الإيرانية على معظم العراق والمغامرات في لبنان ومغامرات حزب الله لن تكون في صالح سورية. التحفظ السوري في التعامل مع إيران سوف يخدم المصلحة السورية، وممارسة مثل هذا التحفظ سوف يضع الأرضية لتحسين العلاقات. لسورية أيضاً مصلحة قومية واضحة في انسحاب أمريكي من عراق أكثر أمناً واستقراراً. مغادرة أمريكية، وتقليص الحجم إلى حد مستويات دفاعية ، يزيل اي شبح لتدخل عسكري أمريكي ضد سورية، كما سيساعد في خلق عراق أكثر استقراراً وتوحداً.
الفلسطينيون وحماس: مثلهم مثل الأمريكيين ومعظم دول العالم، أعرب السوريون عن قلق بالغ من الانقسام بين الفلسطينيين. نقطة واحدة تحدث عنها السوريون وهي أن عدة أصوات داخل حماس استخدمت تعبير تأسيس دولة فلسطينية داخل ال 1967 كوسيلة غير مباشرة للإيحاء بأنهم يستطيعون التعايش مع إسرائيل.
لبنان: ثمة رسالة واحدة واضحة من السوريين الذين تحدثنا إليهم أن ليس هناك أي نية من قبل سورية للعودة إلى لبنان أو أية محاولة لإعادة احتلال ذلك البلد. العديد من السوريين اعتقدوا أن خروج سورية ساعدها في الاندفاع تجاه اللبرلة الاقتصادية و التنمية، بينما أدى الوجود في لبنان إلى انتشار الفساد و التناقضات الاقتصادية. في ذات الوقت، كان هناك خوف متزايد من وجود لبنان " معاد" على الحدود السورية وكنتيجة لتحقيق الأمم المتحدة في اغتيال الحريري. علاوة على ذلك، فإن صلات إيران وسورية بحزب الله كانت من أكثر النقاط التي ووجهنا فيها بعدم صراحة في النقاش. الرئيس الأسد ذكر أن سورية اعترفت باستقلال لبنان، وأنه ذهب للبنان وحيا العلم اللبناني وأنه من الممكن تبادل السفراء إذا لم يعد النظام في لبنان معادياً. لا تستطيع الولايات المتحدة وسورية الاتفاق حول هذه النقطة في الوقت الحالي، ولن تكون هناك تغييرات مفاجئة في التصريحات الامريكية حول موضوع قانون محاسبة سورية. وسيكمل التحقيق الدولي مجراه. السياسة في لبنان ستبقى مشرذمة، طائفية وتعيش فوضى إثنية، وحزب الله لن يزول بشكل مفاجئ أو يتحول إلى حزب سياسي آخر. وفي الوقت ذاته فإن القضية الأساس ليست الماضي بل المستقبل. فإذا ما كررت سورية بوضوح اعترافها باستقلال لبنان وأن ليس لديها أية نية في إرسال قواتها فهي رسالة تستحق إرسالها. هذه مصالح سورية حيوية.
وإذا أوضحت سورية أنها تعيق مغامرات حزب الله على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وأنها لا ترسل صواريخ طويلة المدى وأسلحة عدوانية لحزب الله، ستكون تلك الرسالة خطوة كبيرة على طريق تعزيز إمكانية تحقيق تقدم بخصوص الجولان.. لا أحد يستطيع انتقاد سورية عندما تريد نظاماً صديقاً في لبنان، أو علاقات اقتصادية قوية. هذه مصالح سورية حيوية. وفي الوقت عينه ، العمليات والمغامرات الهامشية في محاولة رسم السياسة اللبنانية بالقوة، لا تخدم مصالح سورية القومية كما أنها تساهم في ردة فعل أوروبية وأمريكية غير ودية. إن قيام سورية بممارسة سياسة إيجابية مبادرة تجاه اللبنانيين قد تساعد أكثر في خلق ذلك النوع من النظام الذي تريده سورية في لبنان. كما أن تجنب جر سورية إلى مستنقعات ومتاهات الحرب الطائفية التي لا تنتهي يحسن علاقات سورية مع الولايات المتحدة ومع الخارج.
الولايات المتحدة: ركزت هذه الورقة على ما يمكن لسورية أن تفعله وبما يخدم المصالح السورية القومية، والذي يمكن بدوره أن يهيئ الأرضية لعلاقات أفضل مع الولايات المتحدة. ولم يتم اقتراح تنازل منفرد من أحد الطرفين. ولكن الواضح أن على الولايات المتحدة أن ترد بما يتناسب مع مصلحتها هي الأخرى. فكل خطوة مما سبق يمكنها أن تكون سبباً جديداً للولايات المتحدة لزيادة حوارها مع سورية، والبحث عن مجالات تعاون مشتركة أخرى. هناك العديد من الخطوات الأخرى التي على الولايات المتحدة اتخاذها. ولاشك أن عدم وجود سفير في سورية وعدم التعاطي مع البعثة السورية في واشنطن هي أمور ليست مجدية. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد تشجيع التغيير في سورية، فإن الطريق الممكن الأفضل هو وجود فريق أمريكي في سورية. وبشكل مماثل، لا تحتاج الولايات المتحدة إلى إرسال وزيرة الخارجية أو نائبها في جولة جديدة من الزيارات لسورية، ولكن إبعاد سورية جانباً أو عدم الإصغاء إليها سيكون ذا مفعول عكسي وخطير. إنه يشجع بالضبط الممارسات السورية التي تعارضها الولايات المتحدة تحديداً. لا يوجد بلد في العالم يكون من المجدي للولايات المتحدة أن تركز في دبلوماسيتها وسياسيتها على إجراءات عقابية أو على استخدام " العصي". لا يجب أن تقدم الولايات المتحدة أي تنازل في تتبع مصالحها الخاصة أكثر مما تتوقعه من سورية. لكن للولايات المتحدة مصالح في العديد من الأفعال التراكمية التي تقوم بها سورية من النوع الذي ذكر للتو. ويجب أن يتم توفير تعاون أو حوافز تراكمية محددة بعناية. على الولايات المتحدة كما على سورية تقديم اعتراضاتها على سلوك الدولة الأخرى وسياستها بشكل واضح. وعلى الولايات المتحدة أيضاً أن تكف عن "شيطنة" سورية وعليها أن توضح أن ليس لديها مصلحة في تغيير النظام بمعنى محاولة فرض حكومة جديدة على سورية.
إن تجربة مثل تجربة العراق هي آخر ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة في إطار بدع المحافظين الجدد القائم على تجاهل مخاطر التغيير العنيف والديمقراطية الفورية. هناك أيضاً العديد من الجوانب العملية في العلاقات السورية – الأمريكية. والتي يجب أن يجري فيها تحسين بما يخدم مصالح البلدين. إن إتاحة الصادرات من المواد والخدمات الطبية، وإتاحة سمات الدخول (إلى الولايات المتحدة) بشكل شرعي، وغيرها من الممارسات ذات المستوى المنخفض قد تفيد الشعب السوري ومصالح الولايات المتحدة في سورية. هذه كلها مجالات حيث يمكن لمراجعة دقيقة فيها أن تحسن الوضع الحالي. كما أن مراجعة تفاصيل قانون محاسبة سورية بدقة وغيرها من الإجراءات الأمريكية لمعرفة كيف يمكن للولايات المتحدة تشجع الإصلاح الاقتصادي والتحديث بوسائل فعالة هي مساحة أخرى للتقدم. كما أن التعاون الاختياري في مكافحة الإرهاب والاستخبارات، مع أمن محكم لمنع الإحراج لأي طرف، لا يزال واحداً من مجالات المصلحة المشتركة الني يمكن أن تقود لتحسين في العلاقات.
أنطوني كوردسمان ترجمة مركز الشرق - خاص سيريانيوز |
||
سورية 2007-08-01 13:44:28
كوردسمان يصل الى النهايات المحتملة
أعتقد أنه ليس للسيد كوردسمان الحق في إصدار كل تلك التعليقات و الاقتراحات لسورية و إن كان فلينظر بنفس المنظور الذي يتحدث عنه إلى أمريكاليكن لديه تلك المصداقية التي يتحدث عنها وبالنسبة لالحتلال السوري للبنان فهي كلمة ملغمة يقصد بها الكثير,وفي العراق فإن الكرة في ملعب الأمريكيين, و اما الاقتصاد السوري فإن أمر داخلي بحت وليس لأمريكا أو غيرها التدخل بها. -syria
|
||
copy rights ©
syria-news 2010 |