2007-12-07 03:54:56 | ||
هل الولايات المتحدة مستعدة لمحادثات سلام مع سوريا؟ |
||
ما زال الوقت مبكرا لدراسة نتائج مؤتمر الشرق الأوسط للسلام الأسبوع الفائت والذي كانت الغاية منه السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن بعد انقضاء هذا المؤتمر, قد يفيد وجود أمريكا في المنطقة في إحلال الاستقرار وحل الأزمة السياسية في لبنان والإضعاف من الأثر الإيراني. وقد تسلق العماد ميشيل سليمان, وهو المرشح الذي تفضله سوريا, أعمدة الصحافة كلها واحتل العناوين الرئيسة لمقالات نهاية الأسبوع الفائت. وبعد المؤتمر بيوم واحد توقفت المعارضة اللبنانية المدعومة من قبل الولايات المتحدة عن معارضة العماد سليمان. ويتوقع تصويت المجلس النيابي له يوم الجمعة.
ويعزو بعض المحللين هذا التغيير في اتجاه المعارضة إلى وجود إشارات من الولايات المتحدة رغبة منها بإعادة صفاء العلاقات مع سوريا. فيقولون أن واشنطن تريد أن تستميل من اعتبرته دوما زميلا لإيران ينفذ مصالحها في المنطقة بالإضافة إلى تهريبها للأسلحة إلى الدول والجماعات المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل في لبنان والعراق.
يقول ستيفن هدلي , مستشار الأمن القومي مخاطباً طلابه في معهد جون هوبكنز للدراسات الدولية: "هنالك روح جديدة في الشرق الأوسط , فرصة حقيقية للسلام. هل ستهمش سوريا أم أنها ستتخلى عن دعمها للإرهاب؟ وهل ستمتنع عن تدخلها في الشؤون اللبنانية وتدعم الحكومة العراقية وتسعى نحو السلام بشكل جدي؟"
ويقول سياسيون في بيروت أن ترشيح سليمان, وهو قائد الجيش, والذي تسلم منصبه عام 1998, يدل على تغيير واسنطن من مواقفها اتجاه سوريا. في هذا الوقت يقول حلفاء واشنطن ومعارضو سوريا أنهم يخسرون دعم واشنطن التي بتغييرها هذه تخفف من الجمود السياسي في لبنان الذي بات دون رئيس بعد أن غادر لحود مكتبه في 23 تشرين الثاني وفشل أعشاء المجلس النيابي بانتخاب مرشح آخر.
ويقول غطاس خوري العضو في تجمع 14 آذار المعادي لسوريا والذي يضم أغلبية نيابية قليلة: "لا نقول أنهم تخلوا عنا, بل هم قاموا بإعادة تنظيم لأولوياتهم بعد أنابولس." ويضيف: "يرغب الأمريكيون بعقد سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهذا يعني عقد محادثات مع سوريا." وكتلة 14 آذار التي كانت قد دعت إلى مظاهرة كبيرة أدت إلى إخراج سوريا من لبنان, صرحت الأسبوع الماضي عن تغييرها لمعارضة سليمان المقرب من حزب الله الشيعي. وجاء هذا الإعلان بعد يوم واحد من عقد أنابولس مما أثار الشك حول وجود صفقة عقدت في ميريلند بين أمريكا وسوريا لحل الأزمة السياسية حول الرئاسة. إلا أن اقتراح سليمان كان قد تم قبل أسبوع حسبما ورد عن 14 آذار, أي حتى قبل أن تذهب سوريا إلى أنابولس. لكنهم قالوا أن تخفيف واشنطن لحملتها ضد سوريا أدى إلى ضعف في دعمها لهم.
وقال دبلوماسي غربي في بيروت: "يبدو أن قادة 14 آذار يرون الخيارات المتاحة أماهم على أنها صعبة, وذلك في ظل الرأي العام وحاجتهم إلى ملء الفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن." لكنه يضيف أن إدارة بوش "باعت" مخاوفهم بغية التقرب من سوريا إذ "يقنع االلبنانيون أنفسهم ويحاربون مخاوفهم غير الموجودة ." ورغم حضور سوريا لأنابولس فهنالك من يؤكد ضعف فرصة تجديد الحوار بين سوريا وواشنطن. ويصرون على أن سوريا لا تزال بحاجة الى تغيير بعض السلوكيات التي تقوم بها. إلا أنه ومن جهة أخرى هناك من يخمن وجود صفقة مع سوريا التي مقتتها حكومة بوش واتهمتها بدعم الإرهاب ثم قامت بدعوتها إلى مؤتمر أقامته بنفسها. ومن جهة أخرى, بدأت موسكو بالتلميح لعقد تتمة لأنابولس مطلع العام القادم مع التركيز فيها على السلام بين سوريا وإسرائيل. ويقول بعض الخبراء والسياسيون الأمريكان أن تغير لهجة الخطاب قد يعني توصل سوريا وإسرائيل إلى اتفاق حول مرتفعات الجولان. كما أنهم يتحدثون عن اتفاقية سلام أخرى قد تسبق تلك المتعلقة بالنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. يقول يوشع لاندس الخبير في الشأن السوري في جامعة أوكلاهوما: "هنالك عملية لاستعادة سوريا إلى جانب واشنطن, وسوريا نفسها تقوم بالاستعداد إلى بحث علاقات ودية مع إسرائيل." يقول بعض المحللين أن عقد اتفاقية سلام أخرى لإسرائيل مع سوريا, إضافة إلى مصر والأردن من شأنها تشكيل حافز مهم لإحداث سلام مع الفلسطينيين. إلا أنهم يقولون أن الأمر يتطلب دعما وتفاعلا أكبر وتشجيعا إيجابيا من قبل الولايات المتحدة والذي بدأ يتضح الآن في هذه الأوقات.
ويقول باترك لانغ, وهو خبير سابق في شؤون الشرق الأوسط بوكالة الإستخبارات العسكرية: "إنها فكرة جيدة لتشجيع سوريا وإسرائيل وتمهيد الطريق أمامهما للتقدم بسرعة من أجل الوصول إلى صفقة واتفاق؛ وهذا ما من شأنه الإعداد إلى السلام الرئيسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين." ويضيف قائلا أن الولايات المتحدة ستلعب "دورا نشيطا" على الصعيد السوري-الإسرائيلي. "فنحن سنخسر فرصة كبيرة هي أنابولس مالم نقم بهذا الدور."
إلا أن بعض المحللين يقولون أنه قضية الجولان ليست من ضمن أولويات الولايات المتحدة في حوارها مع دمشق. حيث أن من دوافع واشنطن أن تقوم بإيجاد تعاون مع دمشق على المسار الفلسطيني-الإسرائيلي إضافة إلى رغبتها بحل علاقة سوريا الوثيقة بإيران. فسوريا وإيران حليفتان منذ العام 1980, إلا أن علاقتهما نمت بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين نتيجة لتعرض كلا البلدين إلى عزلة مفروضة وضغوط من قبل المجتمع الدولي. يقول أندرو تبلر محرر سوريا اليوم ومقرها دمشق: "من غير المحتمل أبداً أن تفصل الولايات المتحدة سوريا عن إيران، وذلك لأن سوريا تبقي على توازن علاقاتها وقوتها مع جيرانها من دول وقوى, ولا أتوقع منها وضع كل البيض في سلة واحدة." ويقول أيضا: "قد يكون عمل أمريكا في برنامج لإصلاح الاقتصاد السوري الذي يحتضر هو الوصلة الوحيدة في العلاقات السورية-الإيرانية." ويقول: "يواجه السوريون أزمة مالية بسبب ضعف الإيرادات النفطية, وإحدى المشاكل الكبرى الأخرى التي تواجهها هي الفساد وانخفاض الإنتاجية." ويضيف "للولايات المتحدة الخبرة الكبيرة التي يمكن لها أن تقدمها لسوريا. وهذا شأن محلي لا أظن قدرة إيران على المساعدة فيه."
بقلم نيكلس بلانفرد - كاتب في هاورد لافرانتشي أكسس نيوز ترجمة طريف الحوري - سيريانيوز |
||
copy rights ©
syria-news 2010 |