29 مليون سيارة سيكون فائض الانتاج العالمي في العام 2009 وهو يشكل 30% من طاقة الانتاج العالمية ، ببساطة سيكون هناك زيادة كبيرة في العرض في مقابل انخفاض الطلب ، فكيف سينعكس هذا على سوقنا المحلية؟

بدأت الحكومات حول العالم تضخ مليارات الدولارات "قشة" في بحر الازمة التي يعاني منها قطاع صناعة السيارات الغريق خطر الافلاس ، ربما قبل ظهور تبعات ازمة الرهون العقارية التي ادخلت العالم في "الركود الاقتصادي".

وبعد لندن وفي صحف الولايات المتحدة الاميركية نشر قبل ايام اعلان يقول اشتري سيارة واحصل على الثانية مجانا ؟! ،  لما لا والتوقعات تشير الى انهيار تام في مبيعات السيارات العالمية في العام 2009 ، ويرى بعض المحللين بحسب ما نقلت مجلة النيوزويك في عددها الاخير بان المبيعات ستنخفض بنسبة 30% اضافة الى الهبوط المسجل هذه السنة.

بالتأكيد ستبدأ ادارات التسويق في مصانع السيارات بتقديم العروض السخية للخلاص من الفائض وتأمين السيولة والحفاظ على حجم اعمال يحصن تلك المصانع من الافلاس.

في اسواقنا المحلية بدأت بعض المؤشرات تدلل على امكانية حصول المواطن السوري على بعض المكاسب التي ستكون غالبا لجهة التسهيلات فيما لن يكون هناك انخفاض على اسعار السيارات يذكر.

العروض والتسهيلات ستكون امتداد لخطط التسويق الخاصة بمصانع السيارات الام ، وقد بدأت الاعلانات في الصحف المحلية تشير الى عروض خاصة تنخفض فيها الدفعة الاولى الى 10% لبعض الماركات الاوربية( بعدما كانت 50% ) ، وهناك بعض الماركات ( الاميركية ) تعرض الشراء بدون دفعة اولى بل بدفعات شهرية مؤجلة شهر او شهران.

طبعا الامر ليس بهذه السهولة وما نقرؤه بالاعلانات قد يكون مجرد "جرة رجل" للدخول في متاهة طويلة من الاجراءات ( على العادة السورية ) في بيئة اعمال متحفظة لا تميل الى تحمل اية "مخاطر" ويطلق عليها في اللغة الدارجة بيئة "كعكة بخمسة".

ومع الاسف سياسة "كعكة بخمسة" او "قبيض بقبيض" سياسات تتبعها كثير من المصارف الخاصة (التي تلعب دورا كبير في تقديم التسهيلات لشراء السيارات عندنا ) حيث ان القائمين على المراكز الحساسة او المفاصل في تلك المصارف هم "سوريون" تشربوا هذه الثقافة ومن الصعب ان يتخلوا عنها فما بلك بعد الازمة المالية ( الطويلة العريضة ) التي من شأنها ان تعزز عند هؤلاء اتجاه ( لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات بشعة )،  ولكن قد لا يكون هذا الاتجاه هو الاتجاه الوحيد الذي يمكن التفكير فيه.

فامام تراجع النشاط الاقتصادي وانخفاض حجم التجارة الخارجية وتراجع الاستثمارات وجمود سوق العقارات، سيبدو سوق السيارات سوقاً هامة لتوظيف الفوائض والحصول على عوائد بفوائد معقولة وبترتيبات محددة مدعومة من قبل شركات السيارات العالمية التي بدأت تتلقى المعونات المالية.

ومحليا فان سوق السيارات بقي يحقق نمواً لافتا خلال السنوات الماضية ، فقد بلغ عدد السيارات المستوردة في العام 2007 بحسب بيانات مديرية الجمارك العامة 98942 سيارة بينما كان 36 الف سيارة فقط ، في العام 2004 ، و تسجل في دمشق وريفها في الوقت الحالي اكثر من 400 سيارة يوميا ، وفي حلب حوالي 150 سيارة.

هذه الحركة النشطة يمكن ان تتأثر من خلال المعلومات الواردة يوميا في وسائل الاعلام عن ازمة صناعة السيارات في العالم ، وتدفع السوق المحلية الى نوع من الترقب، شأنها شأن سوق العقارات ، تحت وطأة انتظار انخفاض الاسعار او الحصول على "صفقة" افضل ، ولا بد ان هذا النوع من "الصفقات" قادم لا محالة.

وسيعزز هذا الاتجاه ( الصفقة الافضل ) خلال السنين القادمة ،  بدء ظهور تكنولوجيات جديدة في صناعة السيارات التي تعتمد على مصادر الطاقة الهجينة او الكهربائية (حيث ان المضي في تطوير مثل هذه الصناعات كان غالبا شرطا من شروط الحصول على المساعدات الحكومية ) ، وهذا سيدفع ادارات التسويق في شركات السيارات على مستوى العالم للتخلص من التكنولوجيا القديمة التي ستفقد قيمتها بسرعة في السنوات القليلة القادمة ، واسواق دول العالم الثالث خير مكان لتصريف هذا النوع من البضائع.

كلنا يذكر الحملات الاعلانية المكثفة لحالات مشابهة تم خلالها تسويق تكنولوجيا منسقة في العالم في اسواقنا المحلية ، مثل كاميرات الفيديو "الكاسيت" و شاشات الكمبيوتر العادية ( المدفع ) التي طرحت باسعار وتسهيلات كبيرة ، وقيل ان وكلائها قد اشتروا هذه البضائع ( بالكيلو) وصرفوها باسعار طيبة ، في سوق يرى زبائنه كل ما "يرغي" صابون.. ؟!

وعلى ذات المبدأ فاذا قبلنا بان كل ما يمشي على " اربع دولايب" سيارة ، فمن المؤكد انكم ستجدون المزيد من "الدلال" في اعلانات وكلاء السيارات المحليين في الفترات القادمة ، وعلى الاغلب ستدغدغ الكلمات المنمقة في تلك الرسائل احلامكم وستقدمون على الشراء ، وكل ما في الامر انه من المفيد ان تفكروا قليلا قبل اتخاذ القرار ، بانه في الشهر القادم ربما تحصلون على "صفقة افضل".