شكل التهديد الأمريكي بشن عمل
عسكري في سوريا، هاجساً يومياً للسوريين، وتزيد حدة التصريحات المتصاعدة يومياً
بهذا الخصوص من مخاوفهم التي وصلت إلى "أوجها" بحسب البعض، حتى انعكس ذلك على كافة
نواحي الحياة، وخاصة سوق السلع وسعر الصرف، وقد شكل أيضاً سبباً جديداً لـ"النزوح
خارج البلاد نحو الدول المجاورة".
بدأت التهديدات الأمريكية بشن
عمل عسكري على سوريا، وبدأ السوريون بشكل مواز الاحتياط لها عبر عدة أمور طارئة
وهامة، ما خلق أزمة في بعض النواحي، حيث كان أكثر المشاهد تأزماً، هو عودة "طوابير"
الانتظار على نوافذ الأفران للحصول على الخبز، بالإضافة إلى مشهد جديد لم يعتد عليه
أهالي دمشق سابقاً، وهو "الازدحام على الصيدليات للحصول على الأدوية"، بحسب مشاهدات
لسيريانيوز في بعض صيدليات دمشق وحديث صيادلة.
عودة طوابير
الخبز
وفي استطلاع قامت به "سيريانيوز"
" لبعض المواطنين حول مخاوفهم وأهم المواد التي احتاطوا بها، وماهي الأزمات التي
خلقها" شبح الضربة الأمريكية" كما وصفه البعض، قالوا إن "عدة مخاوف انتشرت بين
الناس حول احتمال تقطع أوصال المدينة، وعدم قدرتهم الحصول على المواد الأساسية
اللازمة بحدها الأدنى، وفي مقدمتها الخبز".
وبدأ مشهد "الطوابير" على
الأفران يعود إلى الواجهة، متزامناً زيادة استغلال تجار الأزمات للوضع، حيث وصل سعر
الربطة إلى 100" ليرة سورية" في السوق السوداء بحسب الشكاوي، إلا أن الخبز لم يكن
المادة الوحيدة التي شهدت أزمة في ظل هذه التهديدات.
ازدحام على
الصيدليات
وبمشهد جديد "لم يألفه
السوريون" خلال الأزمة التي عاشوها منذ حوالي السنتين والنصف، برز إقبال شديد على
شراء الأدوية للاحتياط بها، ما شكل ازدحاماً على بعضها، وعلى هذا قال الصيدلاني
"م.ح" لسيريانيوز إنه "بعد التهديدات الأمريكية الأخيرة شهدنا اقبالاً غير مألوفاً
للأدوية بدأت وتيرته بالإنخفاض تدريجياً، بعد أن احتاطت الأغلبية باحتياجاتها".
وتابع "لا مخاوف من حصول أزمة
دوائية كون الطلب الشديد كان على مواد متوفرة، وهي أدوات الاسعاف الأولية، ومراهم
الحروق وأدوية الالتهاب والكمامات والمسكنات" مشيراً إلى أن "أغلب الصيادلة أبدوا
استعدادهم الاستمرار بالعمل مهما كانت الظروف ولا داعي للذعر".
ومن جهة أخرى، كانت هناك
احتياطات أخرى قام بها السوريون، وبحسب بعض المحال التجارية التي استطلعتها
سيريانيوز، فقد شهدت اقبالاً على شراء المعلبات بكثرة، بالإضافة إلى "بيدونات"
المياه البلاستيكية تحسباً من انقطاع المياه، والشموع والكبريت و"الولاعات" تحسباً
من انقطاعات طولية للتيار الكهربائي، بالإضافة إلى علب السجائر.
تطمينات رسمية
الإحتياطات السابقة التي قام
بها المواطنون" لم تخلق نقصاً بالمواد" بحسب أصحاب المحال والصيادلة، ولم تهدد حتى
بانقطاعها، إلا أن مخاوف البعض من حصول أزمة في الحصول على" الخبز" كمادة أساسية
للعيش، دفعت الجهات الرسيمة لطمأنت المواطنين بهاذ الخصوص، وبحسب وزير التجارة
الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين فإن "لأقماح متوافرة بنسبة جيدة في
المستودعات وهناك كميات كبيرة أيضاً في محافظة الحسكة ونقوم باستجرارها أول بأول،
وقد قمنا بإبرام العديد من العقود لتوريد الطحين، واليوم هناك مئات الشاحنات
المحملة بالطحين تنتظر دورها بالتفريغ كي تعود لإحضار الكميات الأخرى، ونؤكد أن هذه
العقود تتضمن كميات كبيرة وعلى المدى البعيد ونوعية طحين جيدة قادمة من دول صديقة".
وأشار قاضي أمين إلى أنه "هناك
مباشرة بتنفيذ عقد توريد 200 ألف طن طحين اعتباراً من الاسبوع الماضي، حيث وصلت
الدفعة الأولى منه وكميتها 16 ألف طن".
ووجد قاضي أمين بالازدحام
الحاصل على الأفران أنه "غير مبرر وناجم عن زيادة طلب المواطنين على المادة بكميات
تفوق استهلاكهم اليومي"، ليعود مرة أخرى ويؤكد بأن "نسبة 60% من الواقفين لشراء
الخبز هم من بائعيه بأسعار مضاعفة".
وحول توفر الأدوية، أكدت مديرة
الأمراض السارية والمعدية في "وزارة الصحة" كناز الشيخ، أن هناك وفرة في الأدوية
ويوجد احتياطي استراتيجي، ويشمل ذلك أدوية الأمراض السارية والمزمنة والعادية ولا
تعاني المناطق الصحية والمراكز التخصصية ومراكز الإيواء، من أي نقص".
"الشبح
الأمريكي" يرفع الدولار مع الاسعار
ومن أولى الأمور التي تأزمت مع
تصاعد حدة وتيرة التهديدات بالاعتداء الأمريكي على البلاد، كان سعر صرف الدولار
الأمريكي، حيث شهد سعره في السوق السوداء ارتفاعاً تدريجياً يومياً منذ نهاية
الأسبوع ما قبل الماضي، حتى سجل الأسبوع الماضي أكثر من 240 ليرة سورية للشراء،
وسجلت بعض الأيام امتناعاً من قبل صرافي السوق السوداء عن البيع، والاكتفاء بالشراء
من المواطنين بأسعار مرتفعة وصلت إلى 210- 215.
ومازال سعر الدولار الأمريكي في
السوق السوداء، يتأرجح بين الاستقرار والارتفاع، رغم تدخلات المصرف المركزي لمحاولة
الحد من تفاقم سعره، وبرزت مخاوف أخيرة "من ارتفاعه بشكل جنوني ان احتدت التهديدات
الأمريكية بشن عمل عسكري في سوريا أكثر من ذلك".
ارتفاع سعر صرف الدولار
الأمريكي في السوق السوداء، أثر سلباً على أسعار السلع في السوق، ما أدى إلى
ارتفاعها بعدما شهدت انخفاضاً طفيفاً في الفترة السابقة نتيجة استقرار سعر الصرف
تحت 200 ليرة سورية، عدا عن استغلال بعض التجار "بحسب مواطنين" الإقبال الشديد على
بعض السلع.
وبلغت نسبة ارتفاع الأسعار أكثر
من 100%، على حين بلغت نسبة ارتفاع بعضها الأخر أكثر من 200%، وذلك من خلال مقارنة
بسيطة بين أسعار السلع الرائجة حالياً، مع مثيلاتها التي رصدتها وزارة التجارة
الداخلية وحماية المستهلك مطلع العام الحالي، لبعض المواد الأساسية في الأسواق
السورية.
مهددون بالنزوح
وشكل التهديد الأمريكي، سبباً
جديداً وضغطاً آخراً دفع بعض الأسر مضطرة، للهرب إلى الدول المجاورة ومنها لبنان،
وعلى الرغم من تأكيدات المعنين في لبنان بان أعداد الوافدين من سوريا إلى لبنان لم
يشهد ارتفاعاً كثيفاً عن ماكان عليه سابقاً، وأنه منتظم منذ فترة، إلا أنه ووفقاً
لهيئة الإذاعة البريطانية "BBC" فإن "الفارق منذ تصاعد
الحديث عن ضربة عسكرية هو ان العدد الذي يعود يوميا الى سوريا قد تراجع في الايام
القليلة الماضية".
ويسجل يومياً عبور ما بين عشرة
الى خمسة عشر الف شخص بين نازح وعامل وعابر الى مطار بيروت من سوريا، وغالبا ما
يسجل نفس العدد من السوريين الذين يعبرون عائدين إلى بلادهم.
وأكدت مصادر من الأمن العام
اللبناني أنه "لم يتم تسجيل أي حركة عبور استثنائية بين سوريا ولبنان"، مشيراً إلى
أن "احتمالات النزوح ممكنة في حال حصول الضربة الأمريكية على سوريا".
ويأتي ذلك في وقت يبدأ فيه الكونغرس الأميركي دراسة
تفويض يسمح للرئيس الأميركي باراك أوباما استخدام القوة العسكرية في سوريا، لنطاق
ضيق ولمدة محدودة، ودون تدخل عسكري، وذلك إثر اتهام السلطات بالمسؤولية على "الهجوم
الكيماوي" على ريف دمشق الشهر الماضي، والذي أودى بحياة المئات.
ونفت السلطات السورية، مرارا، مسؤوليتها عن استخدام
الكيماوي في النزاع الدائر في البلاد، كما حملت مقاتلي المعارضة المسؤولية عن
استخدام ذلك السلاح، مطالبة بتحقيق دولي في ذلك الشأن.
سيريانيوز