اضطر
معظم السوريين هذه الأيام، وبخاصة مع قدوم فصل الشتاء البارد، إلى استخدام الحطب
كوسيلة ربما تكون وحيدة للتدفئة، في ظل انقطاعات التيار الكهربائي الطويلة، وكذلك
غلاء المازوت، إضافة إلى ارتفاع أسعار مادة الغاز وعدم توفرها، وسط مخاوف من تزايد
التعدي على الأشجار المثمرة منها والحراجية.
وأضحت "ظاهرة التحطيب" منتشرة،
لا بل متفشية في كثير من المناطق لاسيما الريفية، حيث يعمل كل رب أسرة على تأمين
كميات من الأخشاب اللازمة لفصل الشتاء، عبر جمع الحطب والأعشاب اليابسة.
ولجأ الكثيرون إلى "التحطيب"،
بسبب الوضع الراهن للمشتقات النفطية (غاز مازوت)، والكهرباء، التي كانت هي الركن
الأساسي في عملية التدفئة في البلاد.
يقول أبو سعيد، مزارع، إن
"الهجوم على التحطيب يثير تخوفا كبيرا من فقدان أعداد كبيرة من الأشجار"، مضيفا أن
"أراض بأكملها في منطقته تعرضت لتحطيب جائر".
وتكمن الخطورة في التوجه لقطع
أشجار مثمرة وأهمها (الزيتون)، وكذلك التعدي على الثروة الحراجية (السرو والصنوبر
وغيرها)، كما لجأ فلاحون إلى التقليم الجائر للأشجار المثمرة، بغرض جمع أكبر كمية
من الحطب لزوم التدفئة.
ويضيف، توفيق، ويعمل موظفا
حكوميا، أن "إقبال المواطنين وبخاصة النازحين من مناطق أخرى بفعل الأزمة على قطع
الأشجار يتزايد من عام لآخر مع ارتفاع أسعار المازوت وندرة الكهرباء في كثير من
المناطق".
وانتعشت تجارة "حطب التدفئة"
خلال الأزمة التي تعيشها البلاد، وأضحت منتشرة بشكل كبير، إذا تشهد غابات الساحل
والمنطقة الجنوبية والوسطى عمليات تحطيب واسعة.
فيما تسائل، رشيد، عامل، عن
"غياب الجهات المعنية بالثروة الشجرية والبلديات عن القيام بإجراءات لتنظيم التحطيب
وعدم الإضرار بالثروة الشجرية إن كانت المثمرة أو الحراجية".
وتتنوع مصادر الحطب في الأسواق،
بدءا من خشب الزيتون والتوت إلى المشمش والسرو والصنوبر والحمضيات.
ويشكو، رائف، وهو نازح مع أسرته
من شمال البلاد، من "عدم وجود وسيلة للتدفئة وطهي الطعام في منزله المستأجر سوى حرق
الأخشاب"، لافتا إلى أن "توفير الحطب يبقى أسهل بكثير من الحصول على أي من مادتي
الغاز أو المازوت".
ورفعت الحكومة مؤخرا أسعار مادة
المازوت لتصل إلى 80 ليرة لليتر الواحد، كما وصل سعر اسطوانة الغاز المنزلي إلى
1100 ليرة، في ظل عدم توافر المادتين وارتفاع أسعارهما في السوق السوداء نحو 50 إلى
100%.
وبالتوازي مع ازدرها سوق
"الحطب" في البلاد، انتعشت صناعة وتجارة مدافئ الحطب وارتفعت أسعارها بشكل كبير،
فيما يكتفي من لا قدرة له على شراء مدفئة تعمل على الحطب إلى أوعية معدنية لحرق
الحطب بداخلها.
كما عملت بعض الورش الصناعية
الصغيرة على تحويل المدافئ العادية العاملة على المازوت لأخرى تعمل على الحطب،
وكذلك استبدال السخان الكهربائي في الحمامات بمدافئ حطبية لتسحين المياه.
ويتراوح سعر الطن الواحد من حطب
التدفئة هذه الأيام، بين الـ 25 ألف و45 ألف ليرة سورية، وذلك بحسب نوع الأشجار
وكذلك جفافها ورطوبتها.
لا يوحد إحصائيات أو أرقام
رسمية أو شبه رسمية ترصد حجم ظاهرة "التحطيب الجائر"، إلا أن التقارير الواردة تشير
إلى اتساعها بشكل كبير، ومع غياب الدور الحكومي إن كان لجهة الرقابة على التحطيب
الجائر أو إمكانية توفير البدائل بأسعار معقولة يرى كثيرون أن اللجوء إلى التحطيب
مبرر لدرء برد الشتاء كونه الخيار المتوفر إلى الآن.
سيريانيوز