الاثاث وعلب
الكرتون والبلاستيك باتت اليوم مصادر طاقة في سوريا
لم تقتصر معاناة السوريين على
سكان المخيمات خارج الحدود والمناطق المحاصرة ، فالكثير من الاحياء في المدن
الرئيسية عاش سكانها المعاناة من البرد القارص في مواجهة اسوء شتاء يمر على المنطقة
منذ سنوات.
حيث تشهد المنطقة منذ نحو اسبوع عاصفة ثلجية شديدة البرودة ادت
الى تساقط كميات كبيرة من الثلوج تجاوزت في بعض المناطق 200 سم, فيما نخفضت درجات
الحرارة بنحو 9 درجات دون المعدل لتصل في بعض المناطق الى 8 تحت الصفر.
الجهات الرسمية لم تؤمن مخصصات الشتاء
في هذه الظروف الجوية السيئة والوضع المعاشي المتدني للمواطن
السوري بسبب امتداد امد الحرب ، لم تقم الجهات الرسمية بتوزيع 400 لتر من مادة
المازوت التي اعتادت ان توزعها كل شتاء في كثير من المناطق، ومناطق اخرى تم توزيع
كميات قليلة تراوحت بين 50 و100 لتر، كما ان مادة الغاز المنزلي غير متوفرة ويتم
توزيع عبوة واحدة فقط شهريا, وهي غير كافية للاحتياجات المنزلية, فضلا عن انقطاع
التيار الكهربائي لساعات طويلة, يحرم المواطنين من الاستفادة منه في التدفئة.
وتعليقا على النقص الحاد في وسائل التدفئة، يقول أحد الأشخاص
عبر صفحات التواصل الاجتماعي، "عم نشم المازوت شم وعم نلمح الكهربا لمح.. اما الغاز
فحدث ولا حرج جرة الغاز عروس".
وشهدت البلاد ازمات متواصلة في
تامين حوامل الطاقة كالمازوت والبنزين والغاز المنزلي جراء الاحداث التي تشهدها
البلاد والعقوبات المفروضة عليها, كما عمدت الحكومة الى مضاعفة اسعارها عدة مرات
ليصل سعر لتر المازوت الى 80 ليرة للتدفئة والنقل و140 ليرة للقطاعات الاخرى
والبنزين الى 135 ليرة واسطوانة الغاز المنزلي الى 1100 ليرة.
المحروقات
متوفرة في السوق السوداء باسعار عالية.. والفقير هو الضحية
على الرغم من نقص في المحروقات,
الا انه يمكن الحصول على تلك المواد باسعار مرتفعة في السوق السوداء حيث يترواح سعر
المازوت فيها ما بين 200 الى 250 ليرة في الاحوال العادية, وارتفع سعر الليتر في
العاصفة الى 350 ليرة جراء زيادة الطلب عليه, كما يمكن الحصول على الغاز المنزلي
بدءا من 2500 ليرة وما فوق, وهذا جعل من شبه المستحيل ان يقوم المواطن العادي
بتامين هذه المواد للتدفئة".
وقال
محمد, موظف حكومي, لسيريانيوز "انا غير قادر على شراء المازوت من السوق السوداء
لارتفاع اسعارها الكبير, خاصة مع تدني مستويات المعيشة... وانا بالكاد استطيع تامين
اساسيات الطعام والشراب لاسرتي...", مضيفا ان "القدرة الشرائية للعاملين في الدولة
وسواها اصبحت ضعيفة... الله يعين الفقير".
وكان تقرير صدر عن اللجنة
الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا (الاسكوا) في ايلول الماضي اشار الى نسبة السكان
في سورية الذين يعيشون تحت خط الفقر شهدت ارتفاعا كبيرا من 18 في المئة في 2010
لتصل في عام 2015 الى حوالي 90 في المئة من السوريين في حال استمرت الازمة.
اللجوء إلى علب الكرتون والبلاستيك
والثياب القديمة للتدفئة بدائل للسوريين
مع نقص مواد التدفئة, لجأ العديد من المواطنين الى التكيف مع
هذا الأمر, من خلال اعتماد على بدائل يمكن أن تكون مضرة
بالصحة, منها حرق العبوات البلاستيكية والكرتونية والثياب القديمة والاثاث
المتهالك, ومنهم من قام بالتحطيب بشكل مخالف لكي يقي أسرته برد الشتاء.
وقال علاء وهو رب لأسرة مكونة
من 3 أطفال وأمهم، لم أستطيع تأمين مادة المازوت بسبب ارتفاع سعرها، كما أنني لم
أستطع شراء الحطب الذي وصل سعر الطن الواحد منه في بداية الشتاء إلى 25 ألف ليرة،
في وقت تزيد ساعات تقنين الكهرباء على 12 ساعة، لذلك لجأت كما العديد العائلات إلى
جمع بعض علب الكرتون والبلاستيك وبقايا القمامة والثياب القديمة لاستخدامها في
إشعال مدافئ بسيطة علها تقي أجساد أطفالنا ذلك البرد.
من جهته، قال حسام ان الكثير من
ابناء منطقته يقومون بالتحطيب من الحرش المجاور لقريتهم ليقوا برد الشتاء، وان
هناك تعد على هذه الثروة منذ بدء الأزمة، بسبب تراجع متابعة الجهات الرسمية لهذا
الموضوع، ولعدم توفر المازوت والغاز للتدفئة.
المدافىء تتحول
إلى ديكور.. وحال السوريين في الداخل ليس بافضل من اللاجئين
وهكذا تحولت المدافئ في الكثير
من بيوت السوريين الى قطع ديكور لا اكثر، حيث تقول تغريد، طالبة جامعية, إن
"المدفأة في زاوية المنزل باتت قطعة ديكور تغطي فراغاً لا أكثر، لم تعد للاشتعال في
أيام الشتاء القاسية، وخزان المنزل لم "يذق طعم المازوت" منذ سنتين فأعوض ذلك
بارتداء 3 أو 4 معاطف ليلاً، وأحياناً تتحوّل قدماي لقطع جليدية، فترتدي حذاءها عند
النوم كما أخوتها".
من جهته, قال احد المواطنين على
صفحته على موقع التواصل الاجتماعي, ان وضع السوريين في الداخل جراء العاصفة التي
شهدتها البلاد، كحال اللاجئين في الدول المجاورة سوا انهم يعيشون في منازلهم....،
وعلى رغم فرحة الاولاد باللعب على الثلج كان الهم يثقل اهلهم بتامين الدفء
لهم......".
وعانى اللاجئون في دول الجوار
والمواطنون في المناطق الساخنة من العاصفة بشكل كبير حيث قضى العديد من الاشخاص
معظمهم من الاطفال جراء الظروف المعيشة المزرية التي يعيشونها.
بامتداد عمر الازمة التي مر
عليها اربع سنوات يزداد عجز الحكومة عن تامين المستلزمات الاساسية لمعيشة المواطن
السوري الذي تنخفض قدرته الشرائية مع انخفاض قيمة العملة المحلية باستمرار ، وهذا
يبقي سؤالا واحدا مفزعا في بال معظم السوريين .. "ماذا عن العام القادم" ؟
ع ج
سيريانيوز