خلافات
الأطراف تهيمن على الساحة.. عمل "غير منسق" وأنباء عن "عرقلة مقصودة"
علمت سيريانيوز من مصادر
فلسطينية في لجنة المصالحة الشعبية، التابعة لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بأن
"اتفاقاً قريباً من المتوقع توقيعه يوم الخميس أو بداية الاسبوع القادم على ابعد
تقدير، يقضي باخلاء المخيم من المسلحين، وبدء ترتيبات عودة الاهالي اليه".
وأكدت المصادر بأن "جميع
الفصائل المسلحة في المخيم قبلت ببنود الاتفاق قبل اسبوع تقريباً، إلا أن جبهة
النصرة رفضت ذلك، وكانت المعرقل الوحيد، لكن وبعد جهود حثيثة بين الوسطاء، قبلت
الأخيرة، على أن يتم توقيع الاتفاق يوم الخميس".
سيريانيوز استطلعت آراء بعض
سكان المخيم، حيث استبعد هؤلاء نجاح اي اتفاق قريب، لافتين الى أن موضوع المخيم "له
بعد دولي واقليمي، ان لم تتفق الاطراف المستفيدة عربياً واقليمياً على انهاء
الازمة".
وبعد حوالي العامين من الحصار
المطبق على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق، لم تثمر أي محاولة سلمية أو
عسكرية لحل الأزمة التي راح ضحيتها أكثر من 172 شخصاً، غالبيتهم من كبار السن
والأطفال، نتيجة الجوع وفقدان الأدوية والبرد.
ولم تنجح التظاهرات السلمية ولا
المساعي الدبلوماسية التي قامت بها منظمة التحرير
الفلسطينية، واللجان الشعبية المستقلة، بطرد المسلحين من
فصائل مختلفة أو حتى فك الحصار المستمر حتى اليوم والذي أدى إلى انقطاع الطعام
والكهرباء والمياه وتفاقم ازدراء الوضع المعيشي، بعد حوالي العامين من بدء الأزمة
هناك.
الحل العسكري
غير مجدي ومستبعد
ورغم عدم نجاح المساعي السلمية
من مبادرات رسمية لمنظمة التحرير ومبادرات غير رسمية، إضافة إلى فشل الاسلوب
العسكري الذي بدأته الجبهة الشعبية - القيادة العامة المتمركزة حتى اليوم عند مدخل
المخيم، إلا أن طرح مبادرات جديدة للحل لم يتوقف بعد، والتفاوض مع المسلحين في
الداخل مازال مستمراً علهم يقبلون الخروج منه بسلمية تامة، وعودة الاهالي اليه
مجدداً.
ربما الحل العسكري، بات من
الأمور المستبعدة جداً لحل أزمة المخيم، وخاصة بعد نفي الحكومة السورية ذلك بطريقة
غير مباشرة مراراً إضافة إلى دعمها لحلول المصالحات الشعبية على مستوى سورية، إضافة
لنفي فصائل منظمة التحرير رغبتهم بذلك، بعد انتشار اخبار مؤخراً، حول نية تشكيل
لواء مقاتل من فصائل المنظمة للحل العسكري، مانفته مصادر من المنظمة
لـ"سيريانيوز".
الجبهة الشعبية القيادة العامة،
ومنذ حوالي العامين لازمة المخيم، ونزولها إلى الأرض عسكرياً، لم تستطع تحقيق
الغايات المطلوبة، فالمسلحون مازالوا في الداخل، والقيادة العامة لم تتقدم أكثر من
500 متراً داخل المخيم فقط، والدخول والخروج من المنطقة مازال محظوراً.
مبادرة جديدة
و"النصرة" المعرقل الوحيد
مؤخراً، لاحت في الأفق معالم
مبادرة جديدة لم تتضح معالمها بعد، إلا أن اوساط مطلعة على ملف المصالحة والذي
تشارك فيه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً بالتنسيق مع الحكومة السورية،
أكدت لـ"سيريانيوز" بأنه "هناك قبول من جميع الجماعات المسلحة بالداخل للمصالحة،
إلا جبهة النصرة التي مازالت مصرة على البقاء"، لاسباب فسرها أحد القاطنين داخل
المخيم بأن "عناصرها يعملون حالياً بتجارة المواد الغذائية والدخان، مايعود اليهم
بأموال طائلة شهرياً، وعودة المخيم لأهله يعني فقدانهم لهذه الأموال".
واكد مسؤول فرع سورية
للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – جورج حبش، وعضو في لجنة المصالحة التابعة لمنظمة
التحرير عمر مراد، في تصريحات صحفية" إن "تدخل الجيش السوري خيار مستبعد على المدى
البعيد" مشيراً إلى وجود حراك لتطبيق موضوع المصالحة من جديد بقوله "هناك تطورات
سوف تظهر نتائجها في الايام القليلة القادمة، فقد أرسلنا شاباً إلى داخل المخيم
بجولة استكشافية بعد الانقطاعات التي حدثت مؤخراَ بهذا الصدد".
الأجواء
"مريحة" في المخيم
وأكد مراد أن "الاجواء مريحة
داخل المخيم وإننا نقوم بدارسة المشكلات المتعلقة مع جبهة النصرة التي ترفض الحل
حتى اليوم، وأما بقية الفصائل المسلحة فهي متمسكة بالمصالحة، إلا أن النتائج لن
تظهر حالياً وتحتاج لبعض الوقت".
وتجري اشتباكات متقطعة بين
"جبهة النصرة" و"أكناف بيت المقدس" وغيرها من الجماعات المسلحة في المخيم بين الحين
والآخر، في اشارة إلى وجود خلاف واضح بينهم.
وعن أحوال المخيم المعيشية من
الداخل، أضاف مراد "هناك تطورات ايجابية داخل المخيم على جميع الأصعدة وخصوصاً على
الصعيد الاغاثي، فقد تم تمديد فترة توزيع المساعدات الاغاثية التي بدأت الاسبوع
الماضي إلى يوم السبت من الاسبوع الحالي، لتعود العملية بعد ذلك إلى طبيعتها أي
ثلاث أيام بالاسبوع - خميس ، جمعة ، سبت" منوها إلى أنه يتم توزيع المعونات من
خلال منظمة الانوروا وجمعية نور بالتنسيق مع الحكومة السورية.
ونفت مصادر متقاطعة، وجود خطر
لمجاعة داخل المخيم نتيجة استمرار دخول المعونات الاغاثية، مؤكدين ان الوضع أفضل من
السابق بـ"كثير".
وأشار مراد إلى أن "الوضع
المعيشي داخل المخيم بات يتحسن، حيث انخفضت اسعار المواد الغذائية نوعا ما حيث بات
سعر كيلو السكر 3000 الاف ليرة سورية بعد أن وصل إلى 10 آلاف مؤخراً".
مبادرات غير
رسمية دون تنسيق!
وفي شباط الماضي، أكد رئيس لجنة
المصالحة الفلسطينية المنفصلة عن منظمة التحرير والتي تعمل بشكل مستقل عن المبادرات
الرسمية، الشيخ محمد العمري إن "لجنة المصالحة تسعى بالتعاون مع جهات عدة لطرح
مبادرة جديدة تأخذ الطابع الدولي وليس المحلي لإنهاء أزمة مخيم اليرموك المحاصر عبر
الضغط على الجهات الداعمة للجماعات المسلحة" مستبعداً أي تدخل عسكري في المخيم.
وتابع: نسعى الآن لطرح مبادرة جديدة على الأرض على أن تأخذ
الطابع "الدولي" بدلاً من الطابع المحلي، كما أننا في الملتقى الشعبي نسعى لتشكيل
قوة ضاغطة على كل الفصائل الفلسطينية من أجل التوصل الى حل يُنهي أزمة اليرموك بشكل
جذري، وهناك تعاون بيننا وبين اللجنة المركزية للمصالحات الشعبية ووزارة المصالحة
الوطنية برئاسة الوزير علي حيدر.
هذه المبادرة التي لاتعلم بها
منظمة التحرير الفلسطينية بحسب ما أكدته مصادر خاصة سيريانيوز، قال عنها مراد بانها
"غير موجودة ولم يتم العمل عليها بشكل رسمي بالتنسيق مع المنظمة".
ومن خلال حديث العمري، ونفي
منظمة التحرير علمها بأي حراك تقوم به لجنة المصالحة الفلسطينية المستقلة عنها،
تبين وجود خلاف جوهري بين الطرفين، ووجود عمل غير منسق، ماقد يعيق التوصل إلى حل
مشترك.
اتهامات لاذعة
للفصائل وخلاف "جوهري"
وتجلى الخلاف واضحاً، في اتصال
"سيريانيوز" مع أحد المطلعين والمشاركين في اللجنة غير الرسمية التي يقودها العمري،
حيث بدأ المصدر في حديثه بالهجوم على الفصائل الفلسطينية الـ14 متهماً اياهم
بعرقلة الحلول "لغايات دنيئة" على حد تعبيره.
وادعى المصدر، بأن "اللجنة قدمت
منذ 15 يوماً مبادرة جديدة تسعى لالزام عناصر مسلحة من الفصائل الفلسطينية الـ14
بحماية المخيم" مشيراً إلى أن "المبادرة السابقة والتي كانت ستأخذ منحى دولي،
باشراك الاونروا والضغط على الدول الداعمة للمسلحين، مازالت قائمة لكنها تتعرض
للعرقلة".
واتهم المصدر الفصائل
الفلسطينية بتعطيل مبادرة سابقة لتقديم قوة عسكرية منهم تنتشر في المخيم، حيث
اختلفت الفصائل على ذلك، فمنهم من قدم أعداد غير كافية من المقاتيلن ومنهم من لم
يقدم نهائياً معترضاً على الفكرة من أساسها، وقال "اوحت المنظمة للمسلحين بذلك بان
قرار المخيم تأخذه الجبهة الشعبية – القيادة العامة فقط وليست منظمة التحرير".
المصدر أكد بان اللجنة "غير
الرسمية"، زارت أكثر من شخصية هامة في الحكومة السورية، وهناك ترحيب وتعاون بما
تقوم به على المستوى السوري الرسمي، إلا أن الفصائل الفلسطينية على حد تعبيره "لا
ترغب بدعم ماتقوم به اللجنة، نتيجة الصراعات الفصائلية بينهم، فمنهم من يريد حل
قضية المخيم من وجهة نظر اتفاق اوسلو، ومنهم من يريد استمرار العنف في الداخل
للاستفادة من الوضع القائم".
منظمة التحرير
تساهم في التهجير!
قال المصدر لسيريانيوز ان
"منظمة التحرير تعمل على أجندة قذرة لتطبيق بنود اوسلو وتهجير الفلسطينيين وايجاد
حل يقولون إنه عادل لقضية اللاجئين"، ولذلك وبحسب تعبيره "لايمكن لفصائل المنظمة
واللجنة الرسمية للمصالحة، الضغط للحل، ومن مصلحتها التسويف ليهاجر أكبر عدد ممكن
من الفلسطينيين ويسقط حق العودة".
ولم يخف المصدر، رفض الفصائل
الفلسطينية لشخصية الشيخ العمري الذي لا ترى فيه كفؤاً للمتابعة بأي مبادرة، كونه
لايملك "ثقل رسمي او تمثيلي للفلسطينيين".
وأردف متهكماً "الان قضية مخيم
اليرموك عبارة عن صراع فصائلي قذر، فقد بات مؤخراً شكلاً مصغراً عن وضع الضفة
الغربية وغزة في فلسطيني، من حيث التناحر والصراع على السلطة والمال، فقد تم تقزيم
قضية المخيم إلى مستوى كرتونة مساعدات، والكرتونة ليست الحل، فهناك حوالي مليون
فلسطيني خارج المخيم لايتحدث أحد باسمهم للعودة، فقضية 18 الف محاصر في الداخل ليست
الأهم".
الشعبية عاجزة وحدها
وتعقيباً على حديث مسؤول فرع
الجبهة الشعبية عمر مراد، ودور الجبهة وجهودها في سبيل حل أزمة المخيم، قال المصدر
إن "الجبهة الشعبية – جورج حبش-، دورها وسطي ولا تسطيع أن تعارض منظمة التحرير
وحدها، فالكل يخالفها الرأي، ففي زيارة لنائب الأمين العام أبو أحمد فؤاد للتنسيق
حول قضية المخيم وايجاد عمل مشترك، تبين لي بأن الجبهة تعلم كل مايدور من خلاف
فصائلي إلا انها غير قادرة وحدها لرأب الصدع كتيار وسطي في المنظمة".
ح ع
سيريانيوز