إن أزمة اللاجئين تتعاظم وتتعقد في سوريا. فهناك أكثر من 1.4 مليون عراقي وفدوا على سوريا منذ الغزو الأمريكي لبلادهم عام 2003، مع دخول نحو 30.00 لاجئ شهرياً.

ان هذا التدفق يلقي بعبء ثقيل جداً على كاهل المجتمع السوري. فهو يؤجج التضخم المالي ويلقي بثقله على الخدمات الاجتماعية. ومنظمات الغوث تناضل لمعالجة هذه الأزمة.

ولكن هذه المنظمات لم تمنح سوى 30 مليون باوند كمخصصات لمساعدة اللاجئين العراقيين في سوريا من قبل الأمم المتحدة، لذا تطالب منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة اليوم بمزيد من المساعدات المالية.

يقول لورينز جوليز، ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين "نحن نبحث عن المزيد من التمويل، ونقوم بتشجيع المنظمات الأخرى على تقديم المساعدة خاصة وأن التأثير الأكبر يقع على التمويل المقدم لوزارات الحكومة السورية".

وتعتبر هذه المشكلة معقدة جداً لأن سوريا بلد فقير ويواجه عقوبات اقتصادية أمريكية إضافة إلى تعرضه لضغوطات دولية للتعاون من أجل العراق ولبنان. وعلاوة على ذلك هناك نحو 400.000 لاجئ فلسطيني يعيشون في سوريا منذ تشكيل دولة إسرائيل عام 1948.

تشير إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن نحو 80% من اللاجئين العراقيين في سوريا يعيشون في مدينة دمشق، الأمر الذي خلق أزمة في السكن والموارد المائية المخصصة للعاصمة. كما أن المشافي والمدارس فيها تعج بهؤلاء اللاجئين، فبعض المدارس مثلاً لديها أكثر من 60 طالب في الصف الواحد بدلاً من 30 طالب وفقاً للمعتاد.

وتشير الإحصائيات الحكومية أن هؤلاء اللاجئين كلفوا الدولة 500 مليون باوند خلال السنوات الأربع الماضية، لذا تحاول دمشق ضبط أنظمة الدخول منذ بضع أشهر. ولكن هذه الخطوة أشعلت احتجاجات داخل العاصمة لذا قررت الحكومة إلغائها بسبب ما ستحمله من مشاكل وخيمة على الصعيد الداخلي.

قال السيد جوليز "إن الحكومة السورية تصر على قيام العراقيين بتسجيل أنفسهم وتقديم معلومات عن تفاصيل معيشتهم، لأن سوريا ترغب بتشديد سيطرتها على كل من يعيش فيها. ولكن ورغم ذلك هناك الكثير من التساهلات خاصة بالمقارنة مع لبنان والأردن".

إلى الآن قامت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بتسجيل 82.000 لاجئ، وهي تقوم يومياً بتسجيل 450 لاجئ وتحدد مواعيد لنحو 2000 عراقي أسبوعياً للإجابة عن استفساراتهم.

في البداية كان العراقيون الأغنياء يقصدون الأردن وسوريا، ولكن مع تدهور الأوضاع في العراق وانتشار الفوضى أخذ الفقراء العراقيون أيضاً بالتدفق داخل سوريا بأعداد هائلة، الأمر الذي ألقى بالمزيد من التوتر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد الذي يعاني 25% من سكانه من البطالة.

قال ياسر حبش،31 عاماً، وهو صاحب متجر، "هذه مشكلة كبيرة. نحن لا نريد العراقيين في بلدنا فالكثير منهم سيئين إضافة إلى أنهم تسببوا بغلاء الأسعار في جميع المجالات".

لقد أصبح تعداد اللاجئين في سوريا يشكل نحو 8% من تعداد السوريين في البلاد، الأمر الذي أفضى إلى تضخم مالي وأدى إلى ارتفاع أسعار السكن إلى الضعف والمواد الغذائية بنسبة 10% خلال عامين فقط. كما أن معدلات الجريمة والدعارة ازدادت هي الأخرى.

ولكن الأسوأ من ذلك هو أن هذا التدفق العراقي على البلاد خلق درجة من الزينوفوبيا (رهبة وكراهية تجاه الغرباء) تجاه النازحين الجدد. قال طارق زايد، 23 عاماً "اعمل ميكانيكي ولكن السكان المحليين بدؤوا يوجهون لي تهديدات لذا اضطرت للمغادرة".

إن طارق يعيل والديه وأربعة إخوة من خلال عمله الغير قانوني كعامل تنظيف في إحدى مقاهي دمشق. ورغم أن دخله اليومي لا يتجاوز 2 باوند  إلا أن عائلته تقيم في منزل أجرته الشهرية 60 باوند.

ويتساءل مدير المكتب الاستشاري للتنمية والاستثمار الدكتور نبيل سكر "الناس هنا يتذمرون من تسبب العراقيين بارتفاع أسعار الإيجارات والوقود ولكن إذا لم تقم سوريا باستيعابهم من سيقوم بذلك إذاً؟".

وأضاف "50% على الأقل من هؤلاء العراقيين لن يعودوا إلى العراق، خاصة إذا بقوا عاماً آخر. فالعديد منهم استقر هنا وحصل على فرصة عمل وأسس بغداده الصغرى في منطقة ما في سوريا، ولكني أرى المزيد من المشاكل قبل أن يحقق العراق استقراره".

بقلم : بول كوشرين - الاندبندنت

ترجمة هدى شبطا - سيريانيوز