-متى ستمضي هذه الأيام الكئيبة؟
سألته منتظرة منه أن يجيب، لكنه اكتفى بالنظر إليها بصمت..
-متى سيعود الهدوء الذي كان يسكن شوارعنا رغم الضجيج؟
يضع يده خلف ظهرها دون أن يجيب..
-متى ستعود يا عزيز؟
تلمحه وهو يبتعد قليلاً متجهاً نحو الموقد..
-هل تتألم؟
ينظر إليها يفتح فمه أراد أن يقول شيئاً لكنه فضل أن يصمت..
-أشتاق إلى الماضي برغم ما حمل من مآسي، لطالما اعتقدت أنه لا سيء أكثر من الذي
أعيش فيه، لطالما احتقرت منزلنا، وكرهت صمت ليالينا، وانزعجت من زحمة الشوارع ومن
ضجة المساء، ومن صراخ الأطفال في الحدائق.. اليوم اشتاق لصورة كهذه وأكثر ما أشتاقه
حقاً هو رؤيتك من جديد، فمن حكم على قدرنا بأن نفترق.. لو كانت مشيئة الرب وحدها
لما انكسرت، لكنها يد عبد طالتك، ففرقتنا وويح هذا الفراق، ويح لحياتي من بعدك..
هذا إذا كان لي حقاً من حياة!!
يبتسم في وجهها، تفلت يده يدها، يقبل يدها قبل أن تسقط على جانبها، يمسح الدمعة
التي سرت بجانب أذنها، يلوح لها بالوداع، ثم يختفي في الظلام..