news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
سورية : صرخة تحذير ، أوقفوهم إنهم يدمرون الوطن...واليونسكو حاضر غائب...بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي

حقق فريق سورية في اليونسكو بعض النجاحات والإنجازات، فقد استطاع بقوة الإرادة مع جهود الدول العربية حشد الدعم والتأييد لإقناع الأعضاء بالاعتراف بفلسطين كعضو في اليونسكو واليوم فإن سورية على الرغم من تعقيدات المشهد وتداخلاته مصممة وماضية بعزيمة لإنجاز الاستراتيجيات التربوية الوطنية وإصلاح حقيقي يلبي طموح المواطن ويقدر تضحياته ويتسق مع تاريخه النضالي لإستعادة الحقوق وتحقيق السلام العادل والشامل والمستند الى قرارات الشرعية الدولية.


سورية واحدة من أوائل الدول التي شاركت وساهمت على إيجاد منظمة تسعى الى نشر السلام في العالم، وإتخذت هذه المنظمة لنفسها شعار " لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام "، هذه المنظمة هي منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم " اليونسكو "، التي تهدف الى صيانة السلم والأمن الدوليين عن طريق توثيق التعاون بين الدول في ميادين التربية والعلم والثقافة والاتصال، وتتمثل رسالتها بالإسهام في بناء ثقافة السلام الحقيقة وتحقيق التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.

 

وفي إطار ذلك أنشأت سورية علاقة عمل مميزة مع اليونسكو إذ كان من أولى إسهاماتها دعمها لبرامج المنظمة الخاصة بفلسطين والتي تعنى بالتعليم في الأراضي الفلسطينية، وتتحمل سورية حصة مالية تقدمها لليونسكو تسهم في تفعيل برامجها في كل أنحاء العالم وبخاصة الثالث منه، إذ يعد هذا عملاً إنسانياً عظيماً كونه يعمل على خدمة البشرية ومنح الشباب فرصاً أفضل في تنمية ذواتهم والقضاء على الأمية والجهل، كما إنها لم تستخدم هذه الحصة للضغط على المنظمة في قراراتها على عكس دول كأمريكا وكندا والعدو الصهيوني، وهذا ما نفتخر به كسوريين.

 

فاليونسكو لديها دبلوماسية راقية، ولكن بشرط ألا تزعج مموليها والمسيطرين عليها، وقد جربت اليونسكو مراراً أن تكون منصفة فعوقبت بقطع الدعم الأمريكي عنها.

وبالمقابل تتميز السياسة الخارجية السورية بأنها تعرف جيداً كيف تسيّر الأمور في المنظمات الدولية وتعرف كيف تعمق التعاون معها وتوسع آفاقها الحاضرة والمستقبلية والانفتاح على التجارب الدولية المتقدمة في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال.

 

ومن هنا وإيماناً بأهداف ورسالة اليونسكو بأن التعلم والثقافة والعلوم والمعرفة هي جسور للتفاهم بين الشعوب وبناء الثقة، فقد شاركت سورية في أعمال الدورة 192 للمجلس التنفيذي لليونسكو المنعقدة حالياً في مقر المنظمة بباريس، ورغم تنوع الكلمات والخطابات، إلا أن كلمة سورية جاءت لتمثل محطة لافتة تعكس تجسيد حضور سورية في المشهد الثقافي والتربوي، فضلاً عن المشاركة في التفاعل مع ما تنجزه البشرية في هذه المجالات.

 

جاءت المشاركة لتؤكد على عزم الحكومة على تنفيذ الاستراتيجيات التربوية الوطنية رغم الأزمة الراهنة، لافتة الى أن إنطلاق العام الدراسي في سورية دليل جديد يؤكد على إرادة الحياة المتجددة لدى السوريين، وأن الخسائر والأضرار المأساوية التي ألحقت بالقطاع التربوي إذ قدرت بـ 3004 مدرسة بعضها يحتاج الى إعادة تأهيل بالكامل وتحويل 1007 مدرسة أخرى الى إيواء للمهجرين من بيوتهم ومدنهم فضلاً عن استشهاد 334 طالباً ومعلماً وعاملاً في القطاع التربوي، فضلاً عن إلحاق الضرر بالجامعات والمؤسسات الاعلامية والثقافية والخدمية والسياحية ودور العبادة والتخريب المتعمد للبنى التحتية واستهداف الأفراد بالاغتيال والقتل و التمثيل بالجثث.

 

كما أكدت اهمية اعتماد اليونسكو للقرارات الخمسة المتعلقة بالأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري المحتل مطالبة برصد وتوثيق التعديات السافرة على المسجد الأقصى والتراث الثقافي لمدينة القدس القديمة وتقصي حقائق الممارسات الاسرائيلية العدوانية اليومية بحق المؤسسات الثقافية والتعليمية في الجولان السوري المحتل والاراضي العربية المحتلة فضلاً عن تطبيق قرار لجنة التراث العالمي بخصوص مدينة القدس القديمة وما حولها، كون القدس تمر بأخطر مرحلة منذ إحتلالها من خلال تكثيف الاستيطان فيها وبناء الكنس والمراكز الدينية والثقافية في البلدة القديمة خصوصاً في محيط المسجد الأقصى، بهدف خلق واقع ثقافي وديني في المدينة يخفي معالمها وطابعها الإسلامي والمسيحي والعربي، بالإضافة الى تعرض المسجد للتقسيم الزماني والمكاني بين المسلمين والمستوطنين اليهود على غرار المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.

 

الحرب لم تعد حرباً على سورية الوطن فقط، بل تحولت الى حرباً للنيل من تاريخها وعراقتها وسلب إرثها الحضاري والثقافي وهو أغلى ما تملك، فضلاً عن وجود حملات مسعورة تشوه تاريخنا العظيم من جوامع تهدم وقبور تنبش ومتاحف تسحق وتطمس ومن ثم إزكاء روح الطائفية التي تشجع على ضرب كل طرف، إرث الآخر وتاريخه، وكأننا أمام تقسيم جغرافي يعقب التقسيم الثقافي الذي نعيشه، هذا مما سيحرم الأجيال القادمة من معرفة الجانب المشرق من تاريخهم وجذورهم.

 

كل ما يجري في سورية من تدمير وتخريب لمعالمنا الثقافية هو مخططاً رهيباً وحاقداً لإزالة شواخص سورية وبنيتها الحضرية، يريدون من خلاله القضاء على ذاكرتنا ...وحضارتنا... وثقافتنا... وتراثنا... واستبدال العلم بهمجية التخلف والوفاء والمحبة بالبغض والكراهية، فالذين يريدون لتراث وطننا السوري الكبير الدمار والفناء، نقول لهم مهلاً فهل تريدون قتل تاريخنا وقطع جذورنا، فأرواحنا ارتبطت بهذه الآثار، والتاريخ لا يمكن إزالته والقضاء عليه بمجرد رغبة في نفس هذا الشخص او ذاك ممن لا يقدرون قيمة الأشياء ولا يعتزون بتراثهم وتاريخهم، فهذا التاريخ ليس ملكاً لأحد، بل إنه ملك لكل السوريين وملك أيضاً للبشرية جمعاء.

 

هنا لا بد من القول بإن سورية نجحت في تحقيق هوية المواطن السوري العربية والإسلامية من خلال الاستعانة بنخبة من الخبراء المختصين في إعداد وتطوير المناهج التربوية التعليمية التي حرصت على اختيار أمثلة متنوعة تتلاءم والمراحل العمرية للفرد، حيث أن المناهج التربوية جاءت منسجمة بين الظاهر والمضمون ومتوازنة من حيث العمق و الأصالة، وتعانقت الأمثلة الدينية بالأمثلة النثرية لتغرس المثل العربية في ذهن الطالب وتنمي القيم الروحية في سلوكه ، حيث حرصت وزارة التربية السورية على ترسيخ البعد القومي في نفوس أبناءها الطلاب فكانت رائدة في قطاع تطوير المناهج التربوية التعليمية الذي جعل للأمثلة الواردة في الكتب المدرسية دوراً فاعلاً ورئيسياً في ربط الماضي بالحاضر وبث روح التجديد، كما كان لسورية الدور البارز في مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة الذي اعتمدته قمة دمشق رقم 435عام 2008م، وهنا يمكنني القول بأن سورية كانت السباقة في كل ما يخدم العمل العربي المشترك من أجل الوصول الى مجتمع مزدهر ومتقدم يستطيع الإنسان من خلاله تحقيق طموحاته وتسليحه بالعلم والمعرفة.

 

فالسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا، أين دور منظمة اليونسكو من كل ما يجري في سورية؟

إذا كان هناك من رسالة ينبغي أن ترسل الى منظمة اليونسكو باعتبارها المنظمة التي تقع على عاتقها حماية العلم والثقافة، هي حماية حقوق الإنسان كالحق في التعليم والحق في الأمن والأمان، كون سورية عضو فعال في منظمة اليونسكو، كما لا بد من تعزيز دورها للحد من تدمير وسرقة الآثار من خلال إيجاد صيغة أمنية لحماية أي متحف أو مكتبة أو جذر تاريخي من العبث الخطير الذي يطول مواقع مهمة ومفصلية في تاريخ سورية وينذر بخسارة لبعض مكونات التراث الأثري السوري.

 

وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن سورية التي أجمع العالم بأسره إنها تمثل نموذجاً إنسانياً فريداً للإخاء بين الأديان السماوية وتاريخاً طويلاً ومتصلاً من الحضارات البشرية، وتهيب دول العالم للتنبه لمخاطر الفتنة والارهاب التي تدمر مجتمعاتنا وتدعو اليونسكو الى اتخاذ موقف مبدئي من هذه الانتهاكات التي تقوض أركان استدامة السلام العالمي وثقافته، كما آن الآوان بالمبادرات الوطنية من أجل الوطن، التي تهدف الى رقيه وتقدمه، كما انه لا بد من الابتعاد عن الخلافات والمشاكل التي تجر الى التخلف عن ركب التقدم والتحضر، وعلينا أن ننهض بسورية وأن نجعلها في مصف الدول المتقدمة.

*كاتب وباحت اكاديمي سوري

2013-10-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد