news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
عندما يولد الحب و يموت في ليلة واحدة ... بقلم : ريم الأتاسي

يقولون بأن العازف يترجم مشاعره عبر العزف، وغالباً ما تكون الألحان هي دليل على مشاعر العازف، وهذا صحيح، وكذلك من يعتقد بالحب،فهذا صحيح أيضاً، ومن يصدق بالسحر..لا أعرف!فالواقع كما يقولون أكبر مخيب للآمال، واصطناع البسمة،لا يشابه اختلاق الدموع، وطعنة الحب لا تشفى، وكذلك الموت لا يخطئ في اصطياد أرواحه!


كانت تجلس قبالتي، عيناها تتوسلان عيني بكل جرأة وثقة،تنشران في عروقي تياراً من النشوة،تحركان أصابعي على هواهما،تبعثان في روحي بريقاً من السعادة والجنون، شعور لا يمكن وصفه،شعور يشبه الخلود والنهايات، يشبه التحليق والزحف، يشبه الحب واللاحب، لكنه انتشاء!

كانت من أورع الأمسيات التي قدمتها،من أروع اللحظات التي عشتها،عزفت فيها ألحاناً تحكي قصة الوجود، تروي قصة الجندي الذي يموت ، ولا يغادر أسوار الحياة،تخفي بين طياتها قصة جدي،الذين أنجبا من أنجباني إلى هذه الحياة!

 

كنت أعزف وأعزف،أو بالأحرى أغرق في بحر لا ينتهي بشاطئ،بحر لا تتصل عروقه بأعماق مليئة بالكنوز، لا يحوي أصداف ولآلئ،لا يحوي سوى حوريات تشبهن بالملائكة،وقد يكن ملائكة في زي حوريات،يقطفن من موج البحر زبده الأبيض،فيخطن منه أروع الحكايات، وينسجن رومانسيات زمن انتهى بالزمن، هناك حيث يكون الليل هو الليل والنهار، والقبلات هي غذاء الأميرات الفاتنات..وأعزف!

 

شعرت بتقلص يطعن قلبي ويشد عليه،فبدأت أخرج أنفاسي المعطرة بعبيق السجار البني،محاولاً أن أطرد ذلك الألم،فحولت نظري إليها،فوجدتها ما تزال تتأملني بتلك العينين اللامعتين والثغر المبتسم،تلك الملامح التي كان تتغزل بي، وتنشر من حولي الحب والعشق..

حاولت أن أبتلع الألم،لكنه كان يزيد،اعتقدت أنه الموت،لكنه لم يكن كذلك،نعم لقد كان قلبي ينجب حباً جديداً إلى هذه الحياة،لم يكد يصل إلى يدي حتى حضنته بقوة، وأن أقبله وأمسح على رأسه،أهبه كل الحنان الذي اكتنزته في قلبي منذ أن جئت إلى هذه الحياة،أمده بكل الشفافية التي أكسبتني إياها مياه البحر المالحة..فبادلتها الابتسامة والحب!

 

صفق الجميع،عندما أعلنت نهاية الأمسية الرومانسية، وبدأ الناس يخرجون من المسرح ، حيث سيقابلون الأرصفة المبللة، والسماء الملبدة بالغيوم،وذلك القرص المغرور الذي يتشبهون به،تحياتي إليك أيها القمر اللامع..

اتجهت نحوي،فزدادت ضربات قلبي، وبدأت أنفاسي تتصاعد كأن على رأسها الطير،فافتعلت الشرود، وأنا أوضب أشيائي..

 

امتدت أمامي يد بيضاء ناعمة،صافحتها بكبرياء وعفة،ثم قبلت يدها، وهنا كانت المفاجأة العظمى،عندما صعد رجل بيروقراطي المسرح، وألقى علي التحية ثم أمسك بيدها، وقتل أحلامي:   _"عزف رائع سيدي،لقد أغرقت زوجتي في عوالم من الطمأنينة والأمل،أشكرك، وبالتوفيق.   _"،ابتسمت في وجهه،ثم ودعتها بنظرة مكسورة أخيرة، وقد فعلت ذلك بدورها عندما كانت تغادر باب المسرح..

 

أغلقت البيانو،ثم وضعت النوطات في الحقيبة،ثم تناولتها من على الأرض، وسرت بدوري نحو البوابة،حيث ألقيت التحية على بعض العاملين هناك،ثم سرت على الرصيف،على أضواء الشارع التي لمعت في حبات المطر ،التي تعلقت على غصون الأشجار..

 

أحسست برعشة تمر في جسدي،أدمعت عيناي،تقلص قلبي،ثم عادت البسمة تزين شفتي،إنه الحب،لقد مات،أو بالأحرى قتله الواقع،تلك الحقيقة المرة التي نعيشها، وإن يكن،فهذه ليست آخر أمسياتي، وربما يحالفني الحظ فأحب من جديد، ومن يعلم قد يكون حباً أبدياً،إن كان لدى أحد القدرة على وصف الحب..

 

والآن يا أعزائي،فقد وصلت إلى سيارتي، وحان الوقت حتى أركب فيها،فقد بدأت الثلوج بالهطول،والبرد قارص، ومنزلي يناديني، والألحان تبعث في ذاكرتي تلك القصة المحزنة،لكن لا بأس،فمازلت حياً، ومازلت أتمتعُ بالحب..ذلك الحبُ الدائم، فأنا مدمنٌ على العشق، وليس لدى أحدٍ علاجٌ لهذا الإدمان!

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2013-11-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد