news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
مصر وقطر: توترات فوق صفيح ساخن ... بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي

حلقة جديدة من حلقات الصراع والإنشقاق تتجدد بين القاهرة والدوحة، من خلال مطالبة عدد من الأحزاب السياسية والحركات الثورية بمواصلة الإحتجاجات الشعبية، لطرد سفير الدوحة بعد تدخل بلاده بشكل سافر في الشأن المصري، وإرتفاع النبرة التحريضية من قطر وقناة الجزيرة ضد الشعب المصري،  وخاصة  التصريحات التي خرجت من الخارجية القطرية بشأن قرار إدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، الأمر الذى وصل حد قيام الخارجية المصرية بإستدعاء السفير القطري، وإبلاغه رسالة شديدة اللهجة برفض مصر شعباً ونظاماً أي تدخل في الشأن الداخلي، ومطالبة النظام القطري بتسليم الإرهابيين والهاربين الذين لجؤوا إليها، وتعد خطوة إستدعاء السفير القطري إلى مقر وزارة الخارجية هي الأولى بعد توتر العلاقات المصرية -القطرية في أعقاب مظاهرات 30 يونيو 2013 التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين، وقد أثارت هذه الخطوة التساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين.


مرت العلاقات المصرية القطرية بمحطات متعددة، توتّرت في عهد مبارك وإنسجمت بعد الثورة، وأثارت جدل الشارع المصري بعد وصول مرسى للرئاسة، أما اليوم فإن هذه العلاقات باتت على المحك بعد أن أصدرت الدوحة بياناً تنتقد فيه الحكومة المصرية التي بدورها إستدعت السفير القطري وحذرته من التدخل في الشأن المصري،  فشهر العسل الذي كانت مدته "سنة" في العلاقات المصرية القطرية في عهد الإخوان المسلمين قد إنتهى، وفقدت قطر مع سقوط مرسي حليفاً هاماً، وفقدت أيضاً تأثيرها في القاهرة والمنطقة بأسرها، رغم محاولات قطر الحالية لتقديم نفسها كمؤيدة للشعب المصري وليس هذا النظام أو ذاك، فالحكومة المصرية سبق وأن إستعملت نفس السياسة مع تركيا في نوفمبر الماضي، حينما خفضت علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا وطردت سفيرها من القاهرة، إحتجاجاً على تصريحات الأتراك التي تنتقد عزل مرسي، وعلى دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين.

 

أعتقد أن هناك أسباب عديدة أدت الى سوء العلاقات المصرية القطرية، ترجع بالأساس لنظرية المؤامرة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والتي تستهدف إحداث تفكك عربي من أجل إتاحة الفرصة للتطبيع العربي مع إسرائيل إستغلالاً للخلافات العربية- العربية، هذا بالطبع فضلاً عن سياسة التنافس التي سادت بين القيادتين السياستين في كلا الدولتين، والبحث القطري عن دور محوري بالمنطقة، إذ حاولت قطر أن تلعب دوراً في قضايا إقليمية ترعاها القاهرة خاصة في ملفات متعددة مثل ملف السودان وفلسطين، بالإضافة إلى حقائق جديدة في المشهد العام والقدرات القطرية على التأثير وإرتباطاتها الدولية والإقليمية الجديدة، مستغلة في ذلك حسن علاقاتها المتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإستضافتها لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالمنطقة كل هذا يدفع قطر للبحث عن زعامة عربية، وبالتأكيد على حساب مصر الرائدة في حل الخلافات العربية ومساندة قضايا العرب، هذا وتتهم الحكومة المصرية قناة الجزيرة القطرية بدعم جماعة الإخوان المسلمين في دول الربيع العربي التي أعلنتها السلطات المصرية منظمة إرهابية يوم 25 كانون الأول

 

 إذ خصصت الجزيرة قناة لنقل الوضع المصري تحت اسم "الجزيرة مباشر مصر" تبث من الدوحة وتنقل كافة فعاليات جماعة الإخوان المسلمين وتستضيف باستمرار ضيوفاً مناصرين للإخوان ومرسي من بينهم قيادات إسلامية مطلوبة في مصر "الشيخ يوسف القرضاوي"، بالإضافة الى دعم الدوحة الإخوان مالياً وإعلامياً للصعود إلى السلطة في مصر وتونس بحثاً عن دور في الملفات الإقليمية التي تهيمن عليها دول ذات ثقل سياسي وإقتصادي، هذا مما أثار ردة فعل قوية في الشارع المصري حيث إعتبر سياسيون ومثقفون بأن قطر الإمارة الصغيرة تحاول التأثير في القرار السيادي لدولة كبيرة مثل مصر ودفعها إلى تحالفات مشبوهة من خلال تعهد قطر خلال عام واحد من وجود مرسي في الحكم بمليارات الدولارات كمساعدات لدعم الإقتصاد المصري، ما أثار إتهامات بأن قطر كانت تحاول شراء النفوذ في مصر.

 

ورداً على السياسة القطرية المتبعة تجاه مصر، عمل النظام المصري الجديد على تجميد المباحثات الخاصة بإستيراد غاز طبيعي من قطر، وأغلق فرع قناة الجزيرة الفضائية في مصر، وفرض حظراً على مراسلي الجزيرة، ورفض طلبات قطر بزيادة الرحلات الجوية بين القاهرة والدوحة، وأعاد منحة قيمتها 2 مليار دولار كانت قطر قد أودعتها في البنك المركزي المصري من أجل نظام "مرسي"، هذا مما يدل على عمق الرواسب والعلاقات العكرة والباردة بين الدولتين، فضلاً عن إصدار السلطات المصرية في نهاية سبتمبر 2013 أمر إعتقال ضد الشيخ يوسف القرضاوي المقيم بقطر والمحسوب على تنظيم الإخوان المسلمين بتهمة التحريض على قتل رجال الشرطة المصريين.


وفي سياق متصل فإن الكثير من الدول بالمنطقة غير راضين عن السياسات الخارجية القطرية التي تتسم بالمغامرات غير المحسوبة، وبالتالي كانت المراهتة في سياستها خاسرة، إذ إنها قبل الأزمة السورية كانت مقربة من النظام السوري، وبعد بداية الأحداث في مارس 2011 ومع توقعها بأن أيام الأسد ستكون معدودة أدارت ظهرها للنظام السوري وحلفائه في المنطقة "حزب الله وإيران"، وبدأت تأييد المعارضة، بالإضافة الى عرض قطر خدماتها بشأن الإستضافة والوساطة للمفاوضات بين الولايات المتحدة و حركة "طالبان" الأفغانية، إلا أن تلك المفاوضات تعثرت بسبب إغلاق مكتب طالبان بالدوحة، وعندما إستشعرت قطر صعود الإسلام السياسي، حاولت الركوب على الموجة الإسلامية والإنضمام إلى مصر مرسي على الرغم من أن العلاقات المصرية القطرية كانت متوترة خلال تلك الفترة.

 

إن مصر كانت تتطلع إلى علاقات جيدة وسوية مع قطر، وقد رحبت بتولي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مقاليد السلطة في قطر، وكانت تتوقع منه أن يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين قائمة على الإحترام المتبادل لإرادات الشعوب والتعاون البناء المثمر لصالح الطرفين، لكن استمرار المواقف القطرية السلبية تجاه الشعب المصري وتدخله في الشؤون الداخلية، تجعلنا نتساءل: العلاقات المصرية القطرية إلى أين؟

 

وهنا أرى بإن العلاقات الثنائية بين مصر وقطر حالياً على المحك، فبيان قطر الأخير سيحبط جهود الوساطة التي تقوم بها بعض دول الخليج مثل السعودية والكويت، لتخفيف التوتر بين البلدين، كما إن البلدين مقبلان على مرحلة "تبادل طرد السفراء" على نحو ما حدث بين القاهرة وأنقرة، حيث لم يعد أمام الجانب المصري سوى الإستجابة لضغوط الرأي العام التي تطالب السلطات بإتخاذ قرار حاسم نحو قطر، وما إستدعاء السفير القطري سوى مقدمة لطرد ممثل الدبلوماسية القطرية في البلاد في خطوة ظلت مصر تؤجلها كثيراً إستجابة إلى نصائح خليجية طلبت منحها مزيداً من الوقت لرأب الصدع بين البلدين، وبالتالي فإن مستقبل العلاقات المصرية القطرية غير مبشّر نهائياً.

 

 

وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن مصر دائماً كانت حريصة للحفاظ على العلاقات مع قطر ولكن الدوحة إختارت مؤخراً التحيز لجماعة الإخوان على حساب العلاقات مع القاهرة، وبالتالي فإن الخطوة التي قامت بها الخارجية المصرية اليوم هي رسالة واضحة للنظام القطري ومن ورائه بضرورة مراجعة وموائمة سياسته الإقليمية بوجه عام، وسياسته مع مصر على وجه التحديد إذا رغب في  الحفاظ على مكانته في العالم العربي وتأثيره في المنطقة، وبناءاً على ذلك فإن العلاقات المصرية - القطرية لن تتحسن طالما إستمر الغضب الأمريكي من ''30 يونيو''، لأن مصر أفشلت المخطط الأمريكي للشرق الأوسط، ولأن أمريكا تستخدم قطر كأداة لضرب مصر فلن يكون من المتوقع ان تتحسن العلاقات بينهما قريباً.

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-01-12
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد