news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الأزمة السورية وآفاق الحلول الدبلوماسية ... بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي

أخيراً، إتفقت قوى دولية وإقليمية على الحاجة للتوصل لحل سياسي في سورية، لكن ما زلنا بإنتظار رؤية ما إذا كان النظام والمعارضة في سورية قد إتفقا حقاً على ذلك، فإتفاق واشنطن وموسكو على الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خطوة إيجابية باتجاه الحل السياسي لإنهاء الأزمة في سوريا، والتراجع عن قضية الذهاب بالعسكرة إلى مرحلة تحطيم البلاد، تجلى ذلك بعد التوصل لإتفاق بشأن الترسانة الكيميائية السورية، حيث باتت تُطرح اليوم على أعتاب "جنيف 2" عدّة سيناريوهات، خصوصاً بعد موافقة معارضة الخارج المتمثلة في الائتلاف الوطني  على المشاركة في المؤتمر الدولي بدفتر شروط.


بدأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون توجيه الدعوات لحضور مؤتمر "جنيف2" حول السلام في سوريا، إذ وجه الدعوات لحوالي 30 دولة لحضور هذا المؤتمر المقرر عقده في 22 كانون الثاني، وتضمنت لائحة الدول المدعوة لحضور هذا المؤتمر، السعودية التي تعد الداعم الأكبر للمعارضة السورية، والبحرين والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة الى جيران سوريا، تركيا والعراق والأردن، وخلت هذه اللائحة للمدعوين من دولة إيران التي رفضت من جانبها لعب دور هامشي في المؤتمر، وبالمقابل إنسحب نحو أربعين عضواً من الائتلاف الوطني المعارض، وعزوا ذلك إلى جملة أسباب، أهمها موقفهم على خلفية خروج الإئتلاف عن ثوابت الثورة السورية، وفشل كل المحاولات لإصلاح الجسم السياسي، وانفصاله عن الواقع وعجزه عن تحمل مسؤولياته، وبعده عن تمثيل القوى الثورية والمدنية داخل سوريا.


ونظراً لذلك فإن وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف سيلتقيان في 13 من الشهر الجاري للنظر في دور إيران في حل الصراع الدائر في سوريا الذي يدخل عامه الثالث، إذ تدعم روسيا مشاركة إيران في هذا المؤتمر، بينما ترى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها إن على إيران إعلان دعمها لتشكيل حكومة إنتقالية تحل محل النظام السوري، كما أكدت مراراً وتكراراً إن إيران قد تلعب دوراً محورياً في المحادثات بشأن سوريا، وإن لم توجه لها دعوة رسمية للمشاركة، لأن سوريا تحتاج إلى دعم الدول الإقليمية للتوصل إلى حل سياسي للصراع الدائر فيها، وفي سياق متصل وصل نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الى طهران، وتأتي هذه الزيارة واللقاءات التي عقدها مع كبار المسؤولين الإيرانيين متزامنة مع التحضيرات الدولية الجارية لعقد مؤتمر جنيف2 حول سوريا، كما تأتي في ظل تأكيد عدة أطراف على أهمية مشاركة إيران في هذا المؤتمر.

 

فالسؤال الذي طرح نفسه بقوّة، داخل الدوائر السياسية والديبلوماسية الغربية والعربية،
هل من الممكن إيجاد حل سياسي لسوريا من دون مشاركة إيران؟  

 

من دون أدنى شك، إن إعلان وقف إطلاق النار في سوريا أو الإنتقال إلى مرحلة جديدة بدون مشاركة إيران يعد أمراً مستحيلاً وإذا كانت مباحثات جنيف 2 تهدف إلى وضع نهاية للحرب وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، فمن غير الواضح تحقيق هذا الهدف دون مشاركة إيران الحليفة رقم واحد لسوريا في هذه المباحثات، وبالتالي فإن وجود إيران خارج دائرة المباحثات، يقضي على كل الحوافز من أجل بذل الجهود لنجاح إجتماع جنيف حول سوريا.

 

في موازاة ذلك، أعلنت إيران أنها لم تضع أي شروط من أجل المشاركة في مؤتمر جنيف2، بيد أنها أكدت رفضها أي إقتراحات لا تحترم سيادتها، ونفت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية أفخم، التصريحات الأميركية بشأن وضع إيران شروطاً مسبقةً للمشاركة، وأعلنت أن بلادها تدعم جميع الإقتراحات والمبادرات التي تسعى لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية حتى لو لم توجه اليها دعوة الى المؤتمر.

 

فسبيل حل الأزمة السورية عند الإدارة الأمريكية أن تبقى أزمة ليتم استخدامها في التهديدات والتحذيرات من الارهاب وبناء تحالفات سياسية جديدة وإعطاء إسرائيل الوقت الكافي لكي تختبر الحقائق على الارض، وهنا يمكنني القول، إن سياسة اللاحسم التي تمارسها واشنطن، تعكس سياسة مقصودة منها لإغراق الجميع في الوحول التي صنعتها أيدي اللاعبين الدوليين والإقليميين وغير الإقليميين داخل سوريا، غير أن المشكلة الرئيسية تكمن في أنها تأتي على حساب الشعب السوري ومن حسابه نفسه، ولعلنا في هذا البلد العزيز والغالي على قلوبنا لم ندرك أهمية الأمن وحتمية الأمان ومعنى الامن والاستقرار، إلا من خلال هذه المرحلة الذي إنتشر فيها الإنفلات والفوضى ثم تحول الى صراع ومواجهات مسلحة إمتدت لمحافظات مختلفة من القطر، دفعت بالسكان الآمنون في أحيائهم وحاراتهم ثمن الصراع وسددوا فاتورة الحساب من دمائهم وأموالهم وممتلكاتهم.

 

لقد آن الآوان بالمبادرات الوطنية من أجل الوطن، وهي إحدى ركائز المواطنة التي يفترض ان نتوارثها جيلاً بعد جيل، لذا علينا أن نوحد الصفوف وأن نتعاون لأننا جميعاً نهدف الى تحقيق المصلحة العامة والى رقي الوطن وتقدمه، وهذا لن يأتي إلا من خلال الترابط والتعاون، وإشاعة روح التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الديانات والمذاهب المتعددة وعدم زج الدين او المذهب في الخلافات السياسية فضلاً عن نشر القيم الإيجابية بين الناس كالتعايش والمشاركة والالفة والتعدد، ولكن للأسف تسارع الأحداث أشاح الأنظار عن أن المستهدف هو سورية الوطن والشعب بكل مقدراته وكيانه وهويته، وهنا نأمل بعد هذه الفترة العصيبة أن يصبح الحوار ضرورة لا بد منها ولا شيء غير الحوار للخروج من الأزمة ونزع فتيل الاضطرابات وحقن الدماء، ومازال الأمل معقوداً على الحكماء والعقلاء للجلوس إلى طاولة الحوار، هذه الفرضيات تبقى فرضيات حل للجميع لإخراج سوريا من هذا المأزق الذي يدمرها يومياً، وذلك مع إدراك الغرب والشرق بأن الحل العسكري في سوريا يعزز أوراق التفاوض ولكنه لا يفضي لحل سياسي لأي أزمة، ولبنان بما شهده طوال 15 عاماً من الحرب دليل على ذلك.

 

ولعل أكبر عقبة أمام السلام في سورية هي الحصيلة الإنسانية الضخمة من الضحايا والناجمة عن الصراع الذي خلف أكثر من 100 ألف قتيل وأجبر أكثر من ثلاثة ملايين شخص على الفرار من البلاد، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فرغم تجاوز القوى الدولية بنجاح العديد من العقبات الدبلوماسية والمصالح الإقليمية في إطار جهود عقد المؤتمر، ستجد هذه القوى إختلافاً شاسعاً بين موقفي دمشق والمعارضة بشأن تسوية محتملة بين الطرفين.

 

لا أتوقع أن يساعد المؤتمر الدولي المقرر حول سورية، في وضع نهاية لنحو ثلاث سنوات من القتال في البلاد، بمعنى ليس من المرجح التوصل إلى حل شامل للأزمة السورية في مؤتمر جنيف 2 وذلك بسبب الاختلاف الكبير في وجهات النظر بين أطراف النزاع.

في إطار ذلك أعتقد بالحل "السوري-السوري" وجلوس الأطراف المعنية بالتطورات السورية على طاولة الحوار للخروج من الأزمة التي تعصف بهذا البلد، كما وإن الدول العربية تيقّنت بأنه لا يوجد حل للازمة السورية سوى السبل الدبلوماسية والسلمية.

 

وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن سورية تحتاج الى سواعد أبنائها قبل سواعد أصدقائها خصوصاً في هذا الوقت الذي نرى العالم من حولنا ينتشر فيه الصراع والقتل والخراب والتدمير، يجب على جميع الأطراف المتنازعة في سوريا الجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمي للأزمة، ولا بد من إنهاء الأزمة بالتشاور والتعاون من قبل الأطراف المعنية كافة، بحب وطننا وإعتزازنا به وبفخر إنتمائنا إليه سنبني وطننا ونشيد بناءه ونجعله بلداً غنياً بأبنائه وثرواته مزدهراً في كافة الجوانب الحياتية التي تؤكد أن سورية أصل العرب ومنبع الحضارات، بالعلم والثقافة والحكمة والشعب المحب لوطنه نستطيع تجاوز أزمتنا ونمضي بوطننا نحو الأفضل ولا شيء نحتكم له في إختلافنا غير الحوار تحت سقف الوطن السوري  الواحد.

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-01-20
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد