news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
فشة خلق
تُجار أزمة بنكهة سوريّين ...بقلم : كارلا غصن

ثلاث أعوام مضت ... لا يوجد نوعٌ من الإستغلال إلّا و ذاق طعم مرارتهِ المواطن السوريّ المسكين ، كلّ من ينظر إليه يظنّه بصموده حجرَ صوّان كلّما استهلكتهُ لإضرام النيران مرّة ، كلّما كان أقوى في المرّة المقبلة.. ذلك المغلوب على أمره لم يعد في جيبه لا ذهباً و لا حديداً و لا فلّينْ .. فجميعها قُلبت تُراباً جافّاً ابتلاعهُ لا يُدرّ نفعاً .. جسده أُهلك ، قلبه تمزّق لوعةً ، و أفكارهُ باتت تشكّل حرباً جديدةً تسجنه بينه و بين نفسه..


فقد أصبحنا في زمن لم يعد هناك مكانٌ للإستغراب لا من تصرّف قريبٍ و لا غريب .. فهي حربٌ فتكت بكلّ شيءٍ و خرّبتهُ .. ربما تكون هذه ذريعة ممتازة ، كي يقوم السوريّ بسرقة أخيه السوريّ ، كسرَ ظهره و مفاجأته .. فتراهُ ينظر مفجوعاً إلى جارهِ العزيز الذي تربّى معه و قاسمه ما في حياته من أفراحٍ و أحزان ، يذهب خلسةً إلى فرنٍ أو مكان يتوافر فيه الخبز بإزدحام أقل .. و يتركهُ هو يلهثُ خلف لقمة عيشه و يقف أمام المخابز بالساعات ... و أليس من المعيب أن يخلق الأخ مع أخيه عداوةً من أجل جرّة غازٍ ، أو حفنةٍ من المازوت أخفاها عنهُ ، مدّعياً أنه يعاني نُقصاناً يزيد عن حالِ شقيقه بأشواطٍ و أشواط ؟! .. و تنتهي القصة في آخر الزيارة حين ينفضح وجود تلك الثروة المخبّأةً عنهُ في مكان ما من البيت .. و هنا تبدأ القطيعة العميقة الثلاثيّة الأبعاد !!!


فأصبحنا نخافُ كثيراً من بعضنا، نخشى  "الحسد " فإذا امتلأت طاولاتنا يوماً بصنف من الفاكهة أو الحلوى .. "لندلّل و نرفّه " بها أنفسنا .. نكون قد فتحنا على أنفسنا أفواهاً و أبواباً و عيوناً .. تعجّ بالأسئلة و التحقيقات من أشخاصٍ البارحة كانوا و كنّا نقول لهم  "الصدر إلك و العتبة إلي ، ولَو أنت أخي!!! " .. و اليوم ما عُدنا نرى فيهم سوى طمعاً استوطن نفوسهم و شَغلها بالشجع .. و كيف لا نخافُ من أشخاصٍ يتسابقون من منهم يأكل و يستغلّ و يأكل و لا يشبع ، ثم يعود للنهب و الأكل و يرغب بالمزيد و المزيد ..!!


أحاول جاهدة أن أبحث في هذه الفئة عن صفاتٍ لطالما تغنّينا بها .. أن أجد الجانب السوريّ الأصيل .. أنبشُ فيهم عن المحبة ، التواضع ، عن رفق الإنسان بأخيه الإنسان ، عن المروءة ، و الكرم.. عن أمثالٍ حفظتها منذ صغري .. أحتارُ أين منهم من كان يقول  " الجار قبل الدار " !!


و لكنّن حججهم محضّرة مسبقاً ، كرجلٍ كلّما أخطأ قال  " الله يلعن الشيطان  " .. فتلك الحرب الشيطانية جعلت من المحبّة و الرفق و المساعدة مجرّد شِعارات ، يرفعونها عالياً و لا يفوّتون فرصةً للتبوّء بها ، ثم يدحرونها جانباً و يُهملونها..
هؤلاء ليسوا إلّا عبارة عن تجار جُدد في أزمة وضيعة.. لا يختلفون عن غيرهم إلا بنوع البضاعة المعروضة  "للإستغلال ".. فكفاكم متاجرةً بأخلاقكم ، عودوا كما كنتم ، أعيدوا إلى ذاكرتي ذلك السوريّ الرائع ،صاحب القلب الملّون بالياسمين الأبيض ، الفوّاح بعطره المميّز .. أو اذهبوا بعيداً عنّا و إيّاكم أن تعلّموا أولادكم هكذا .. إياكم أن تنسبوا أفعالكم إلى شيم السورييّن .

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-02-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)