news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل ستكون الأزمة الأوكرانية سبباً في إندلاع حرب باردة ثانية؟ ...بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي

كل الشواهد تؤكد أن الأيام القادمة من عمر الأزمة الأوكرانية، ستكون مليئة بالمشاكل والتحديات وتحمل في طياتها تداعيات مصيرية على درجة كبيرة من الخطورة،  قد تؤدي الى عصف المنطقة بالكامل، فهناك  صراعات داخلية مستمرة حول مستقبل النظام الجديد في كييف، وسط إتساع دائرة إنقسام الشعب الأوكراني إلى شطرين،  أحدهما في شرق البلاد يتجه نحو روسيا، والآخر في غربها يتطلع إلى أوروبا، وكأن هناك من يدفع النظام الجديد في كييف بعيداً عن الحل السياسي مع موسكو.


تذّكر هذه الأزمة بالفعل بحقبة الحرب الباردة، وواشنطن أصبحت مدركة بشكل متزايد بأن السياسة الخارجية التي يعتمدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعارض مع مصالحها، إذ لا تخفي إنزعاجها من الطموحات الجيوسياسية التي عادت موسكو للعمل عليها وهو موضوع حساس جداً منذ حرب صيف 2008 في جورجيا، تلك الدولة التي أرادت الخروج من فلك سياسة موسكو، وفي الوقت نفسه يرى ديمون ويلسون نائب رئيس مجموعة الأبحاث في    "مجلس الأطلسي   " أن السياسة الخارجية الحالية للروس تقوم على إستعادة بعض النفوذ والهيبة الروسية في العالم، ولهذا فإن المتتبع للتطورات بين موسكو وواشنطن، يلمس بأن الغرب وعلى رأسه أميركا يمهد منذ زمن بأن يجعل من أوكرانيا موقع إزعاج ومصدر تهديد لروسيا، فقبل الثورة البرتقالية وبعدها عام 2004م عادت حرارة الحديث إلى الدوائر الغربية عن خطوات عملية لإنضمام أوكرانيا للإتحاد الأوروبي وإقامة شراكة إقتصادية وسياسية وإفساح المجال لإقامة منصات صواريخ على أراضيها، وهذا ما لم تسمح به موسكو، التي جددت تمسكها بوحدة الأراضي الأوكرانية.

 

وفي سياق متصل فمن الصعب تكهن ما ستؤول إليه الأمور، لكن وصول رؤوساء جدد الى سدة الحكم في أوكرانيا، هدفهم الوحيد هو ربط مستقبلهم بأوروبا وليس بروسيا، إذ يعتبر هذا مشكلة كبيرة للرئيس بوتين الذي يحلم بإبقاء أوكرانيا في فلك روسيا، وخاصة بعد إعلان ألكسندر تورتشينوف أن الإندماج الأوروبي يشكل أولوية لأوكرانيا ودعا موسكو إلى إحترام    "الخيار الأوروبي   " لأوكرانيا.


وفي وقت سابق هددت روسيا بأنها ستزيد الرسوم الجمركية على المنتجات الواردة من أوكرانيا إن اقتربت كييف من الإتحاد الأوروبي،  لذلك ستكون أول نتيجة لتغيير الحكم في كييف توقيع إتفاق مع الإتحاد الأوروبي والتخلي عن إتفاق التقارب مع موسكو الذي وقعه الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش، وإذا حصل ذلك سينهي حلم الرئيس الروسي بوتين بتشكيل إتحاد إقتصادي قوي للدول التي كانت في بوتقة الإتحاد السوفياتي السابق، لمنافسة ليس فقط الاتحاد الأوروبي بل والولايات المتحدة والصين، ومع تعمق المخاوف من إندلاع حرب في اوكرانيا تراجعت أسواق المال فى العالم على خلفية ظهور شبح فرض عقوبات غربية على روسيا حيث تعثرت أسواق الأسهم في أوروبا وروسيا بينما إرتفعت أسعار النفط والذهب.

 

وهنا أرى إن ما يدور الآن في أوكرانيا سيؤثر حتماً في العلاقات المستقبلية بين الإتحاد الأوروبي وروسيا، و كذلك بين هذه الأخيرة و الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن هذه الوضعية ستجبر الإتحاد الأوروبي على إعادة التفكير في علاقاتها مع جمهوريات الإتحاد السوفياتي سابقاً.


وأخيراً ربما أستطيع القول إن الأزمة الأوكرانية ستكون ساحة للصراع الشرقي-الغربي، وبؤرة تكسير العظام بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وستدفع الجانبين إلى إستخدام حلفاء كل طرف ضد الآخر، وتبقى أزمة أوكرانيا مفتوحة على كل الخيارات، فالمؤشرات تدل على أن الأزمة ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، ولن تشهد بوادر حلول في القريب العاجل، خاصة أن العالم برمته اليوم موجود في الملعب الأوكراني، ولا أحد يمكنه أن يدعي إستحواذه على الكرة، والمؤكد أن الخاسر الأكبر في مثل هذه الأزمة ستكون شعوب المنطقة، بعد أن أصبحت أوكرانيا ساحة صراع تدفع ثمن التجاذبات السياسية الإقليمية والدولية في المنطقة.

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-03-13
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد