تتجه أنظار دول العالم اليوم نحو مصر وخاصة مع إعلان المشير عبد الفتاح السيسي ترشحه للإنتخابات الرئاسية، وما سيتمخض عنه من سياسات مستقبلية ستسير فيها مصر بقيادة جديدة، في ظل إكتمال تشكيل مؤسسات النظام الجديد بعد ثورة 30 يونيو وسقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر.
في مقدمة الدول المهتمة بالتطورات والإنتخابات الرئاسية في مصر، الولايات المتحدة الأميركية ومن ورائها إسرائيل اللتين ترفضان بشدة تولي السيسي منصب رئيس الجمهورية كونه شبيه عبد الناصر، ويسعى لأن تكون مصر قوة كبيرة نامية تمتلك حريتها وقرارها، بالإضافة الى تحريرها من قيود التبعية للولايات المتحدة، والعودة بمصر إلى إنتهاج سياسات قومية داعمة لقضية فلسطين ومقاومتها في مواجهة الإحتلال الصهيوني، وخوفها من أن ينفذ السيسي وعده بمساندة مصر لكل الجيوش العربية وشعوبها فى حربهم ضد فرض الخريطة الأمريكية على المنطقة، لأن الإدارة الأمريكية لا تقبل بوجود حاكم قوى مستقل في الشرق الأوسط يدعم القضايا والهوية العربية.
وفي سياق متصل تنظر إسرائيل بقلق إلى التوتر القائم بين مصر وأمريكا بسبب إصرار إدارة أوباما على معاقبة القاهرة بعد إقصاء الإخوان عن الحكم، ومصدر القلق الإسرائيلي أن مصر يمكن أن تتجه نحو دعم علاقاتها مع روسيا والصين بما يخلصها من ضغوطات واشنطن، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على معاهدة السلام، والتعاون الأمني بين مصر وإسرائيل، وتشعر إسرائيل بالرعب والتوتر من أن يتوجه السيسي نحو المطالبة بتعديل إتفاقية السلام للسماح للقوات المصرية بالبقاء في المواقع التي تقاتل فيها في شمال سيناء
كما إن إستعادة مصر لعلاقاتها القوية مع قوى عظمى مثل بكين وموسكو حتى لو لم يسفر عن تغيرات كبيرة في السياسة المصرية حيال إسرائيل ومعاهدة السلام، فإنه يضع تل أبيب في مواجهة القاهرة بدون الوسيط والراعي الأمريكي بما يعضد من قدرة مصر على مساومتها في العديد من الملفات، خاصة الملف الأمني والفلسطيني، وأيضاً فيما يتعلق بالتعاون الإقتصادي في المناطق الغنية بالغاز على الحدود المشتركة بين مصر وإسرائيل، الأمر الذي يمكّن مصر من لعب دور إقليمي أكبر في مواجهة كل القوى الإقليمية الطامحة بمن فيهم إسرائيل.
وهنا يمكنني القول إن أمريكا تنظر إلى مصر كدولة وظيفية تستخدمها لتحقيق وحماية مصالحها، والحفاظ على أمن إسرائيل، وهو ما يُعد إهانة لمصر لا تليق بتاريخها، لذلك كانت ترفض محاولات تقدم مصر، بل كانت تحافظ على بقائها كدولة وظيفية لها قليل من الديمقراطية، وذات قوة قليلة، لذا إرتبكت أمريكا جداً في التعامل مع ثورة 25 يناير، وظهرت رغبتها في الإبقاء على حلفائها القدامى في المنطقة.
وأخيراً ربما أستطيع القول إن الرئيس المقبل لمصر سوف يقرر مصير وطبيعة وشكل العلاقات المصرية مع كل من أميركا وإسرائيل، والدول الغربية عموماً، وهو الذي يستطيع أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، وان ينتزع زمام المبادرة من أيدي إسرائيل المطلقة بقرار أمريكي منحاز وأن يبطل جميع التحالفات الهادفة لضرب مصر وتهميش دورها.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews